المؤامرة والممانعة في خندق واحد!


الضربة الأمريكية التي طال انتظارها من قبل معارضي الأسد لأكثر من ثلاث سنوات حطت رحالها أخيراً لكنها استهدفت معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المصنف على قائمة الإرهاب، وليس نظام الأسد كما يشتهي الكثير من المعارضين، إلا أن الضربة العسكرية لاقت إستحساناً من قبل فئة واسعة من المؤيدين والمعارضين على حد سواء، عبرت عنه وسائل إعلام الطرفين.

الغارات التي شنتها قوات التحالف المكونة بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية من دول عربية حليفة، خرقت المجال الجوي السوري ونفذت ضربات دقيقة على معاقل التنظيم في دير الزور والرقة وريف حلب الشمالي، في خطوة تهدف إلى الحد من تقدم التنظيم الذي بات يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي السورية و العراقية. إلا أن المفارقة جاءت صاعقة ومفاجئة ليس من ناحية توقيت الضربة بل من طريقة تعاطي النظام السوري معها، إن كان عبر التصريحات الرسمية الصادرة عن وزير الخارجية وليد المعلم، أو تلك التي نشرتها وكالة الأخبار الرسمية "سانا" بالإضافة إلى التغطية الإخبارية للقنوات الرسمية التي هللت بالضربة، حيث توالت الأخبار التي نشرتها الوكالة الرسمية للتأكيد مراراً على أن الغارات جاءت بعلم دمشق المسبق، أي أن انتهاك السيادة السورية جاء بموافقة سورية حكومية ! عبّر عنها الإعلام الرسمي كالآتي؛ في الصباح الباكر قالت الوكالة الرسمية "سانا" إن واشنطن أبلغت مندوب سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري بالضربة قبيل ساعات على إنطلاقها، ثم حدّثت الوكالة أنبائها فقالت إن واشنطن أبلغت وليد المعلم بموعد الضربة عن طريق الحكومة العراقية، وأخيراً قالت الوكالة إن جون كيري شخصياً أرسل كتاباً للمعلم لإطلاعه على موعد الضربات، أما التصريح المفاجيء جاء على لسان وزير الإعلام عمران الزعبي الذي أكد أن الضربات لا تنتهك السيادة السورية كونها تمت من خلال قرار من مجلس الأمن! الإصرار الرسمي على رواية التنسيق والتعاون لا يدل إلا على حالة العزلة والضعف التي يعيشها النظام السياسي في دمشق والذي يريد على الأرجح منها حفظ ماء وجهه أمام مؤيديه، وخلق حالة وهم بأنه جزء من هذا التحالف ضد الإرهاب الذي طالما استجدى الدول الكبرى للإنضمام إليه.

ولو إفترضنا جدلاً أن الضربات تمت بموافقة دمشق وبالتنسيق معها، ماذا عن المبادىء والقيم التي برر من خلالها النظام وجوده لأربعين عاماً، ماذا سنقول للقوميين واليساريين والعروبيين الذين دافعوا عن نظام بعث الأسد ليل نهار واعتبروه نظام ممانعة ومقاومة للمشروع الصهيو - أمريكي، ماذا سنقول لمعارضي التدخل الأجنبي في سوريا، هاهو نظامكم يتعاون وينسق مع حلف الشيطان أمريكا؟! بل زد على ذلك أن هناك مصادر دبلوماسية أكدت أن ما تم من إستهداف لمواقع للتنظيم وجبهة النصرة في الأمس جاء وفق تحديثات قدمتها الاستخبارات السورية، وبذلك يصبح الجيش السوري وقوات التحالف في خندق واحد!

لكن هناك من يعتبر أن قرار دمشق لا ينتقص من سيادتها وأن تقديم التنازلات والسماح لقوى التحالف بانتهاك السيادة يأتي في سياق محاربة الإرهاب، ودليل على ذلك شن طائرات النظام السوري غارات جوية على عدد من المناطق في دير الزور على مواقع لمقاتلي المعارضة، مستغلة ضربات التحالف التي حتماً سيستفيد منها الجيش السوري لإعادة زمام الأمور على الأرض والقضاء على المجموعات المسلحة، بالمقابل يأمل الائتلاف وقوى المعارضة أن تتعدى الضربات الأمريكية التنظيمات الإرهابية وأن تطال مواقع عسكرية للنظام، خاصة أن واشنطن قدمت وعوداً بتسليح من أسمتها المعارضة المعتدلة، إلا أن هذا الأمل في الوقت الراهن يبدو أنه بعيد المنال جداً.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات