نصر غزة بدعائك ، بقلمك ، بمشاعرك "وذلك أضعف الإيمان "


لعل الكتابة عن الوجع العربي من أكثر الأشياء إيلاما وأثراً في نفس الإنسان المؤمن بدينه وعروبته ، لكن وجع غزة لا يكاد يترك لها مجالاً في هذه اللحظات من الزمن الصعب للكتابة حول غيرها من الأوجاع وما أكثرها ! ويحتل وجعها وألمها سلم الأولويات ، ويزداد هذا الوجع إيلاما حين يرى المواقف المتخاذلة من القريب والبعيد على السواء، وموت الضمير الإنساني في جنازة باهتة لا حراك فيها ، وغياب العدالة الدولية وحقوق الإنسان ، واختفاء النخوة العربية التي طالما تغنى بها العرب طويلاً ، فلا نخوة المعتصم ، ولا غضبة مضر " وقد استنوق الجمل "وكأن زمجرة زعماء العرب التي عرفناها على شعوبهم غابت مرة واحدة ، فلا بنت شفة تخرج من أفواههم ، وتختفي الأسود والذئاب والحملان فجأة في مشهد نادر الحدوث لدى الشعوب الحية .

ومما يؤلم أن بعض الألسنة الناعقة تقول : وماذا نستطيع أن نقدم لهم ؟ وما فائدة الدعاء وقد دعونا على إسرائيل وغيرها كثيراً والحال لم يتغير وحالنا كل يوم في تراجع ؟ ومثل هذا المنطق اليائس هو صنيعة واقع أكثر يائساً وبؤساً منه ، لكن الدعاء سلاح يفعل فعله في كل الأحوال والظروف لإيمان الإنسان بقدرة الله المطلقة ، ولإيمانه بتدبير الله لمقادير الأمور في هذا الوجود ، وشواهد إجابة الدعاء في الحياة كثيرة ومتعددة على مستوى الأفراد والجماعة ، ولطف الله وتدبيره الخفي أمر لا ينكر إلا جاحد ، وقد علمنا الإسلام أن نقول " اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكنً نسألك اللطف فيه " وقد أشار الإمام الشافعي إلى هذا المعنى فقال :

أتهزأ بالدعاء وتــــــزدريه وما تدْري بما صنـــــــــع الدعاء
ســـــــهام الليل لا تخطى ولكن لها أمـــــــــد وللأمد انقضاء

والدعاء سلاح المظلومين والمستضعفين والمقهورين ، ومن انقطعت بهم الأسباب ، ومن تخلى عنه القريب والبعيد ، ومن أغلقت في وجوههم الأبواب ، ولأجل هذا نقول : إن لهذا الكون رباً يرى ويسمع ، ولا تخفى عليه خافية ، نصير المظلومين ، قاهر الجبابرة والطواغيت لن يتركهم فكم من جبار قصمه ، وكم ظالم جعله عبرة " ولكنكم تستعجلون "والله غالب على أمره " فالبخيل من بخل بالدعاء لأهل غزة العزة ، فلا تبخل أيها الحر بالدعاء لهم إن عجزت عن فعل ما ينفعهم بالأسباب المادية ، ويا صاحب القلم الحر انصرهم بقلمك ، ولا تنظر إلى الأقلام المُحبطة والمُحبِطة ، والمرجفة والمُخذلة ، ولا تبخل بمشاعرك " فذلك أضعف الإيمان " .

د . رياض خليف الشديفات / 24/7/2014م الموافق 26/رمضان 1435هـ



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات