ازمة المرور في شوارعنا الى امتى؟


رغم ما يعرف عالميا بتفاقم ازمة المرور في مختلف عواصم العالم الا ان الوضع يختلف عما هو في بلدنا فهذه الدول لها استراتيجيات وخطط مدروسة لحل مشاكلها المرورية مهما عظمت المشكلة فتخطيطهم اصلا مبني على تخطيط سليم ومدروس بعيد كل البعد عن العشوائية والتخبط فالشوارع تنفذ وفق آليه يراعى فيها انظمة البناء التي ستقام مستقبلا بحيث لا تشكل تلك الابنية اي تحدي لحركة المرور في الشوارع ولا تشكل ثقلا مروريا ولو لعقدين من الزمان ، فالتعدي على الشوارع اصلا غير موجود كما هو في بلادنا التي اصبحت الابنية تزاحم شوارعنا حتى بت احيانا لا ترى مداخل او مخارج شوارعنا والتي هي اصلا غير مستوعبة لحركة المرور الطبيعية، خصوصا مع التزايد السكاني الطبيعي وغير الطبيعي الذي نجم عن الهجرات المتتالية من دول الجوار نتيجة الازمات التي افرزتها نتائج الربيع العربي مخلخلة بذلك كيان وامن هذه الدول والذي لم يكن لشعوب هذه الدول ملاذا آمنا الا بلد الانصار والمهاجرين اردننا الحبيب.

ان الحديث هنا ليس لمقارنة الاوضاع التخطيطية في الدول المتقدمة مع اوضاع بلدنا، لكن هل ننتظر ونقول ان الازمة المرورية ليس لها حل كون شوارعنا لا تتسع لحجم السيارات والمركبات التي اصبحت تتزايد بشكل كبير ام اصبح لزوما علينا وما اكثر العقول في هذا المجال ان نفكر جليا بوضع حلول علمية مدروسة لمشكلتنا المرورية التي باتت تقلق كاهل المواطن الاردني، وهنا اقول اذا ما تعذر ان تقوم هذه العقول بإيجاد حلول شافية فما اكثر العقول التي يمكن استقطابها من خارج هذا الوطن من مختصين و خبراء في هندسة المرور ممن اسهموا بحل مشاكل بلادهم المرورية .

فرغم حجم المشكلة التي نعاني منها الان ، قد نقول انه ممكن ان تستوعب شوارعنا الضيقة حركة السيارات في هذه المرحلة من الوقت لكن ماذا سيكون عليه الامر للسنين قادمة في ضل تزايدنا البشري والعمراني ؟ سؤال لا بد من تداركه الان كي لا تستفحل المشكلة .

وعودة الى واقعنا المروري فالأزمات المشاهدة الان قد لا نعزيها الى ضيق الشوارع وعشوائيتها فقط بل ان فحوى المشكلة ناتجه عن قلة التوعية المرورية بين سائقي المركبات، هذه التوعية والمبنية على الثقافة المرورية هي التي ستساهم وقتيا في حل شيء من ازماتنا المرورية. فالالتزام بالمسارب وعدم ترك السيارات احيانا في اماكن ممنوعة من الوقوف او حتى الانتظار اصبح ضروريا لكي لا نزيد الطين بله في خلق مزيدا من الازمات التي اصبحنا نشاهدها كمسلسل يومي صباحا ومساء، كما ان تنظيم الخروج لاماكن العمل له دور في تخفيف الازدحام ، اذن ففحوى المشكلة المرادف لمشكله شوارعنا وطرقنا هو اطار سلوكي مروري لا بد من اتباعه عند مواطننا الكريم .اعود واقول ان شوارعنا لم يخطط لها لاستيعاب حركة المرور لسنوات طويلة فاغلبها لم ينفذ بالية سليمة وبدون تخطيط شمولي بل تم تنفيذها حسب الاهواء الشخصية والفردية فكثير من مدننا يثبت الشارع فيها كما هو البناء القائم حتى ولو اكل هذا البناء او تعدى على السعة القانونية لهذا الشارع وهنا يصبح هذا الشارع ملكا للساكن الذي تم إرضائه على حساب مجتمع بأكمله . وهناك الكثير من رؤساء البلديات لا يستطيعون اتخاذ اي اجراء لمن تعدى على الشوارع كون الشوارع نفذت حسب الاهواء الفردية بعيدة كل البعد عن المصلحة العامة وكما قلت يثبت الشارع كما هو البناء ويأخذ صفة قانونية في المخططات.

لكن هل ستبقى العقلية التخطيطية لشوارعنا كسالف عهدها ام ان ذلك يتطلب علاجا شافيا خصوصا في ضل التطور العمراني المتزايد ، يكون مبني على دراسات شمولية وتخطيطية سليمة تلائم واقع الحال بحيث تكون قادرة على استيعاب حركة المرور لعقود من الزمن .

ان الحلول لحل مشاكلنا المرورية مناطا بجدية التخطيط المبني على اسس مدروسة لا يشوبها اي تخبط عشوائي وبعيدا عن هدر اموال الخزينة في اقامة مشاريع لا جدوى منها لا تحل او تساهم في حل المشكلة سوى انها تبقى اصبحت لمسه جمالية فقط ، فالجسور اذا ما تم انشائها جيدا وفق خطة مدروسة ستحل جزء من المشكلة كما ان الانفاق اذا ما تم اعتمادها في الكثير من مناطق اردننا وخصوصا في مراكز المحافظات التي تشهد زخما سكانيا فإنها ايضا ستساهم في تخفيف الكثير من الازمات المرورية وهنا يمكن الاستعانة في خبرات الدول الرائدة في هذا المضمار كدول شرق اسيا واوروبا .والشي الرئيسي والذي يجب ان يفكر به لحل الازمة المرورية هو ايجاد او خلق قطاع نقل عام حديث كما هو في اغلب دول العالم المتقدم يخدم كافة شرائح المجتمع مما سيشكل بديلا عن استخدام المركبات الخاصة ، فوجود مثل هذا النظام سيساعد على تنشيط حركة المواطنين من والى اماكن عملهم عدا على انه سيشكل اطارا لتنشيط السياحة الداخلية بكلف لا ترهق المواطن الذي اصبحت مشكلة الطاقة ترهق كيانه ، وسيساهم ايضا بتخفيف كلفة الطاقة على الدولة ناهيك عن تخفيف التلوث والحد من تكلفة صيانة الطرق والبنية التحتية لها .

ختاما فان مشكلة المرور تعد من اهم المشكلات الحيوية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بحياة البشر سواء من حيث تهديدها لسلامتهم او من حيث اضرارها بالاقتصاد الوطني. وأصبحت الان الحاجة ملحة لإيجاد حلول ناجعة لحل واقعنا المروري بازالة كل ما تعدى على حرمة شوارعنا ووضع خطط استراتيجية طويلة المدى عند تنفيذ او تعديل اي شارع في اي بقعة من اردننا الغالي اخذين بالحسبان البعدين السكاني والاسكاني لدرء مشاكلنا المرورية مستقبلا .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات