بيان لـ "الوحدة الشعبية الديمقراطي"


جراسا -

عقدت اللجنة المركزية لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني دورتها العادية " دورة الوفاء للصمود والشهداء " بتاريخ 21/آب/2014، حيث تناولت بالبحث والنقاش التقرير المقدم من المكتب السياسي للحزب والذي احتوى العديد من المحاور وعلى رأسها الواقع التنظيمي الداخلي وتطور بنية الحزب والكادر والتوعية والتثقيف وأداء لجنة الرقابة الحزبية، وقامت اللجنة المركزية بعمل قراءة نقدية حددت معالم النجاح ومواضع الضعف وحددت آليات تطوير العمل الحزبي الداخلي والأطر الجماهيرية والديمقراطية المحيطة بما يساهم في تعزيز حضور وفعالية الحزب في الحياة السياسية على الصعيد الوطني وداخل مختلف القطاعات الاجتماعية والجماهيرية، حيث سجلت اللجنة المركزية تطوراً مؤسسياً ملحوظاً في تناول ومتابعة العديد من الملفات والقضايا الوطنية المحلية وكذلك القضايا القومية وبشكل خاص القضية الفلسطينية.

الواقع الوطني:
منذ أن شكل الدكتور عبدالله النسور وزارته الأولى في 11/10/2011، ثم وزارته الثانية مع تعديلها الثاني في 21/8/2013، وحكوماته تتخبط في سياساتها الخارجية التي صبغتها ظواهر التكتم وعدم الوضوح والشفافية في مسار يرتهن بمسايرة سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، إضافةً إلى إرضاء الدول النفطية الخليجية، وتتضح الأمور بشكل جلي عندما يكون الحديث عن مساوقة السياسات التي تستهدف سورية، فمن حضور مؤتمرات ما يسمى " بأصدقاء سورية "، إلى التصويت الأخير في مجلس الأمن مع مشروع القرار الفرنسي الهادف إلى تحويل النظام السوري إلى محكمة جرائم الحزب الدولية، مروراً بتدريب ما يسمى بالمعارضة السورية على الأراضي الأردنية، إضافة للتغطية والمشاركة العملية في تمرير شحنات الأسلحة القادمة من دول الخليج والدول الأوروبية وأمريكا إلى أعماق الأراضي السورية، وانتهاء بالمناورات المشتركة مع الدول التي تشارك في التآمر على سورية (الأسد المتأهب).

كما ميّزت السياسة الخارجية الأردنية منهج عدم الجدية والاكتفاء بالشجب أحياناً في مواجهة السياسات والممارسات القمعية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة سواء ما يجري من أعمال تهويد في القدس أو الاعتداءات اليومية على المقدسات الإسلامية والمسيحية والمشاريع الاستيطانية وقضم الأراضي في الضفة الغربية، وزادت حكومة النسور على كل ذلك، سعيها لعقد اتفاقات مع الكيان الصهيوني للتزود بالغاز المنهوب من فلسطين. إضافة إلى السماح بدخول البضائع المنتجة في الكيان الصهيوني للسوق الأردنية فيما تضيق وتمنع منتجات الدول العربية من الدخول للسوق الأردنية.

ومارست حكومات النسور سياسات داخلية أكثر تخبطاً وارتهاناً للإملاءات الخارجية، فالأزمة الاقتصادية العامة بالأردن والتي تتضح بشكل جلي مع استمرارية ارتفاع وتراكم الديون الخارجية والداخلية والعجز بالميزانية العامة للدولة، وارتفاع التضخم المالي دون سعي جدي من الحكومة لوضع السياسات والبرامج لحلول مؤقتة أو طويلة الأجل لمعالجتها، حيث لا زال استسلامها أمام إملاءات وتعليمات كل من صندوق النقد والبنك الدوليين القاضية برفع الضرائب وإزالة الدعم عن المواد الأساسية وتقليص خدمات الدولة لمواطنيها، والاستمرار في فرض ضرائب جديدة لتمويل المصاريف الحكومية من جيوب المواطنين، وخاصة الفقراء منهم. فالقرارات الأخيرة بزيادة الضرائب على مواد إستهلاكية أساسية وتعديل شرائح الإعفاءات الضريبية باتجاه زيادة الأعباء الضريبية على متوسطي الدخل من المواطنين، بدلاً من رفع الضرائب على أرباح الشركات الكبرى (كالبنوك وشركات الاتصالات والتأمين والشركات المساهمة العامة... إلخ).

في الوقت الذي تبدي الحكومة عدم مبالات لمتابعة قضايا الفساد المالي، بل تسير بمنحى عقد صفقات " إنقاذ " لتسوية قضايا الفساد الكبرى على حساب حقوق الوطن والشعب من الأموال التي تم اختلاسها أو تبديدها بإجراءات وعقود وامتيازات تشوبها ممارسات فاسدة لمصلحة متنفذين في الدولة.

لقد أظهر تقرير اللجنة الحكومية لتقييم التخاصية التي تمت دون رقابة أو شفافية وشاب بعضها " مخالفات قانونية واستخدام للسلطة التقديرية غير منسجم مع روح القانون والممارسات الفضلى من جهة أخرى.. " ومع ذلك لم تتحرك حكومة النسور لمتابعة مخرجات اللجنة المذكورة ومحاسبة الفاسدين وتصويب أوضاع المؤسسات التي تم خصخصتها وإلغاء العقود التي شابها الفساد، وإعادة المال العام إلى الدولة، الأمر الذي يقلل من الدين العام ويخفف عن المواطنين أعباء زيادة الضرائب، فالأوضاع الاقتصادية المتردية انعكست سلباً على نسبة البطالة في أوساط الشعب.

لقد فاقمت حكومات النسور المتعاقبة الأمور بإنكفائها عن الإصلاحات السياسية، حيث امتنعت عن تقديم قانون معدل للانتخابات النيابية وتقدمت لمجلس الأمة بتعديلات مشوهة لقانون الأحزاب، وعادت إلى أجواء قمع الحريات بتقديم ناشطي الحراك إلى محاكم أمن الدولة، وكذلك قمع الصحافة وحجب المواقع الإلكترونية بحجة " قوننتها ".

لا يفوتنا هنا بأن نؤكد على أن كل ذلك لا يجري بمعزل عن المعارضة الشعبية وإن لم تكتسب الطابع الجماهيري بعد، فالإضرابات العمالية في قطاعات واسعة من المتضررين من السياسات الحكومية المختلفة نشطت في الأشهر الماضية (إضرابات عمال الفوسفات، الكهرباء، مهندسي مصفاة البترول، اتحاد مزارعي غور الأردن... إلخ)، كما أن الحركات الشعبية ضد سياسات الدولة وبأشكال مختلفة مستمرة.

حدد الحزب رؤيته وبشكل دقيق من خلال توصيف هذه الحكومة، بحكومة الردة عن العملية الديمقراطية والتراجع عن الاستجابة للمطالب الشعبية بإصلاحٍ سياسي، أضف إلى ذلك فإن المسيرة الاقتصادية لهذه الحكومة التي ورثت عن حكومة الدكتور فايز الطراونة اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، هذه المسيرة التي تخلت فيها الحكومة عن دورها في عملية التنمية وسارت نحو مزيد من تحرير التجارة ومزيد من رفع الدعم عن السلع، الأمر الذي فاقم من مشكلات البطالة والفقر وفاقم كذلك من مشكلات المديونية، بحيث اكتسبت بجدارة صفة حكومة الجباية.

هذا التقييم دفع الحزب لاتخاذ قرار بتبني شعار المطالبة برحيل الحكومة وإعادة النظر في النهج الاقتصادي والسياسي، وتشكيل حكومة جديدة تقدم مشروعاً إصلاحياً اقتصادياً وسياسياً صائباً يقود الوطن إلى واقع أفضل، ونعتقد أن هذا الشعار تناغم بشكل كامل مع المطالب الشعبية.

التحالف الطبقي الحاكم تعامل مع الحراك الشعبي كحالة تكتيكية قابلة للتطويع والكسر والاحتواء، واعتمد سياسة المشاغلة وتقطيع الوقت، وتقديم بعض الخطوات الجزئية المحدودة لكسب رضا حلفاءه الدوليين وبشكل خاص الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وإيهام الرأي العام الدولي أنه هو أبو الإصلاح وهو المبادر بالإصلاح، ولم يعطِ أي اهتمام جدي لإحداث إصلاح سياسي واقتصادي حقيقي يستجيب للمطالب الشعبية، مستفيداً من تطورات الأزمة السورية وتخويف الناس من انتقال الصراع المسلح الى الأردن، وقام بتسويق مقولة أولوية الأمن على أي شيء آخر (الأمن والأمان)، وقام بالبحث عن أي مبرر من شأنه توفير السبل للتخلص من مسؤولية الإصلاح السياسي والاقتصادي.

في خضم الحراك لم تتمكن القوى الوطنية الحزبية والشعبية من توحيد موقفها وشعاراتها التي تنوعت بين المطالبة بإصلاحات تشريعية لمنظومة القوانين التي تنظم الحياة العامة وأهمها قانون الانتخاب، وقانون الأحزاب والإعلام والجمعيات، وإصلاحات دستورية تتمثل في الإقرار بمبدأ التداول السلمي للسلطة التنفيذية، والفصل بين السلطات، وإصلاحات اقتصادية في مقدمتها تعديل النظام الضريبي واعتماد التصاعدية على المكلفين، وقف سياسة الخصخصة، وفتح ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين واسترداد الممتلكات والأموال المنهوبة، وشعارات مطلبية وقطاعية ومناطقية.

الأطر الوطنية:
توقفت اللجنة المركزية أمام الأطر الوطنية المتمثلة بالجبهة الوطنية للإصلاح ولجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة الوطنية وائتلاف الأحزاب القومية واليسارية ولجنة حق العودة واللجنة التنفيذية لحماية الوطن ومجابهة التطبيع، وخلصت إلى التقييم بتراجع دورها، وقصورها عن الاستجابة لمتطلبات تشكيلها، والغياب الكامل لبعضها عن الفعل الوطني.

_ سمات المرحلة على الصعيد الوطني:
1_ انسداد تام بمسار الإصلاح السياسي والاقتصادي، واستمرار الحكم بتكريس نهجه السياسي والاقتصادي، وتجاهله لكل المطالب الشعبية، والاكتفاء بما أقدم عليه من إجراءات شكلية طالت تعديلات دستورية، وتأسيس هيئة مستقلة للانتخابات ومحكمة دستورية.

2_ تراجع الحراك الشعبي وتلاشي وتفكك وحالة موات سريري للعديد من الأطر الوطنية، كنتاج لسياسة الاحتواء التي مارستها الحكومة، والاختلاف بالرؤية السياسية بين أطراف العمل الوطني في قراءتها لطبيعة المرحلة وكيفية التعامل معها والشعار الناظم لها، والخلاف الحاد مع الحركة الإسلامية حول الملفات الإقليمية ( سورية _ مصر).

3_ تراجع الحريات العامة، والعودة الى سياسة الاعتقال والتوقيف لنشطاء الحراك الشعبي.

4_ تقييد الإعلام وفرض قانون عرفي على الصحافة، وبشكل خاص الصحافة الالكترونية التي كان دور واضح في كشف العديد من ملفات الفساد.

5_ تعمق الأزمة الاقتصادية، (استمرار عجز الموازنة، ارتفاع المديونية، المزيد من التبعية للمؤسسات المالية العالمية)، وتحميل المواطنين أعباء هذه الأزمة، وتفاقم الحالة المعيشية للمواطنين وارتفاع تكاليف المعيشة، واتساع ظاهرتي الفقر والبطالة بسبب الإجراءات التي أقدمت عليها الحكومة.

6_ استمرار وتصاعد الحراك المطلبي القطاعي ( العمال _ المعلمين _ المزارعين ) ويتم مواجهته بالقمع وتجاهل المطالب من قبل الحكومة.

7_ تنامي ظاهرة العنف المجتمعي والطلابي المتنقلة، والتي باتت تؤرق المجتمع الأردني، بسبب بروز الهويات الفرعية ( الإقليمية والجهوية والمناطقية والعشائرية) على حساب الهوية الوطنية الجامعة.

8_ استمرار العقلية الأمنية بالتعامل مع الأحزاب، وملاحقة أعضائها في حياتهم ولقمة عيشهم، واستمرار مسائلتهم واستدعائهم للدوائر الأمنية، وتجاهل كل مطالبتها بإقرار قانون أحزاب ديمقراطي، يكرس دورها كمؤسسات وطنية والمشاركة في الحياة السياسية والتداول السلمي للسلطة التنفيذية، وشريك في صياغة القرار الوطني.

9_ غياب الدور الحقيقي للبرلمان في التشريع والرقابة والمسائلة، وتكييف دوره لخدمة السياسة الحكومية، وقد مثلت حادثة استشهاد القاضي رائد زعيتر خير مثال على ذلك، إضافة لتمرير القوانين التي تخدم سياستها، وتتعارض مع المطالب الشعبية.

10_ في السياسة الخارجية استمرار التبعية والتحالف مع الإدارة الأمريكية، ورفض كل المطالبات الشعبية بعدم زج وتوريط الأردن بالأزمة السورية، وأن لا يكون مقراً للتدريب، أو ممراً لاستهداف سورية، والالتزام بمعاهدة وادي عربة الموقعة مع الكيان الصهيوني واستحقاقاتها، وتجاهل المطالبة بوقف التطبيع مع الكيان الصهيوني، وطرد السفير الصهيوني، وإعلان بطلان معاهدة وادي عربة.

الواقع الفلسطيني:
توقفت اللجنة المركزية أمام العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في غزة ووجهت تحية الإكبار والاعتزاز لصمود الشعب الفلسطيني وصمود أهلنا في غزة، أمام الهجمة الفاشية الصهيونية، وحددت رؤيتها بالعناصر التالية:

1_ استهدافات العدوان تأتي ضمن رؤية إمبريالية _ صهيونية شاملة للمنطقة تسعى لاستكمال مخطط سايكس بيكو والسيطرة على مقدرات المنطقة العربية وتدمير بنية الدولة العربية القطرية القائمة وتفكيكها وتفتيتها وتقويض مؤسسات الجيوش العربية التي بدأت في العراق وحاولت ذلك في سوريا ومصر، كما تشمل هذه الرؤية عدم السماح بقيام أي منظومة أمنية سياسية عربية موحدة.

2_ أهداف العدوان الصهيوني المباشرة على غزة تتمثل بضرب وتدمير بنية وروح المقاومة الفلسطينية، ودفع الشعب الفلسطيني للقبول بخيارات إستراتيجية تتناقض ومصالحه العليا وتتنكر لحقوقه التاريخية وتجبره على الخضوع لواقع الاحتلال، كما استهدف العدوان حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني سعياً لتكريس فصل الضفة عن غزة كجزء من إستراتيجية تقسيم وتفتيت الشعب الفلسطيني وحصره في معازل، وهو الذي أكد في كل محطات الصراع مع العدو الصهيوني وآخرها العدوان على غزة أنه يمسك بناصية وحدة الشعب والأرض والقضية والمصير.

3_ أكدت اللجنة المركزية على الأداء الرائع والكفاءة القتالية العالية التي ميزت المقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها، برغم صعوبات الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات، ونجاحها في تحقيق وحدة الموقف السياسي والعكسري الميداني، الذي أنتج صموداً منقطع النظير شكلت جماهير شعبنا الفلسطيني الملتفة حول المقاومة حاضنته وسببه الرئيس، والذي أفرز وفداً فلسطينياً موحداً للمفاوضات في ظل المواجهة المحتدمة مجبرة الاحتلال على كسر رؤيته الأمنة وإستراتيجيته العسكرية بخوض الحروب الخاطفة واستطاعت المقاومة الفلسطينية البطلة من استدراج العدو الصهيوني وجيش احتلاله إلى حرب استنزاف حقيقية استعدت لها جيداً.

4_ من أهم نتائج وحدة وصمود وأداء المقاومة الفلسطينية؛ عودة القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث واهتمام الرأي العام العالمي، وتنامي حالة التضامن الأممي مع القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بالمقاومة بكل أشكالها، وتنامي حالة العداء للكيان الصهيوني ورفض سياساته العدوانية الفاشية على المستوى الدولي.

5_ تنامي شعبية ونفوذ المقاومة وثقافتها كنهج على حساب نهج المفاوضات الذي استهلك أكثر من عشرين عاماً من كفاح الشعب الفلسطيني ومعاناته دون تحقيق أي شيء سوى الفضل الذريع.

6_ لقد أظهرت معركة المقاومة الفلسطينية ضد العدوان على غزة تآكل قوة الردع الصهيونية وانكشاف المزيد من نقاط الضعف التي تعصف بدولة الاحتلال وجبهته الداخلية، كما كشفت حجم القصور الاستخباري الذي عرّته إبداعات وإرادة المقاومة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات