سيناء تقود مصر الى الهاوية


جملة من التحديات تطفو على السطح في مصر قادرة على إلحاقها بركب (الفوضى الخلاقة) كما بشرت بها سيئة الذكر( كوندليزا رايس) ذلك إن لم يحسن التعامل معها, وللأسف, فان المتابع للشأن المصري يدرك ان هذه التحديات تدار بطريقة سيئة وان مصر أضاعت, كما شقيقاتها, العراق, سوريا, اليمن, وليبيا, اتجاهها وفقدت أولوياتها, وباتت امة تبحث عن نفسها وسط الكثير من الجثث والدماء والدمار والذي وان استمر, سنبكي القاهرة كما بكينا بغداد ودمشق وصنعاء من قبل.

شكلت سيناء في الوقت الحاضر اكبر هذه التحديات, وتخبط النظام بإدارة ملفها, وتعامل معها كتحدياً امنياً, حيث اوجد بذلك عدواً داخليا من أبناء جلدته لا يقل عن العدو الإسرائيلي المتربص به ليلاً ونهارا, ولمن لا يعرف سيناء, فهي شبه جزيرة صحراوية وتمثل الجزء الشرقي من مصر وتبلغ مساحتها ما يزيد عن 60,000 كم مربع, أي ما يزيد عن مساحة( لبنان وقطر والكويت والبحرين) مجتمعة, ويقطنها ما يزيد 600,000 نسمة موزعين 500,000 نسمة في محافظة جنوب وشمال سيناء , و100,000 نسمة في المنطقة الغربية, حيث يتركز السكان في شمال سيناء اكثر من غيرها من المناطق, و98% من سكان سيناء ينتمون الى عدة قبائل من البدو ينحدر قسم منهم من قبائل من جنوب فلسطين كبئر السبع وغيرها.

منذ استعادة سيناء, بعد اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية بين عامي(1980-1988 عودة طابا) وحتى الثورة المصرية في 2011, لم تتبنى الحكومات المصرية المتعاقبة خطة تنموية شاملة قادرة على النهوض بسيناء واكتفت الحكومات المركزية في إنشاء المنتجعات في الجنوب, كشرم الشيخ وطابا والغردقة وغيرها, وتناست شمال سيناء ذو الأغلبية السكانية حيث الفقر والجهل المدقع, فتشكلت بذلك حاضنة خصبة لكل إشكال التطرف من جماعات تكفيرية, ومهربين للأسلحة والمخدرات, والخارجين عن القانون.

على العكس من المنطق, فبدل من إيجاد حلول اقتصادية وتنموية تشمل كل جوانب الحياة في سيناء اتجهت القوى الأمنية من جيش وقوات امن الى الحل الأمني المتمثل بالملاحقة والقتل والتشريد وكافة أنواع العقوبات الجماعية لتجد القاهرة نفسها(ألان) على صفيح ساخن قد يسلخ سيناء عن مصر ولو بشكل معنوي, وهنا لابد من التذكير إن إنشاء المنطقة العازلة بين سيناء وفلسطين هو مطلب إسرائيلي يتم تحقيقه بايدي مصرية, سيكلف مصر الكثير وسيزيد من معاناة قطاع غزة المحاصر بالأصل من الشمال والجنوب .

تعتبر جماعة أنصار بيت المقدس الأكثر تأثيرا على الساحة المصرية, ويعود ذلك الى عدد من العمليات التي نسبت الى الجماعة في الآونة الأخيرة, الا ان الجماعة تم تشكيلها بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك, ويعتقد ان الجماعة خليط من البدو المصريين وبعض الجماعات الفلسطينية المنطوية تحت لواء ما كان يعرف بجماعة "التوحيد والجهاد" والتي تبنت بعض من العمليات التي تمت ضد السياح الأجانب في الفترة بين عامي(2004-2006) ويعتقد أنها أنشئت عام2001 من قبل طبيب أسنان من سيناء.

تعتمد جماعة أنصار بيت المقدس الفكر السلفي الجهادي, وهو الأقرب إلى فكر القاعدة, الا ان زعيم القاعدة الظواهري لم يعترف بالجماعة كفرع للقاعدة في مصر, وقد شكلت الجماعة عبء على الإخوان المسلمين اثناء حكم مرسي , كما شكلت تهديا لحكم العسكر حيث لا تؤيد الجماعة السيسي وتعتبره مرتدا عن الإسلام, تنبت الجماعة ضرب الصواريخ باتجاه إسرائيل كما تبنت أيضا تفجير خط الغاز المصري الإسرائيلي واعتبرت بيع الغاز للكيان الإسرائيلي خيانة للشعب المصري والفلسطيني.

تعتقد القيادة الأمنية المصرية ان أنصار بيت المقدس ما هي الا واجهة الجناح العسكري لحماس"كتائب عز الدين القسام", لهذا نجد ان القيادة الأمنية المصرية تتعامل مع غزة وحماس من منظور الأمن القومي المصري معتبرة حماس عدو لا يقل عن إسرائيل او حتى اريتريا, وان حماس تدعم الإخوان المسلمين في مصر ومن الواجب محاربتها(حماس) من القوات المسلحة المصرية والقيادة السياسية.

أي كان انتماء جماعة أنصار بيت المقدس, وأين كانت عملياتها إلا إن السيسي والقيادة السياسية الحالية تستخدمها (الجماعة) كغطاء لتبرير حملتها في سيناء, ومواصلة قمع غالبية الإخوان المسلمين, ومحاصرة القطاع وحماس, واستكمال الاستحواذ على السلطة وتبديل الأولويات .

سيناء ستقود مصر للهاوية وستقود جيش مصر لمعارك جانبية ومزيد من الاستنزاف بالإنسان المصري ومقدراته, ما يلزم سيناء هو محاربة الفقر والجهل والإقصاء, اكثر من إنشاء منطقة منزوعة لا تخدم الا العدو الإسرائيلي, هذا اذا ما زالت مصر تعتبر إسرائيل عدو.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات