عظمة بعوضة وتضحياتها !.!!


قال الله تعالى:" ان الله لا يستحي ان يضرب مثلاً بعوضةً فما فوقها،فاما الذين امنوا فيعلمون انه الحق من ربهم ( ذات تصريح رومانسي،مصحوب بشطحة صوفية قال الدكتور عبدالله النسور: ان الاقتصاد الاردني بدأ يتعافي لكن لا احد يدري ان كان دولته الذي نحترم ذكاءه،ونُجل عصاميته، يدري ان الوضع الاقتصادي المتدحرج الى قاع القاع ادى لسوء تغذية عند غالبية الناس، وولدّ فيهم الكثير من الامراض الجسدية والعصبية والنفسية،وجرف في طريقة القيم،مما انعكس سلباً على سلوكياتهم و اخلاقياتهم .اما ان كان دولة الرئيس ـ دام ظله، وتقدّس سره،واستطالت وزارته ـ ، لا يدري فالمصيبة اعظمُ .هذه الاوضاع دفعت "بعوضة لان تكون اكثر حناناً من الحكومة". وتلك معجزة تضاف الى معجزات هذه الحشرة المعجزة ).
***
*** عادت الناموسة الصغيرة " البعوضة" الى مكمنها بعد اول «غزوة» قامت بها لـ «سحب دم» من جسد انسان. لكنها لم تستطع إخفاء علامات الشفقة التي تكسو ملامحها المنمنة، واضطرابها الواضح الذي رجَّ خرطومها المعجزة بحركات عصبية لهول المصيبة التي عصفت بها مما رات من بؤس بشري لا يصدق. توترت خلاياها.و إرتعشت مجسات استشعارها.و إنتفضت ادوات قياس كثافة الدم عندها. فيما راح مختبر التحليل وجهاز التخدير عندها، يهتزان بقوة كأن زلزلة ضربتمها بقوة سبع درجات على مقياس ريختر.

*** إرتبكت اجهزتها ولم تعد تميز تحت تاثير الصدمة العابرة ، ما اذا كان الدم المنوي سحبه "ثقيلاً"،كي تعف عنه لئلا يؤدي بها الى ارباك معوي يؤرقها، او مهضوما فترتوي منه.المدهش في هذه الحشرة الصغيرة العملاقة، قدرتها العجيبة على تمالك نفسها،واستعادت توازنها. فاخذت تستعيد توازنها شيئا فشيئاً،حتى عادت الى ما كانت عليه قبل الصدمة،تستشعر سماكة الجلد بمجرد ان تحط عليه: ناعم و شفاف هو ام خشن غليظ فاقد الاحساس كجلد التماسيح ؟!. بعدها تقوم بالعمليات الكيميائية المطلوبة منها على خير وجه لقياس كثافة الدم و منع تخثره ليسهل امتصاصه ،ونسبة التخير التذي يحتاجها الهدف.

*** ما ان التقطت الحشرة المبتدئة انفاسها،حتى سألتها البعوضة الهرمة بقلق عن سبب حيرتها وتأخرها في رحلتها الاستكشافية مع الهدف قريب جداً من الحاوية التي تقيم فيها. حاولت التملص من الاجابة لكنها تحت ضغط الالحاح ، حشرجت قليلاً ،ثم بدأت تسرد تفاصيل مغامرتها الاولى قائلةً : ما كنت اظن ان حياة البشر بهذا البؤس، ووحشيتهم بلغت هذه القسوة .يأكل قويهم ضعيفهم،و غنيهم فقيرهم .فأنا الحشرة الوضيعة، لا اخذ الا كفايتي كي ابقى على قيد الحياة ،فاسحب قطرات محدودة من دم المستهدف، ليسير الدم في عروقي. وقد صدق اهل الله فيما قالوا : إن الناموسة / البعوضة "تحيا ما جاعت وتموت إن سمنت".هذا القانون يسري في الغابات ايضا، فلا يوجد عند الوحوش آكلة اللحوم او الاعشاب مستودعات لتكديس الطعام، ولا مخازن لمراكمة الفرائس،ولا ارصدة سرية لتهريب الاموال.

*** سيدتي البعوضة المُسنة :الانسان هو المخلوق الوحيد الذي يسحب دم اخيه الانسان دونما حاجة اليه حتى يتكرش من السمنة. تراه على مدار العمر يراكم مثل نملة على مدار عمره المال فوق المال حتى يتضخم رصيده،ثم يهّربه للبنوك الاجنبية فيحرم وطنه و ابناء جلدته، نحن في عالم البعوض نطلق على هذا النوع من الرجال "الرجل النملة" و احياناً "الرجل الدودة" لحرصهم على التخزين والتكديس النابعة من غريزة التملك عند الجشعين .لا خلاف فالحياة منذ الازل قائمة على الصراع لكن من دون تشليح. فدورة الحياة تقتضي الكفاح من اجل البقاء ضمن قوانين صارمة، كقانون البقاء الذي اودعه الله في مخلوقاته، " لا يموت الذيب و لا تفنى الغنم".

***ما يجري في مجتمعنا، ان الذئاب تستحوذ على الغلال والكروم و ابار الماء بينما الغنم تعيش على القمامة و اكياس البلاستيك،والمياه الملوثة، و شعير الدول الاوروبية المستنفذ الفائدة في منقوع صناعة البيرة "الجعة" الفاخرة،ولم يبق من الشعير الا التبن والعيدان.وجه الغرابة ان البشر و الاغنام يتشابهون بتعاطي قمامة العالم من الاطعمة الفاسدة،المنتهية الصلاحية .فاسدون مصاصو الدماء من اهل الغفلة،تفننوا بالسرقة والتحايل على عباد الله " نسوا الله فانساهم انفسهم"،فحق عليهم القولُ، ودارت عليهم الدوائر حتى حُشروا في دائرة العتمة، يتخبطون في متاهة الضياع كالعميان.نهايتهم الحتمية ان يبتلعهم البحر مثلما ابتلع فرعون و اشياعه، او يجرفهم الطوفان كقوم نوح و اهله.

*** ما جرى معي في رحلتي الاولى يا سيدتي البعوضة الجليلة، و انت كبيرة الوكر، صاحبة التجارب الكثيرة المريرة، لم اسمع عنه في حكايات «كليلة ودمنة»، ولا في اساطير اليونان، او خزعبلات بني اسرائيل المنسوجة من خيال الحاخامات الشواذ، ولا حتى في "همبكات" الشيعة من خوارق لا يقبلها عقل عاقل مهما تدنت نسبة الذكاء عنده اللهم الا اذا كان احمقاً شديد الغباء،خصوصاً ما سيجري بعد خروج الامام من السرداب من نشر للعدل و الامان .

*** كبيرتنا البعوضة المهيوبة : انطلقت من حاوية مركونة في احد الاحياء الشعبية مساءً كعادتنا في الاغارة الليلية، حلقّتُ في اجواء المنطقة المستهدفة ،للقيام بجولة استكشافية، للبحث عن هدف سهل يتناسب امكانياتي المحدودة. وقع نظري على بيت متداعي البنيان، مُخلّع النوافذ.عندها استجمعت شجاعتي، ودخلت بسهولة،فكانت المفاجأة. الغرفة رطبة مقفرة ، جدرانها متآكلة ، فقيرة الاثاث، هي اقرب ما تكون الى زنازين سجون العالم الثالث،خالية من تقنيات العصر الحديث، الا من «لمبة» هزيلة تتدلى من سقف تضربه عفونة الرطوبة،فيما النزلاء هم مجموعة من الصغار، يفترشون الارض. متراصون الى بعضهم البعض كالبنيان المرصوص،سعيا للدفء و خشية من نفاذ البرد إليهم .اجسادهم اقرب الى الهياكل العظمية منها الى نضارة الاطفال، ظننتهم للوهلة الاولى «مومياءات» فرعونية اكتشفها خبير اثري للتو.

*** وجوه صفراء، جلود مشدودة الى العظام.قمت بالاغارة على طفل مكشوف الجسد، بلا غطاء في هذه الليلة الصقيعية،لانه الأقرب الى النافذة، حتى لا أعود خالية الوفاض .لكنني اصطدمت بجلده القاسي، ولم افلح في اختراقه، رغم المحاولات المتكررة، فوقع اختياري على الرضيع الطري. خدرت ذراعه كعادتي حتى لا يتألم ثم غرست خرطومي فيه، الا انني لم افلح في امتصاص قطرة واحدة، فتركته لانه ـ على ما يبدو ـ مصاب بفقر دم حاد وحالة جفاف فظيعة،فيما كان الوالدان ينظران نحوي وكأنهما يقولان لي : " حتى انتِ يا بعوضة؟! ضاقت عليكِ عمان يا عديمة الاصل" "اذهبي وابحثي عن رزقك في مكان اخر،فانت خرجت من حاوية حديدية الى حاوية اسمنتية.نحن سواسية في الضعة والانحطاط، لا فرق بيننا".

*** على الفور غادرت المنطقة الشعبية، الى احدى ضواحي عمان الغربية.قطعت مفازة شاسعة.هبطت ودياناً سحيقة ثم ارتقيت جبالا عالية حتى وصلت الى " فيلا " مُحكمة الاسوار، تتلألأ فيها الانوار،وتستطيل فيها الاشجار. تتوسطها بركة تتوسطها منها المياه عدة امتار للاعلى بفضل قوة الضغط بينما لا تصل المياه منطقتنا بالشهر مرة واحدة.حول تللك البركة البحرة يتسامر فتيان، يتناولون طعاماً غريبا على ما يبدو مستورداً ومشروبات ملونة اظن انها مُسكرة لانهم يقهقهون بضحكات مجلجلة. ورغم خطورة المغامرة، قررت المقامرة بحياتي،لكي احقق امرا لم يسبقنِ احد عليه قبلي .

*** تجاوزت كاميرات الرصد، و اجهزة الانذار ومضخات المبيدات الحشرية العاملة ذاتياً على الردار لمواجهة امثالي. تسللت من غرفة الخدم المفتوحة النوافذ، الى غرفة نوم فارهة، وقمت بهبوط تدريجي على جسد نائم ،منتفخ الاوداج، متهدل العضلات كامرأة خارجة للتو من غرفة الولادة. ازدادت دهشتي،لنعومة جلده، ووفرة كمية الدماء في عروقه،قياساً ما رايته في عمان الشرقية.لحسن طالعي كان الرجلُ مكباً على وجهه مثل ـ جملة بذيئة ـ في سطر اعوج.غرست خرطومي في إليته اليسرى التي اخترتها كمدرج للهبوط الآمن، فتحركت مثل قطعة "جيلو" كبيرة في صحن زجاجي صغير.لكنني تشبث بها خوفاً من الانزلاق. اخذت اشفط ما تيسر من دمه المعطر باحلى النكهات.تبددت مخاوفي من ان ينهض، حين رايت بـ "عيوني المائة"،علامات الحبور مرسومة على تقاطيع وجهه،واستشعرت بمجساتي مدى سعادته،وسمعت انينه الطروب اثناء حركة خرطومي جيئةً وذهابا.

*** بعد انتهاء المهمة. عدت ادراجي في رحلة العودة الى غرفة الاطفال الفقراء، وقمت بحقن دم ذلك الموسر في جسد الطفل الرضيع الذي اثار شفقتي، وانطلقت الى وكري مرتاحة الضمير حين شاهدت ابتسامة ملائكية تغمر وجهه الطفولي . منذ تلك الليلة اتخذت قراراً بتشكيل سرب من الناموس لبناء جسر جوي لنقل الدماء من الاحياء المتخمة بالبطر، الى البؤر المنكوبة بالفقر لخلق حالة من التوازن بين الاحياء، و بسط العدالة الاجتماعية ومكافحة فقر الدم الناتج عن سوء التغذية.

*** ولله الحكمة البالغة.نحن البعوض،من بديع صنع الله، ومعجزة من معجزاته،و جُنّد من جنوده "وما يعلم جنود ربك الا هو". الم تقتل بعوضة تافهة بنظركم الاسكندر المكدوني الحالم بفتح العالم؟!. و تهلك شقيقاتنا ملايين البشر في القارات الخمس؟!، وتبيد جيوشاً جرارة كان يظن قادتها انها تَهِدّ الدنيا ؟!.الم تُذل حشود البعوض الجيش الامريكي اعتى جيوش الارض،وتطيح به فوق اراضي " بنما " حينما اراد شق قناة عنوة رغم انف اهلها،فهرب باسلحته المدمرة، ولم تنفعه اقماره الصناعية،ولا دباباته، او طائراته امام زحفنا المقدس. يومها أدمينا انوف ضباطه وجلود افراده .

*** البعوضة آية من آيات الله. معجزة تُعجز عقول البشر مهما أُوتيت من علم عن تفسير غوامضها،وتفكيك اسرارها، وتحليل شيفرتها.فالله تعالت قدرته وتجلت عظمته وضع سره في اضعف خلقه. نصيحتي ان تاخذوا بتوجيهات رسولكم الكريم :"انما ترزقون بضعفائكم".فعاقبة "قوم لوط" جيرانكم الذين كانوا يسكنون على مرمى حجر منكم.كانوا افجر الناس خُلقا، و احطهم فُحشاً،ً و اسوأهم سيرة،فاخذهم الله اخذ عزيز مقتدر.؟! " فلما جاء امرنا جعلنا عاليها سافلها"...عندها رفع سيدنا جبريل عليه السلام مدائن قوم لوط عالياُ حتى سمع اهل السماء نباح كلابهم وصياح ديوكهم ثم القى بها على الارض حتى صارت هباءً منثورا، و لعنة ابدية على كل ظالم فاجر....قصص قرآنية،مُحكمة البنيان،يشيب لها الولدان، يجب ان تكون دروساً وعبر لكم قبل فوات الآوان .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات