السنيد يدحض الحجج الحكومية التي تسوق بها التعديلات الدستورية


جراسا -

كتب النائب علي السنيد - جملة تبريرات هشة جاءت بها حكومة الدكتور عبدالله النسور كي تسوق بها خطوتها الاثيمة في الدفع بتعديلات دستورية الى البرلمان تنزع بموجبها بعض الصلاحيات التنفيذية، وتوليها الى الملك مباشرة، وهي متمثلة تحديدا بجعل تعيين قائد الجيش، ومدير المخابرات العامة مرتبط مباشرة بالملك. وقد دفعت بتبريراتها الى الشارع الاردني كي تحدث خرقا في الرأي العام حيال هذه التعديلات التي تنسف فلسفة وروح الملكية الدستورية كما هي متضمنة في الدستور الاردني، ولتزيد من خلل التوازنات فيه، وهو الذي يعكس طبيعة وجوهر النظام الاردني من خلال نصوصه المتكاملة.
وهذه التبريرات اسوقها مع الرد عليها وهي:
1- (تدعي الحكومة ان رئيس الحكومة يعينه الملك، ولذا يجوز الحاق تعيين قائد الجيش، ومدير المخابرات العامة به، وذلك دون تنسيب من مجلس الوزراء).
وهذا الدفع لا يخفى ضعفه كون رئيس الحكومة الذي يعين من قبل الملك لا بد له من ان يتكئ على اغلبية برلمانية لازمة، والا سقطت حكومته في البرلمان، وحيث تستمد الحكومة دستوريا شرعيتها من خلال ثقة الاغلبية البرلمانية ، وهي التي تحاسبها وتراقبها بالاضافة الى الاقلية البرلمانية . ونظريا يكون اختيار الملك للرئيس من خلال تكتل الاغلبية البرلمانية، وهذه الحالة لا تنطبق على قائد الجيش ومدير المخابرات العامة في حال تعيينه مباشرة من قبل الملك.
2- (التعديل هدف الى اخراج الجيش والمخابرات العامة من دائرة التجاذب السياسي):

وكأن ذلك يعني التضحية بمكانة الملك الدستورية، وادخاله هو في دائرة التجاذبات السياسية، وهو منطق سقيم لا يستقيم في الملكيات الدستورية التي يكون فيها الملك "يملك ولا يحكم"، وتعتمد عملية الحكم على الارادة الشعبية الممثلة للشعب من خلال الاغلبية البرلمانية. والاصل ان يبقى الملك بعيدا بذاته عن التجاذبات السياسية، وليس دفعه ليكون في خضم المساءلة عن أي فشل ناجم عن عمل قادة هذه الاجهزة، او فساد اسوء استخدام للسلطة وهو المخلى من أي تبعة او مسؤولية بموجب احكام الدستور.

3- (ظروف الاقليم الخطرة تستدعي اتخاذ مثل هذه الخطوة):
ولكأن هذه الحكومة لا تعرف حقيقة التجربة السياسية الأردنية ، وكم اعترت فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي من قلاقل واضطرابات تمثل بعضها فيما يشبه الانقلاب العسكري، وتمرد الحكومة الحزبية، وكان الجيش متدخلا في السياسة ، وكانت مرحلة قلقة ومضطربة ، ولم يفكر الملك الراحل الحسين في حينه بنزع الصلاحيات العسكرية عن الحكومة والاحتفاظ بها لنفسه، ومباشرتها من خلال ادخال مثل هذا التعديل الدستوري، وذلك لان رجال الدولة كانوا حماة للدستور ، ولم يكونوا بوارد التفريط بامانة حماية الدستور ، وكانوا يملكون الشجاعة لقول لا للملك، وليس تبرير تدمير روح، وفلسفة النظام الدستوري الاردني.

4- (مرحلة الحكومات البرلمانية التي سنشرع بها تقتضي هذا التحول):

وماذا عن الحكومة القائمة اليوم اليست حكومة برلمانية كما تم الادعاء به في حينه، والم يقل في بداية الدوره غير العادية انها حكومة برلمانية تجيء من خلال الية المشاورات التي اجريت في الديوان الملكي، وبشرت بعبدالله النسور رئيسا لها.
وكذلك اذا كانت الحكومة المعينة مؤتمنة على الصلاحيات الامنية والعسكرية فلماذا لا تكون الحكومة البرلمانية التي هي في الاصل الشكل الاكثر تعبيرا عن الارادة الشعبية مؤتمنة كذلك. ولماذا لا يقال ان هنالك هاجس لا يخفى من الشعب ومن ارادته الحرة.

5- (الجيش ليس جزءا من السلطة التنفيذية):
وهذا التبرير من اسوأ التبريرات التي ذهب اليها رئيس الوزراء في نقاشه لهذا الامر وادعائه ان الولاية العامة لا تخدش بالتعديلات الدستورية ، وهنا يثور التساؤل اذا كان الجيش ليس جزءا من السلطة التنفيذية، وهو كذلك ليس جزءا من السلطة التشريعية، وقطعا القضائية فأين يمكن ادراجه في النظام السياسي الاردني.

6- (التعديل الدستوري لا يخلي قادة الاجهزة الامنية من المسؤولية القانونية عن اعمالهم ):
وماذا عن المسؤولية الادبية عندما يعينون مباشرة من قبل الملك، ويظهر اخفاقهم، او ان يعتري عمل احدهم الفساد، او سوء استخدام السلطة، ومن يتحمل مسؤولية تعيينهم امام الشعب.

7- (فصل وزارة الدفاع بوزير يستدعي مثل هذا الاجراء خوفا من ان يأتي وزير على خلفية حزبية):
اذا كان ذلك كذلك فلماذا لم تلجأ الحكومة الى تغيير قانون وزارة الدفاع والابقاء على صلاحية تعين قادة الجيش والمخابرات في حوزة مجلس الوزراء، بدلا من ان تعتدي على الدستور بمثل هذه التعديلات الماسة بهوية النظام السياسي، وعلى اعتبار ان هذه الصلاحية موجودة اصلا بيد وزير الدفاع الذي هو قبل التعديلات الدستورية رئيس الوزراء نفسه.
8- (الملكية في المغرب تحتفظ بتعيين قادة الاجهزة الامنية والسفراء):
عندما اقدم الملك المغربي قبل سنوات سابقة على الخطوة التقدمية المتمثلة في حينه بفصل الحكومة عن الملكية، وترك المعارضة تحكم كان يتقدم بذلك على الربيع العربي، وكأنه كان يستشرف المستقبل، وهذا ما جنبه تداعيات وخطورة هذا الربيع، اما خطوتنا الاحادية اليوم بالحاق تعيين بعض قادة الاجهزة الامنية للملك مباشرة والتي لم يرافقها حتى تشكيل الحكومة البرلمانية فهذا يجعل نظامنا السياسي قبل الربيع العربي افضلا حالا منه بعد الربيع العربي، فكيف يعد ذلك خطوة اصلاحية بامتياز بالله عليكم.
وهذه الحكومة هي التي اخرجت صلاحية تعين حتى المراسل من يد الوزير في وزارته المدنية فلماذا الابقاء على صلاحية تعين قائد الجيش والمخبرات العامة بيد وزير الدفاع.
وفي النهاية اقول ان من سعى الى احداث هذا التعديل الدستوري الاثم انما سعى الى تقزيم الملكية في الاردن، وادخال الملك كطرف مباشر في صراع السياسات وصولا الى تحميله مسؤولية هذه السياسات مما يذهب رمزيته كما اردها الدستور.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات