المؤسسية والتوجيهي وتقلبات الطقس


الحقيقة أنني كشخص سررت جدا بما تحقق من انجاز غير مسبوق لسنوات مضت في وزارة التربية والتعليم , وذلك بإعادة الهيبة والوقار لامتحان التوجيهي الاردني الذي طالما كان ولا زال يشكل نقطة مفصلية في تاريخ المملكة التعليمي وكذلك لحياة الطلاب العلمية والمستقبلية واولياء امورهم ايضا , حتى أن شهادة التوجيهي الاردني بما حملته في الماضي من معان كبيرة في المصداقية والنزاهه والجدية كانت تحترم وتقدر في كافة الدول العربية والاجنبية , فالاردن هذا البلد الصغير مساحة والكبير بعطاءة كان ولا زال أهم مورد للقوى البشرية المدربة والمؤهلة للوطن العربي ,لأن ثروتنا الحقيقية ورأسمالنا الكبير هو العنصر البشري الذي قال عنه الملك الحسين - رحمه الله - "الانسان اغلى ما نملك " .
لقد كان للتصميم والارادة والقيادة الحكيمة لوزير التربية والتعليم معالي الدكتور محمد الذنيبات , صاحب مدرسة الجرأة في التغيير والتطوير والتصميم وقوة الارادة والنزاهه والشفافية والذي اعتز انني كنت احد طلابه عام 1993 في الدراسات العليا (الماجستير ) , وكذلك الطاقم العاملين في الوزارة -الذين بذلوا سويا جهدا عظيما ورائعا - الدور الكبير لإعادة اصلاح وتطوير امتحان التوجيهي بعدما اصابه من وهن وضعف وفساد الى مساره الصحيح بعد ان ساد في نفوس وثقافة طلابنا ان الغش هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق النصر والنجاح متناسين اننا مسلمين مؤمنين موحدين, وأن ديننا الاسلامي كل متكامل فهو دين الرحمة والمحبة والعبادات والاخلاق والمعاملات, لكننا للاسف فصلنا في ذلك بين رسالة الدين وتصرفاتنا وسلوكنا , وكأننا نعيش في مجتمع علماني يفصل بين الدين والحياة والسلوك.

أنا لا أريد ان ألوم مسؤولا وأمدح الاخر, لكنني أقول أن غياب المنهج المؤسسي الإداري- الذي يعبر عن نجاح للادارة الحكومية - هو السبب الذي أوصلنا الى ما نحن فيه من هذا التخبط والعشوائية والارتجالية في اتخاذ القرارات .
تغيير الوزير يعني تغيير السياسة العامة ومنهجية وأساليب العمل , وهذا يعني أنه لا يوجد استقرار وخطة عمل استراتيجية واضحة المعالم لا تتغير ولا تتبدل الا للضرورة وبإجراء التعديلات على بعض جزيئاتها , بحيث يشارك في وضع هذه الخطة الاستراتيجية كبار المختصين من التربويين اصحاب الخبرة والكفاءة والمشهود لهم والوزراء السابقين والامناء العامين السابقين والاكادميين واصحاب الفكر والخبرة في مؤسسات المجتمع المدني , يوضع فيها التصور الواضح لسياسة التعليم ومرتكزاته من بداية المرحلة الابتدائية وصولا الى مرحلة التوجيهي .
لقد مررنا بمراحل وتجارب كثيرة غاب عنها روح العمل المؤسسي , وكان نهجها سياية الرجل الواحد بحيث أدخلنا في متاهات وأوصلنا الى الاقتصاد المعرفي كمصطلح جميل استمر الحديث به والترويج له لاكثر من خمس سنوات ثم انتهى كل شئ بتغيير الوزير المسؤول , وبعد هذا الصعود النظري الكبير يفاجئنا معالي وزير التربية والتعليم بعد استلامه لمنصبه بخبر مفاده أن طلاب الصفوف الاولى يعيشون في أمية مظلمة وأن الوزارة لديها احصائية بأرقام مذهلة حول هذا الواقع .
الجميع تفاجأ بنتائج الثانوية العامة , لأننا لا نريد الحقيقة المرة , وهي أن نجاح ابنائنا المذهل لم يكن إلا كذبة كبيرة عليهم وعلينا, فالجميع كان يندهش من هذه المعدلات المذهلة التي لا تعكس الواقع , ونحن أمام هذا الأمر فإنني أناشد وزير التربية الاكرم بأن يكون جديا في دراسة الاسباب الكامنة وراء ذلك بتحليل شامل وافي وأن يعاد بناء ومعالجة الاخطاء العملية والتعليمية التي محاورها المعلم ,المنهاج والطالب .
ويبقى السؤال الصعب : هل ستستمر وزارة التربية والتعليم في هذا النهج اصلاحا وتطويرا وتغييرا ؟ فأنا اخشى من التغيرات اذا غابت المؤسسية والخطة الاستراتيجية الشاملة التي تحول دون احلال الشخصية والفردية في اتخاذ القرارات .
إن العدالة في اعطاء كل طالب حقه , هي مطلب شرعي ويجب أن لا تغلب الفئة الفاسدة المفسدة الأكثرية الذين يريدون الإصلاح بحيث يكون التعليم منارة وطريق للعز والفخر لا للجهل والظلمة, فبالتعليم وحده تبنى الأوطان, وطلابنا هم بناة المستقبل الواعد الذين يعتمد عليهم , ونجاحهم الشرعي ومعدلاتهم الحقيقية - لا الزائفة- هي الطريق والخطوة الصحيحة للبناء والتقدم والرفعة , أدام الله وطننا الاردن آمنا مستقرا وحفظ لنا جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم راعي مسيرة العلم والتعليم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات