الطائفة الإيزيدية الاستعاذة بالله من الشيطان .. حرام!


كثر الحديث عن الطائفة الإيزيدية أو اليزيدية الموجودة فى العراق خلال الفترة الأخيرة، لا سيما بعد دخول التنظيم الإرهابى المسلح المعروف بـ«داعش» للأراضى العراقية، والذى توعدهم بالقتل والإبادة كباقى الأقليات الدينية التى يتم تكفيرها من قبل هذه الجماعة.. ونسج البعض الكثير من القصص حول هذه الطائفة، فهناك من يتهمها بالكفر وعبادة الشيطان، وهو ما يدفعنا لتسليط الضوء عليها للتعرف عليها عن قرب لنعرف حقيقة هذه الطائفة.

فـالديانة الإيزيدية، تعد واحدة من أقدم الديانات الكردية التى تعود للألف الثالث قبل الميلاد، يعيش أغلب الإيزيديين بالقرب من مدينة الموصل العراقية ومنطقة جبال «سنجار» أو «شنكال» الواقعة غرب محافظة «نينوى» شمال العراق، وموطن الأزيدين الأصلى فى منطقة كردستان العراق، حيث معبد «لالش» الذى يحج إليه معتنقو هذه الديانة، ويبلغ عددهم فى العراق نحو مليون شخص، كما توجد مجموعات صغيرة فى تركيا وسوريا وجورجيا وأرمينيا وألمانيا وعدد من الدول الأوروبية المختلفة، وتعد أكبر الأقليات الدينية فى إقليم كردستان العراق بعد المسيحية.

ويدعى الإيزيديون أن السواد الأعظم من الأكراد كانوا يعتنقون الديانة اليزيدية، إلا أن البعض تحول عنها إما بإرادته الشخصية إلى ديانات سماوية كالإسلام والمسيحية والبعض الآخر ادعوا أنهم تحولوا عنها بالقوة، على حد قولهم، ويبرر الإيزيديون أسباب إقامتهم فى الأماكن الجبلية بأنهم أرادوا التحصن بها كى يعيشوا بمعزل عن الفرمانات التى أصدرت ضدهم.

«الإيزيدية» و«الإزيدية» فرق شاسع:

هناك فارق كبير بين الديانة «الإيزيدية» وبين الفرقة «الزيدية»، فالأخيرة إحدى الفرق الشيعية التى تعود لـ«زيد بن على»، حيث يخلط الكثيرون بينها وبين «اليزيدية» التى تختلف عنها كلية، ربما يعود سبب الخلط بين الاثنين لقرب التسمية، الأولى تأثرت ببعض المعتقدات الفارسية حيث استمدت بعض الأفكار من الديانات الفارسية القديمة «الزرادشتية والمانوية»، كما تأثرت بالديانات السماوية الثلاث «الإسلام والمسيحية واليهودية»، فعلى سبيل المثال نجدهم يقولون إن «الله» أو «خودان» خلق نفسه بنفسه تماما مثل سورة «الإخلاص» فى القرآن، كما أنهم تأثروا بفكرة المخلص ونزول المهدى المنتظر الذى سيملأ الأرض عدلاً فى نهاية الزمان من الشيعة.

كما أنهم أخدوا من المسيحية فكرة «التعميد» أى تغطيس المولود فى المياه لإزالة الخطيئة، ويقوم به الشيخ.

فلاشك أن الإيزيديين تأثروا بالموروثات الثقافية والحضارية بإيران إلا أنه لايمكن القول بأن هؤلاء يشكلون جزءاً من المذاهب الشيعية، بل إنهم خرجوا بهذه المعتقدات وأضافوا لها الكثير كى تبدو وكأنها ديانة منفصلة تماماً عنها.

الإيزيديين وعبادة «الشيطان»

هناك اتهامات عديدة للإيزيديين بالكفر والزندقة وعبادة الشيطان، فى المقابل نجدهم ينفون هذه الاتهامات، ويعتبرون أن الترويج لها يأتى من باب تبرير المذابح وشتى أنواع الاضطهاد التى تمارس ضدهم، والحقيقة أن حالة الغموض التى أحاطت بهذه الطائفة التى تعيش بمعزل عن باقى الطوائف، هى التى تسببت فى نسج روايات خيالية وغلفتها بأجواء أقرب للأسطورية، حيث امتزجت القصص بين ماهو حقيقى وماهو خيالى.

وحقيقة الأمر أن أساس العقيدة الإيزيدية تقوم على الإيمان بالله وأن النبى إبراهيم، هو جدهم الأكبر، وهناك أكثر من سبب لترويج مثل هذه الاتهامات، يأتى فى مقدمتها اسم الكتاب المقدس عندهم، والذى يطلق عليه «مصحف رش» أو «الكتاب الأسود»، وهو ما يصور للبعض بأنهم يقومون بممارسات شيطانية ويسخرون الجن والشياطين ويألهونها من دون الله، وما إلى ذلك.

من ناحية أخرى فإنه إذا تعوذ شخص من الشيطان فنجد الإيزيديين فى حالة غضب من سماع هذه الكلمة التى تعد بالنسبة لهم نوعاً من الكفر، ولهذا الأمر قصة فى صميم العقيدة الإيزيدية، فيدعى الإيزيديون أن الله أمر «طاووس» رئيس الملائكة بمحاولة إقناع وإخراج آدم من الجنة كى يتزوج ويتكاثر البشر ويعبدون الله، وأن «طاووس» ملك جدير بالاحترام لحبه الشديد لله، حيث رفض السجود لغير الله حينما عصى أمر الله بالسجود لـ«آدم».

ويرى الإيزيديون أن الهدف من هذه القصة هو اختبار الملائكة ومدى طاعتهم لله وأن «الطاووس» نجح فى هذا الاختبار حيث رفض السجود لغير الله، لهذا جعله الله رئيساً للملائكة.

والقصة متطابقة مع «إبليس» الذى رفض أن يسجد لآدم، فخرج عن رحمة الله وصار ملعوناً وبين «الطاووس» الذى يقدسه «الإيزيديين».

من ناحية أخرى يرون أن الشيطان، الذى يتعوذ البشر منه قادر على أن يؤذيهم ويصيبهم بسوء، كما يرون أن الله «خالق» فحسب، وبطل دوره كقوة «فاعلة» فى الكون، وأن هذه القوة الفاعلة تتمثل فى الملاك الطاووس والشيخ عدى، أى الخليفة يزيد، الذى يتعاون مع «الطاووس» فى إدارة الكون.

وهناك واقعة شهيرة لأحد أعضاء الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان) من الطائفة اليزيدية كاميران خيرى، الذى انتقد رئيس وزراء العراق سابقاً لتكراره عبارة «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»، وذلك وفقاً لما ورد فى موقع «بى بى سى»، حيث اعتبر الأول أن هذه إهانة للطائفة اليزيدية وأن تكرارها جاء لاستفزازهم والتقليل منهم.

فأنصار الديانة اليزيدية لايجرؤون على القول بأن الشيطان أو إبليس قطب للشر، وبالتالى لايمكن التعوذ منهم حتى لاتنزل عليهم اللعنات، كما يتجنبون فى حديثهم الإشارة إلى الشيطان خشية من تعرضهم للأذى.

ويقول البعض إنهم يرمزون للشيطان بالطاووس تفادياً لشروره، وتحصناً من أن يصيبهم بعض العذاب.. وفى «مصحف رش» أو «المصحف الأسود» ذكر أن أول يوم خلق الله فيه الكون كان «الأحد» والذى خلق فيه الملك «عزرائيل» وهو أيضاً «طاووس» رئيس الملائكة.

وهناك أعياد عديدة فى الديانة «اليزيدية» وفى جميع المناسبات يذهبون للصلاة فى معبد «لالش».

العبادات عند الإيزديين

تفرض العقيدة أجواء من الغموض حولها فلا يوجد لديهم صلاة عامة، بل إنهم يقومون بممارسة طقوس خاصة بعيداً عن أنظار أصحاب الديانات الأخرى، حيث يصلون لـ«طاووس» ملكهم، مرتين يومياً وقتى الشروق والغروب ويعفرون وجوههم بالتراب متمتمين بتعاويذ وأدعية خاصة بهم ممزوجة باللغات العربية والكردية والفارسية أيضاً، ويتعبر السبت يوم الاستراحة بالنسبة لهم، فيما يعتبرون أن الأربعاء يمثل اليوم المقدس، ويصومون ثلاثة أيام من شهر يناير.

ويصنع الإيزيديين تماثيل لطاووس باعتباره ملكاً مقدساً عندهم ويقدمون له القرابين وينشدون ترانيم وأغانى صوفية ويرقصون له، ويحرصون على ألا يراهم غير الأزيديين أثناء ممارسة هذه الطقوس الغريبة.

الزواج فى أبريل كفر

هناك طقوس غريبة يفرضها الدين «اليزيدى» على أتباعه الذى يحرم عليهم الزواج من أصحاب الديانات الأخرى فلايتزوجون من بقية الأكراد، معتبرين أنفسهم من سلالة «آدم» فحسب، وأن باقى العالم ينتمون إلى سلالة أدنى، كما يدعون أن الأزيدى خلق من «نور».

وتفرض هذه الديانة قيوداً على معتنقيها فيما يخص بالزواج وأحكامه، فلايوجد فيها طلاق إلا فى حالة الزنى فحسب، والتى تتطلب لإثباتها وجود ثلاثة شهود للواقعة، كما أنه فى حال غياب الزوج عن زوجته عاما أو أكثر فإن زوجته تعتبر مطلقة علاوة على أنه يفقد حقه الشرعى فى الزواج من أخرى.

ووفقاً لتقرير قناة السومرية العراقية فإنه يحرم على الإيزيديين الزواج فى شهر «أبريل» حيث يعتبرونه عروس الطبيعة، التى تكتمل زينتها فى هذا الشهر، كما يرون أن الزواج فى هذا التوقيت يعد خروجاً عن تعاليم الدين الإيزيدى.

وبالتالى فإن الفترة التى تسبق شهر أبريل تشهد ارتفاعاً كبيراً فى أعداد المقبلين على الزواج، الذين يسابقون الوقت قبل دخول هذا الشهر الذى يحرم عليهم الزواج فيه.

كما أنه يحرم على المزارعين حراثة الأرض فى تلك الفترة، حيث يرون أن هذا الشهر بداية جديدة للخلق وولادة جديدة ولايجب أن يمتثل الجميع لمتغيراتها ويشهدون هذا التغير من خلال بداية حلول فصل الربيع.

ومن طقوسهم الغريبة فى الزواج أن العروس تأتى على ظهر «فرسة» وليس «حصانا» إيماناً منهم بأنها إذا حملت على حصان ذكر فإنها لن تنجب وستحرم من الذرية.

كما أن العروس تحرم من رفقة أهلها أثناء زفتها إلى بيتها الجديد كنوع من الاستحياء، ويكتفى أهلها بإرسال صديقتين من المقربات للعروس، كما أن العريس لايصطحب عروسه لبيت الزوجية، بل ينتظرها فيه لحين قدومها من منزل أهلها وبعض المزارات الدينية القريبة للتبرك بها.

ويشترط للإيزيديين أن يبتعد العريس عن عروسه سبع ليال كاملة قبل الدخول بها، حتى لا تحل عليهم اللعنات، وفى بعض الأحيان يكون الزواج عن طريق خطف العروس ثم التسوية مع الأهل لاحقاً.

ويفسر الإيزيديين هذا الأمر بأن الخطف يعد فى هذه الحالات اتفاقاً بين الرجل والمرأة الراغبين فى الزواج، والمتوافقين فى العقيدة والطبقة الاجتماعية والذين يعانون من عدم موافقة الأهل فحسب، وأن التسوية مع الأهل ودفع المهر يأتى فى مرحلة لاحقة بعد إتمام الزواج، والتى تقتضى عمل حفل زفاف وموكب كبير لإرضاء أهالى العروسين، ولعل هذا الأمر يعود إلى تحريم زواج المرأة بغير موافقتها فى الديانة الإيزيدية.

المحرمات فى الإيزيدية

ويزيد الإيزيديين الغموض حولهم حيث يحرمون أشياء غريبة تنسج حولهم قصصاً أشبه بالتى رويت عن الحاكم بأمر الله، الذى حرم أكل الملوخية، فعلى سبيل المثال ورد فى المصحف الأسود، أو الكتاب المقدس عندهم، أن الله حرم عليهم «الخس» وأكل السمك ولحم الديك احتراماً لطاووس الملك والقرع ولبس اللون الأزرق، الذى يغلب على لون الطاووس، كما يحرمون أكل اللوبيا والبامية.

كما أنهم يحرمون التبول والبصق على الأرض أو النار أو الماء أو فى الهواء لكونهم يشكلون عناصر مقدسة للكون، كما ورد فى الموقع الرسمى للاهتمام بالشئون الإيزيدية، كذلك أنه يحرم الاستيقاظ من النوم بعد شروق الشمس، وقبل غروبها مباشرة وإلا ستكون صلاته باطلة فى هذا اليوم.

الأغرب أنهم يحرمون تناول الخمر والمشروبات الكحولية خاصة مساء الأربعاء، كما يعد ارتداء اللون الأسود على المتوفى أمراً محرماً، حتى أنهم يوزعون الحلوى والخبز يوم الدفن احتفالاً بذهابه لربه.

ويذكر موقع «الإزيديين» أنه لا يجوز إخراج الصغار من بيوتهم إلا بعد إعطائهم قطعة خبز صغيرة معلقة على صليب متساوى الأطراف تعلق فى ثيابه، كنوع من الحرز، حيث يمثل كل ركن عندهم أحد العناصر الأساسية للكون «الماء والهواء والتراب والنار».
اضطهاد «داعش» لهم

بعد دخول التنظيم الإرهابى «داعش» للعراق والذى بدأ باضطهاد الأقليات الدينية غير المسلمة مثل «المسيحية»، حيث قام بهدم العديد من الكنائس الأثرية وإحراق مئات المخطوطات القديمة، الأمر الذى دفع آلاف المسيحيين للفرار والهجرة، لاسيما بعد أن طالبهم أعضاء «داعش» بدفع الجزية أو الدخول فى الإسلام.

فالسيناريو نفسه تكرر مع الإزيديين أو اليزيديين حيث شنت «داعش» هجوماً شرساً ضدهم وقتلت مئات الأشخاص منهم، حيث أكد وزير حقوق الإنسان العراقى محمد شياع السودانى، أن «داعش» قتلت مالا يقل عن 500 يزيدى، ودفنت بعضهم أحياء، كما أنهم قاموا بسبى مئات النساء.

وأشار إلى أن «داعش» فعلت معهم مثلما فعلت مع «المسيحيين» هناك، حيث أمهلتهم مدة زمينة كى يختاروا بين الموت أو دخلوهم فى الإسلام.

ووفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» فإن المسئولين الأمريكيين مهتمون بإنقاذ اليزيدين الذين تم محاصرتهم من قبل «داعش»، مشيرين إلى أن القوات الكردية (البشمركة) تقوم بتأمينهم وتوفير الطعام لهم.


issalg2010@hotmail.com




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات