أزهى عصور الكآبة !


خاص - أدهم غرايبة – كان أسبوعا ثقيل الدم حقا , فقد تخللته مزحات سمجه وثقالة دم لم نعد نحتملها .

الأسبوع الفائت إحتفلت الخيبة ببلوغها سن الرشد حينما لم يتورع أعضاء مجلس " الأمه " عن إقرار رواتب تقاعدية لهم طيلة الحياة , وبأرقام كبيره لا يستحقون منها شيئا , و كان من الطبيعي – و حال نواب الأمة بالحالة تلك – أن يرافق ذلك القرار التاريخي - قرار أخر في سياق الخيبة الكبرى - بإغتيال الشهيد فراس العجلوني من كتب وزراة التربية والتعليم في الأردن ويتم تمريه دون أن يحتد وزير التربية المحترم الذي وعدنا بإسترداد هيبة التعليم في الاردن, فكيف تستقيم هيبة دولة تغتال شهداءها من " كايد العبيدات " الى " هزاع المجالي " مرورا ب " موفق السلطي " و " فراس العجلوني " وصولا الى " وصفي التل " ؟!

جوهر ما حدث يستكمل مسيرة الخرابين المعنوي و المادي في بلدنا , سيما أن المشهد بات مضحكا حتى البكاء و يعفي أي متعاطي من حاجته لأي جرعة لتغيب عقله بفعل تغييب الضمير الذي أصاب عموم مراكز الدولة و المجتمع بأسره تاليا .

مصيبة ما يحدث في جلسات مجلس " الأمة " - و خصوصا النواب - كوم , وجلسة إقراره للراتب التقاعدي كوم أخر. فمعشر أصحاب السعادة لم يفلحوا في إستعادة فلس أحمر من مليارات الدنانير التي تبخرت بفعل لهيب الفاسدين ولو أنهم فعلوا لطالبنا بأن تكون رواتبهم ضعف ما شرعوا لأنفسهم!

ملهاة إقرار التقاعد إياه جاءت بعد أيام قليلة على تحذيرات وزير الماليه من رفع رواتب المعلمين خشية من إفلاس الدولة , و خلو ميزانيتها . و هاقد تبين أن الميزانية لا تفرغ إلا حينما يتعلق الأمر برفاه الشعب, إذا افترضنا أن زيادة المعليمن ستحقق لهم رفاها أصلا. مع ان هناك العشرات ممن يحظون بعشرات الاف الدنانير شهريا كرواتب فضلا عن مخصصات بمئات ملايين الدنانير لمجرد اسمائهم و القابهم غير الدستورية , برغم أنهم لا يشغلون اي وظائف , و لا ينفعون البلد بشيء و كل ميزتهم انهم " أشراف " , و كأن باقي الشعب "ابن حرام" !

مصيبة ما حدث بالنسبة لي أنها تضفي مزيدا من التلوث على سمعة مجلس النواب تحديدا و ترسم المشاركة الشعبية بأقتم الألوان ,و تغرقه أكثر في وحل الشبهات, و تعزز صورته السلبية في فكر الناس , ما يعني أن أي إنتخابات نيابية قادمة ستؤدي نتائجها الى مزيد من الخيبات , حتى لو جرت على أفضل قانون انتخابي في العالم . فالطامح لتمثيل الشعب ما هو إلا كاذب – بنظر الناس - يسعى لمصلحته الذاتية , و يرغب بتأمين مستقبله عبر الراتب التقاعدي . و هكذا تصبح النيابة شبه يأباها كل عزيز نفس على نفسه , فيضطر للإنكفاء , فيما لا يتورع غيره من الترشح دون الحاجة لاي برنامج انتخابي , و دون تحميل نفسه مشقة أي موقف او التزامات تجاه ناخبيه .

الأخطر من ذلك أن شبهات الفساد إنتقلت اليوم من الأسماء التقليدية المعروفة في السلطة التنفيذيه و توابعها الى السلطة التشريعية و الرقابية التي إنتخبها الناس، و بذا تنعم أسماء كبار الفاسدين بهدنة طويلة , و تريح نفسها من مدافع تهم الناس – حتى و إن كانت تشبه مدافع رمضان ! – ليصوب الناس قذائفهم نحو من خرج من بينهم و يشرع بأسمهم !

جوهر فكرة الحصول على راتب تقاعدي تستند الى أن أنك تسترد ما يقتطع من راتبك اثناء خدمتك الطويلة , و يرد اليك في فترة أرذل العمر كي تغطي نفقات علاجك و شيخوختك حينما ينفض ابنائك من حولكم و ينصرفوا لهمومهم تحت و قع الغلاء الكارثي , ما يغيظ الناس أن خدمة أربع سنوات – يمكن أن تكون أقل بحسب رغبة الملك ! – لا تستحق راتبا خياليا , سيما أن النواب و الأعيان لا يفيدون البلد بصحن حمص ! بالأخص أن هؤلاء يحظون برواتب لائقة طيلة فترة خدمتهم التي بالأساس يتغيبون عنها أو يسخرونها لغاياتهم الشخصية !

من غير المنطق أن يقف المعلم – مثلا - في الصف طيلة 25 عاما و يستنشق كلس الطباشير و تستنزف أعصابه أمام كل هذه الأجيال ويحظى طيلة خدمته براتب هزيل ثم يحظى لاحقا براتب تقاعدي لا يكفية لدفع فواتير الدولة , فيما الذين خرجهم من وزراء و نواب ينعمون بكل هذه " الخيرات " التي اصبح قانونا بائسا يضمنها لهم فضلا عن " بركت " ايديهم ! .

حسنا .لنأمل أن قانون تقاعد أعضاء مجلس " الامة " لن يمر , و لن يصادق عليه الملك مثلما سبق أن فعل . الحكومة تريد دغدة اطماع هؤلاء لتمرير صفقات كتيرة مؤذية اكثر من الرواتب , كالتزود بالغاز من فلسطين المحتلة , و استحقاقات مواجهة داعش , و موجة رفع الاسعار القادمة , و الموازنة , و تستغل قانون التقاعد كطعم وهمي .

يا الهي , في الوقت الذي يشرع النواب والأعيان لأنفسهم قانونا يمنحهم راتبا معتبرا , اتسأل ما هو الراتب التقاعدي لعائلة الشهيد المغتال فراس العجلوني الذي أستشهد لأجل عروبة فلسطين , ولأجل اردن يؤمن به وبمؤسساته و مقدراته ؟!
السؤال للمقارنة و ليس للتشبيه حتما !



تعليقات القراء

انس سمارة
عزيزي ادهم
بلد مثل الاردن ما قدرت تنجب نس مثل وصفي
بشوفك بكل مقالات تذكرة
الا يوجد في بلدي من هو بفكرة
يعني لويش بنبكي على الاطلال و ما المانع ان تظهر قيادات تتبنى فكر وصفي

ايضا هل من الممكن الوقوف على افكار و آراء وصفي في كتاب معين شامل
14-09-2014 11:03 AM
اردني avdt
مجلس يمثل نفسه ويبتز الحكومة والحكومة تبتز المجلس لتمرير ما تريد دون معارضه .

مسرحية مل الشعب الاردني من رؤيتها ، والله ليأتي يوم سوف يندم هؤلاء على كل خنجر وضعزه في خاصرة وطننا .
14-09-2014 11:32 AM
مأمون محمد غرايبه
و بيطلع الشهم صاحب الاخلاق الحميدة و يرفض اقرار الراتب التقاعدي و يكافئة الشعب بتشكيل الحكومة القادمة.. الجزء الثاني من حياة البطل المناضل ابو زيد سمير زيد سمير الرفاعي
14-09-2014 01:19 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات