داعش تعيد شرعية الأسد!


إنتهى مؤتمر "أصدقاء سوريا العرب" في جدة بنتيجة واحدة وهي عدم التعاون مع نظام الأسد لمحاربة الإرهاب وتحديداً إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" دون تقديم المشاركين رؤية أو حلول عملية لاجتثاث التنظيم والحد من إرهابه، في وقت يتمدد فيه التنظيم في مناطق عدة ويسيطر على كامل محافظة الرقة بعد معارك عنيفة خاضها مؤخراً ضد وحدات الجيش السوري في مطار الطبقة العسكري وأسفرت عن مئات القتلى من الطرفين.

إلا أن التصريحات الصادرة عن الائتلاف الذي قال بعض أعضائه أنه لم توجه لهم دعوة رسمية لحضور المؤتمر في جدة! ، تدل وبشكل قاطع على وجود مخاوف من تغيّر مواقف الدول العربية والغربية التي طالما نادت بسقوط الأسد، في ظل تسريبات نشرتها صحيفة الاندبندنت مؤخراً تشير إلى تعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية والنظام السوري في توجيه ضربات عسكرية لتنظيم الدولة في سوريا، وذلك على الرغم من التطمينات التي أرسلتها بعض الدول الأوروبية وهلى رأسها ألمانيا بعدم نيتها التعاون مع الأسد في محاربة التهديدات المتعلقة بالتنظيم.

المفارقة الكبرى في موضوع محاربة الإرهاب تكمن في التصريحات التي صدرت عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي أعلن فيها صراحة ترحيب نظامه بالتعاون مع بريطانيا والولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب رغم اتهام نظامه لهما ولمدة ثلاث بأنهما راعيتان للإرهاب ويقودان مؤامرة ضد بلاده، ما يدل على إفلاس النظام السوري، واستعداده للتعاون مع من قاد المؤامرة ضده في سبيل فك عزلته، وإعادة إنتاج نظامه بحجة مكافحة الإرهاب.

تنظيم الدولة "داعش" الذي لا زال الغموض يحيط به وتمدده بتلك السرعة واستولى على مدن ومطارات وحقول نفط، وارتكب جرائم ضد الإنسانية، أوصل أصحاب القضية "السوريون" والعرب إلى خيارات محدودة وهي إما داعش أو نظام الأسد الذي بدوره قتل ربما أكثر مما قتل التنظيم، ودمر مدناً بأكملها وهجر الملايين، إلا أن البعض أصبح يرى في بقاء النظام الحل الوحيد للحفاظ على ما تبقى من سوريا، خاصة الأقليات الدينية والعرقية التي أصبح وجودها مهدداً.

في موازاة ذلك هناك سيناريوهات محدودة حاليا للحد من انتشار الإرهاب، أولها، توجيه ضربات عسكرية أمريكية لتنظيم الدولة بالتعاون مع النظام السوري، وإعادة السيطرة على المناطق التي خرجت عن السيطرة تدريجياً، وربما امتداد العمليات العسكرية لتشمل تنظيمات أخرى محسوبة على الثورة، منها الجبهة الاسلامية وجبهة النصرة، وبذلك يعيد العالمان العربي والغربي الاعتراف بنظام الأسد، خاصة أن الحديث عن المعارضة السورية والائتلاف قلّ مؤخراً ولم يعد هناك أي ذكر لتلك المعارضة.

السيناريو الثاني، قد تطلب إيران من الأسد التنحي عن السلطة، تماما كما أمرت نوري المالكي، وتسليم القيادة إلى شخصية سياسية متوافق عليها نسبياً كنائب الرئيس السوري السابق فاروق الشرع، وبذك لا تبقى هناك ذريعة لوجود تنظيمات مسلحة في سوريا بحجة إسقاط الأسد، بالتزامن مع عمليات عسكرية أمريكية تقضي على معاقل تنظيم الدولة والمجموعات المسلحة الأخرى إلا أن هذا السيناريو هو الأقل حظاً.

السيناريو الثالث، هو تقسيم سوريا على أساس طائفي عرقي، إقليم كردي مستقل في الشمال، مناطق خاضعة للسنة في مناطق ريف حلب وحماة وجنوباً في ريف درعا، ومنطقة تحت سيطرة الأسد تمتد من الساحل مروراً بمدن حمص وحماة وصولاً إلى دمشق. وهذا السيناريو لا يتم إلا بمباركة الغرب ودول إقليمية وعلى رأسها تركيا.

وتبقى السيناريوهات المطروحة محدودة في ظل تغييرات دراماتيكية في موازين القوى على الأرض يرافقها تقلبات في المواقف السياسية للدول العظمى التي أصبحت مكافحة الإرهاب أولويتها الوحيدة، خوفاً من إنتقال العدوى إلى بلدانها خاصة أن هناك أعداداً كبيراً من مدعي الجهاد في سوريا ممن قدموا من أوروبا وأمريكا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات