خواطر اردنية


عندما افتح نافذتي الحبلى بالورد والعطر وبزقزقة العصافير المحلقة في دواوين المتنبي وابو فراس الحمداني ولير منتف ومكسيم جوركي ورواية الام وكأنني ارى الخمرة تتساقط من على شفاه ابو نواس وبولدين فتجعل من مخدعي الساكن مزرعة يرسم على جدرانها الضوء والعبير وجدائل الياسمين والليل المخملي العماني ويتكئ على مخدتها الصباح وبرد الهواجر كالسكن في قارورة عطر ضمنها ولدت وحبوت وانطلقت احرفي الاولى منها , اشعر اليوم برسالة حب من السماء يجعل من التسكع على ارصفة الوطن المترع بالهم عملا ترفضه سمفونية الظل والضوء والرخام الرومانسي العبهري, وابجديتي الاردنية التي احملها في كل مناطق العالم وتنام في حضني على سرير واحد بعدما ادخل الوطن في غرفة التخدير وداسه الاف من المارين والعابرين , واحرفي المثخنة اعلم لا تقدم ولا تؤخر ولكن تحملني غيمة نحو لوحات مزروعة وراء منطقة انعدام التوازن الوطني تقترب المنطقة من الوضع الحرج لان آلام مخاض غير متوقع ولا أحد يستطيع ايقاف اندفاع المولود ولا أحد يستطيع التوقف على المنحدر الجلد .

على شواطئ وطني كنت أتجول في لحظات المغيب ومع إشراقة قرص الشمس بدل الجلوس في مقاهي تنابلة السلطان في الم الحاضر و صدر الماضي عبر ايام تلاشت وتسربل عبيرها تاجٌ قزحي ممزوجٌ بالأمل وبعطر الدم والعرق لبشر ظلوا يبحثون حتى في قلب الليل لم يعد يعنيهم الكون الورود والرياحين والبارود يترقبون الظلال وتتناثر بمخيلاتهم صور أقبية واماكن فجرت ذاكرة المكان , أوراق العمر تتساقط ونحن نسير في موكب جنائزي مهيب الكل يسقط حسب مسافة سيرة ونسير بهدوء مع فسيفساء من الآمال وبحر من الامل ، عند موعد الالتقاء بفكرة حتى صدر الغيوم الرمادية ومن على صهوات قمم الجبال نزيف الجراح قميص من العبير ومخدة من الدم .

وكم أتشظي حين أجلس امام التلفاز العربي الرسمي واشاهد استعراضات عسكرية و بنادق ورشاشات تثرثر بالميادين علاها الصدأ تحكي عن قصص خيالية تحاكي اللات والعزى واصنام القرن العشرين في زمن هو زمن الأبطال الاشاوس رجال غزة والانفاق واسود الانبار والفلوجة والشام لكن أن تصبح البنادق مثل البيادق هنا الطامة الكبرى وأن تنبت من فوهاتها الورود السود بدل شقائق النعمان أو تقف البنادق العربية على خلف الزعامات للاستعراض فقط كما الاسود المحنطة فمتى كانت البنادق تحنط مثل فراعنة مصر واشمئز من تقبيل شفاه البنادق التي نضبت من الرصاص فصارت عجوزا مثل القرارات العربية امام اسرائيل التي فقدت أسنانها واصابها الوهن ولا يمكنني أن أراقص البنادق التي ترهلت واصابتها السمنة من قلة الحركة فاعشق ان أطوّق بذراعيي البنادق ذات الخصور الضامرة الممشوقة الرشيقة من كثرة الترحال بين الخنادق والمعارك تخنقنا العبرات ونخنقها وتذيبنا ونذيبها يدها تضغط على فمي ويدي تضغط على فمها أمسك بثيابها وتمسك بثيابي يتحطم صهيلها على صهيلي . ويتكسر زئيري فوق زئيرها كما تتكسر الرعود اسفل البروق .

من قطعة ماضٍ جارف وانت تشعل النار بعينيك الناعستين لتساقط حبات المطر الاحمر فوق الجبين كلذة جمع الحطب لمواجهه ليل بارد قارص في نزوح سرمدي من الظلال نحو حقيقة غائبة نطرح بها أوساخنا عبر سنيين خلت نقف امام خيوط الشمس لكي نتطهر في هجير العمر وسكون الروح ودوي صرخة مظلومة في زوايا الكون وقطرة ندي في قلب ورده تتمايل مع نسمات الفجر الصادق لتعانق ظلال القمر والحقيقة المرة ان كثيرا من شهداء الحرية لهم نفس زمرة دمنا عندما تعود من رحلة الاستحمام في ابار العرب الاسنه, واجفان السحاب تصدم عصبك السابع , وليس مهمة الفراشة ان تضع على فم الزهرة , دفعة واحده من جميع ما جنته من رحيق متنقلة ما بين وعورة الجبل, والحقل, والسياج , حتى غدت الوردة الفيحاء عبوة منفجرة , و امتلأت القلوب مطرا اسود يضطرب على اصابعهم الجحيم ,وتداعب أشواكه النجوم وتقطع تنهداته عتمة الليل لتترك حينها العصافير البيادر في اوائل الشتاء .

وخرج من بطن الوطن اطفال عليه عوض الله والطريقة الرفاعية للتنميق الاعلامي ومص جذع المكان ومجلس نواب واعيان متنفع والكل ينهش, والفاسق القارح ,والبغي المتمرسة , ومباخر المعابد , والمفاهيم المتصلبة , بحق ابناء القرى اليابسة, والجباه العابسة ,والاعمال المتخشبة’ نقدا معياريا, يجعل من حب الوطن, سماء لا يعلوها سوى صوت الكرامة والحرية , وعندما تلد الفضائل سفاحا, وتستأسد العواقر ,ويعلو البغاث ,ويبصق على جذر الوطن, وعندما يتناوب الهمج واللمج والفاجرون على قصعة الوطن, يأكلون خير الزاد تاركين الفارغ منها افرغ وعندما يرقص المحتفلون وتضاء جبال رم من اموال الكادحين فاعلم انك عندنا في الاردن .

الحرية صرخة حرة ولحظة سحرٌ في جوف الأرض مدفون ، وقضبة من وطن تماثل قطرة ندى ساكنة في قلب نرجسة اردنية صحراوية اسمها الحرية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات