عَمَّان تتنفَسُ تحتَ المَاءِ ،تصْرخُ :إنِّي أغْرَقُ إنِّي أغْرَقُ


أشعرُ بحالةٍ مِن الألمِ والصدمةِ والذهولِ وأنا أشاهدُ عاصِمتي عمّان تغرقُ ؛وتقودُنِي "الفِطرَةُ لأكتشفَ تفوّقَنا علي بَنِي جِنسِنا في مهارةٍ لا يُجيدها أحدٌ غيرُنا ألا هِيَ : "هزُّ الرؤوسِ" إيمانًا منّا بأنّ كلّ شيءٍ يَمشي بالبركةِ ،طالما أنَّ المسؤولَ يقولُ :[كلُّ شيءٍ تمام سيديٍ].

أقلِّبُ في ذاكرتي صورةَ ما حدثَ لعاصِمتنا الحبيبةِ عمّان وغيرِها مِن مدنِ المملكةِ وفي مقدمتِها عروسُ الشمالِ إربدَ وأتساءلُ مُندهشًا : هلْ هذهِ هيَ عاصمتُنا بالفعلِ ؟!أمْ أنَّ يدَ الغدرِ قدْ عبِثت في جسدِها الندِيِّ ؟ فشوَّهتْ صُورتَها أيدي الفاسدين ومصَّاصي الدماءِ وتجارِ الموتِ وعشّاقِ البيروقراطيةِ وباعةِ الكلامِ وخونةِ المشاريعِ ؛لأكتشف صِدْقَ المَثلِ الشعبيِّ القائلِ :"مِنْ بَرَّا الله الله، ومِنْ جُوَّا يِعْلَمْ الله".

فبعدَ الفضيحةِ المدوّيةِ ،تضاربتْ وتناقضتْ حولَها التحليلاتُ والتفاسيرُ ،ذهبتْ الأمانةُ كعادتِها إلى أسلوبِ المراوغةِ بعللٍ وأسبابٍ أوْهَى مِنْ بيتِ العنكبوتِ مِن أجلِ تغطيةِ فشلِها الذريعِ الذي مُنِيت بهِ وخلَّفته سياساتُها الفاشلةُ ؛وأخذتْ تلوِّحُ بأنَّ المسؤولَ عنْ ما حلَّ بالعاصمةِ مِن مصائبَ وكوارثَ همْ المواطنون ،الذين افتعلوا الأزمة المرورية ،وهم من سرق أغطية المناهل ،وهم من ألقى العلب الفارغة والأتربة وأوراق الشجر في المناهل ،وهذا ما حدث في العام الماضي ،عندما قام بعض المهووسين مِن شبابِ الموالاة - حَسْبَ ادعائِهم - وحمَّلوا الأخوان المسلمين المسؤوليةَ عنْ المنخفضِ الجويَّ الذي شهدتهُ المملكة ،لأنَّهم يقيمون صلواتِ استسقاءٍ سرًا ،وانَّ هذه الصلوات هي السبب الرئيسي وراء المنخفض الجوي ؛وطالبوا الحكومة بعدم السماح للإخوان بإقامة صلواتِ الاستسقاءِ – نسألُ اللهَ أنْ لا يؤاخذَنا بما فعلَ السفهاءُ مِنِّا ،إنَّه ولِيّ ذلكّ والقادرُ عليهِ!!

يكفي ردًا على تضليلاتِ الأمانةِ وأباطيلِها المخزيةِ ،أنَّ أمينَها العامّ صاحبَ الاستعراضِ المَسرحِيّ الشهيرِ أمامَ عدساتِ المصورين ،واجهَ الكارثةَ بببرودِ أعصابٍ وبلا تأنيبِ ضميرٍ عنْ طريقِ اختلاقِ الحججِ والذرائعِ الواهيةِ ،لتبريرِ خيبتِه فهو خيرُ خلفٍ لخيرِ سلفٍ.

إنَّ ما حدثَ للعاصمةِ عمَّان وغيرِها مِن مناطقِ المملكةِ ،لهو البرهانُ القاطعُ الذي كشفَ سوءَة الأمانةِ والبلدياتِ للعَلَنِ ،ويؤكدُ على الفسادِ القائمِ والفشلِ الذريعِ المُطلَقِ ،فالأحداثُ التي وقعَت كشفتْ أنَّ الرجالَ لمْ يكونوا يَصلحُوا إلَّا للجلوسِ في القاعاتِ المكيَّفةِ ،وتحتَ عدساتِ الكاميراتِ التي تنقلُ كذبَهم ،واستخفافَهم الفرعونِيّ بالناسِ ،أمّا المِحَنُ والمصائبُ التي تقتضي الجِدَّ والعملَ الناجعَ والسياساتِ الرشيدةَ ،فلا مجالَ لهم فيهِ لأنَّ الأمانةَ خارجَ مجالِ التغطيةِ ،التي يفتكُ بها وللأسفِ الشديدِ الفسادُ ،وما حدثَ سيظلُ على الحالِ نفسِه لسنواتٍ قادمةٍ ،نتيجة حتمية لتعاقبِ أزمةِ الرجالِ النزيهين الذينَ افتقدتهم الأمانةُ منذُ تأسيسِها، والكوارثِ المختلفةِ التي ستترك السيناريوهات والفضائحَ نفسَها تتكررُ.

وأعتقدُ أنّ كلّ مَنْ يحلبُ في إناءِ هذهِ الطغمةِ الفاسدةِ "حمالة الحطب" سيجدُ نفسَه يومًا أمامَ تاريخٍ يُعرِّي سوأَته إلى حدٍ يخجلُ مِن نفسهِ.

لقد عمّ الفسادُ وطمّ ،فهلْ نحن بحاجُة إلى قنواتٍ لصرفِ مياهِ الطوفانِ التِي بلا شك ستتكررُ وستعودُ معهَا مشاهدُ البؤسِ والمأساةِ ؟ أم أنَّنا في أمسِ الحاجةِ لقنواتٍ أخرى جادةٍ مِن خلالِها يتمُّ تصريفُ هؤلاءِ المسؤولين قبلَ فواتِ الأوانِ؟

المآسي التي تضربُ شعبنا الأردنِيّ سواء كانت طبيعيةً أو سياسيةً تؤكدُ حاجتنا إلى تطهيرِ وطنِنَا مِن الفاسدين ، ولا نقولُ ذلك على أساسِ أنّ النظامَ لم يستطعْ ردَّ قدرِ اللهِ وحكمته البالغة لو تدبرناه بقلوبٍ مؤمنةٍ ،التي فضحتْ وعرَّتْ الفاسدين، وإنَّما نحاسبُ الحكومةَ التي لمْ تقدرْ على مواجهةِ الآثارِ وإنقاذِ الناسِ ،وترى كيفَ يكونُ الحالُ لو أنَّ الأردنَّ كانَ يقعُ في منطقةِ تهددُها الأعاصيرُ لا قدَّر الله؟!!

وهنا نجدُ أنفسنَا نرددُ سؤالاً ونتركُ الإجابةَ عليهِ لمصابي الأردنّ .هلْ نحنُ بحاجةٍ لقنواتٍ تصريفِ هؤلاءِ المسؤولين امْ أننا تغردُ خارجَ السربِ؟! وللحديث بلا شك موعد آخر بانتظار الفضائح التي ستكشفها المنخفضات القادمة بمشيئة الله.
Montaser1956@hotmail.com



تعليقات القراء

معك انها تغرق
لكن لا تتنفس تحت الماء
09-11-2014 09:47 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات