بيان لـ الحزب الشيوعي الاردني


جراسا -

قبل يومين أفصح الرئيس الامريكي عن استراتيجيته لمحاربة "داعش". وكانت الادارة الامريكية قد استبقت ذلك بالاعلان عن تشكيل ائتلاف من أربعين دولة، مستثنية منه، عن سابق اصرار وتعمد، دولاً، كروسيا وايران وسوريا، في خطوة بالغة الخطورة تؤشر الى ان أطرافاً رئيسة في هذا الائتلاف تضمر أمراً آخر مسكوت عنه اليوم يتجاوز الهدف المرسوم والمعلن لهذا الائتلاف وهو محاربة "داعش" واقتلاعه من العراق، دون استبعاد سوريا، واستئصال شأفة ارهابه الدموي الذي تجاوز كل حدود وفاق أي تصور.

إن أخطر ما في هذه الاستراتيجية، أنها أعلنت، دون خجل أو تحرج، ان المواجهة مع "داعش" ستتم دون التنسيق مع الحكومة السورية، بل وبالاعتماد على منظمات يحلو للادارة الامريكية ان تطلق عليها صفة "المعتدلة"، ومواصلة تقديم الدعم متعدد الاشكال والوجوه اليها، رغم ان سلوكها ومواقفها على مدى سنوات أربع تؤكد انها لا تقل تطرفاً او دموية او تكفيراً للآخرعن "داعش".

وهذا ما يدفعنا ليس فقط الى التشكيك في نوايا وتوجهات واشنطن وعدد من العواصم الغربية والعربية وفي مدى صدقية وجدية التوجهات المعلنة لتصفية "داعش" بل وأكثر من ذلك في استشعار خطر التدخل العسكري الامريكي والاطلسي الذي يجري التحريض عليه بدأب ومثابرة من جانب بعض الانظمة الرسمية العربية المعروفة بقصد الاسهام في تعديل موازين القوى العسكرية في سوريا لمصلحة الجماعات المسلحة المرتبطة بها والمتواطئة مع اهدافها واطماعها التي تتناقض بشكل تام مع مصالح الشعب السوري وتطلعاته الوطنية وتوقه للحفاظ على دولته الوطنية واستقلالها وضمان سيادتها على كامل اراضيها وثرواتها.

وفي ضوء التدابير التي تعكف الادارة الامريكية والبنتاغون على اتخاذها في سياق تنفيذ مضامين الاستراتيجية الامريكية لمحاربة "داعش" يتضح تماماً أن منسوب التوتر في المنطقة آخذ في التصاعد، وأن العنف المضاد الذي ستمارسه آلة الحرب الدموية الامريكية والاطلسية، وان كان رداً على عنف الجماعات الارهابية المسلحة، قد يلحق الاذى بالارهابيين، لكنه لن يحاصر الارهاب ولن يستأصله عن اجواء المنطقة، بل على العكس سيمده بمزيد من عناصر ومقومات الديموية والاستمرار.

ولو كانت الادارة الامريكية جادة في القضاء على الارهاب، وليس فقط في تحجيم بعض الجماعات الارهابية، التي تتجاوز الحدود المرسومة لها، لاتبعت استرتيجية مغايرة للاستراتيجية التي اعلنها الرئيس الامريكي، ولكانت الاصطفافات السياسية مختلفة تماماً عمّا نشهده ونتابعه، ولأوقفت الدعم، تمويلاً وتدريباً وتسليحاً، عن جميع الجماعات الارهابية والمتطرفة، وليس عن داعش فقط.

ان انكشاف حقيقة نوايا أمريكا، في ضوء الاستراتيجية التي أعلنها رئيسها، وفي ضوء التجارب المرّة التي مرت بها شعوبنا العربية على مدى عقود طويلة من صراعها مع الدسائس والاطماع الامبريالية في الهيمنة والتوسع والاستحواذ على ثروات شعوب المنطقة والسعي الدؤوب لمحاصرة الدول والقوى التي تتصدى لهذه المخططات والدسائس، يجب ان يردع الحكومات العربية، ومنها الحكومة الأردنية، عن الانخراط في تنفيذ المخططات العدوانية للدوائر الامبريالية الامريكية والاطلسية وعن التواطوء معها في تحقيق غير المعلن من أهداف استراتيجيتها التي لن تقتصرها، في ضوء كل الدلائل والمؤشرات، على مكافحة ارهاب "داعش".

واستناداً الى ما سبق، فان حزبنا يعلن رفضه القاطع بان يكون بلدنا، الاردن، مقراً لأي ترتيبات عدوانية تستهدف أي بلد عربي وشعب شقيق، وأن لا تنجر بأي شكل من الاشكال الى ما هو ابعد للتصدي للأرهاب وجماعاته، على ان لا ينحصر ذلك في التدابير الامنية والعسكرية فقط، بل ان يتجاوز ذلك الى اتخاذ جملة من الاجراءات العاجلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك الفكرية والثقافية والاعلامية المستندة الى أوسع تحالف شعبي مدني وديمقراطي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات