كيري يسعى لتوظيف حماس بتأزيم "اسرائيل" واضعاف نتنياهو


جراسا -

كتب الدكتور عامر السبايلة - مسار الامور في المنطقة بات يشير بوضوح الى تغييرات واضحة في المعادلة الشرق اوسطية. المنطقة باتت تقف على اعتاب ملفات تسوية متعددة.

من جهة أخرى يشكل اندلاع الحرب على غزة نقطة مهمة في موضوع هذه المعادلة، خصوصا ان ملف التسوية الفلسطينية هو حجر اساس في مجمل هذه المعادلات. كثير من المراقبين بدأوا يستشعرون ان الولايات المتحدة تنظر لهذه الحرب على أنها فرصة لاعادة صياغة العلاقة مع نتنياهو نفسه، فالادارة الامريكية الحالية أقرت مرارا بأن رئيس الوزارء الاسرائيلي هو المعطل الحقيقي لرؤيتها.

من هنا يمكن النظر الى طبيعة التعامل الامريكي مع نتنياهو على انه يأتي في سياق مشابه للتعامل الامريكي مع الكيان الاسرائيلي في محله ما قبل حرب عام ١٩٧٣ خصوصا اذا ما أخذنا بعين الاعتبار طبيعة الحرب ونتائجها اللاحقة التي جعل منها الامريكيون بداية انطلاق لملف التسوية الاقليمية الامر الذي أدى لاحقا لانتقال مصر الى المحور الامريكي عبر اتفاقية كامب ديفيد.

لهذا قد يعطي العدوان على غزة الادارة الامريكية فرصة للضغط على تسوية اسرائيلية اسرائيلية تقود لاحقا للمضي قدما في ملف التسويات الاخرى من دون تعطيل، وبهذا يكون جون كيري قد استنسخ اسلوب كيسنجر في التعامل مع الاسرائيليين وتعزيز فكرة تهيئة الجميع للتسوية. الاخبار الواردة من الداخل الاسرائيلي جميعها تشير الى قطيعة بين نتنياهو وكثير من وزرائه وانتقال بوادر الازمة السياسية الى الداخل الاسرائيلي.

على الصعيد السياسي يبدو ان الضغط السعودي تجاه تعزيز دور مصر السياسي على الصعيد العربي بدأ يتجلى من خلال مسألة غزة. لهذا يبدو ان الامور لم تعد تقتصر على الواقع الجيوسياسي لمسألة غزة وارتباطها بمصر بل على صعيد تشكل لوبي عربي ضاغط يهدف الى تصدر مصر لمشهد السياسة العربية، الامر الذي تتعامل معه الادارة الامريكية ايجابيا الى الآن. زيارة امير قطر المفاجئة الى السعودية هدفت الى تأكيد هذه النقطة وضرورة ان تتعامل الدوحة مع هذه المسألة بطريقة أكثر ايجابية. الحقيقة ان السعودية اليوم تسعى لوأد الخلاف الخليجي او على الاقل عدم تطوره لهذا يوفد الملك عبدالله الامير مقرن والامير بندر الى ابوظبي لاطلاع القيادة الاماراتية على نتائج زيارة الامير تميم الى السعودية.

ضمن هذا المشهد يجد الاردن نفسه في مواجهة ثلاثة ملفات اساسية في سورية والعراق وفلسطين. استعادة الدور المصري ودعم المحور الخليجي له، الانتخابات السورية وبداية الاقرار بضرورة التعامل مع سورية من باب الامر الواقع، الازمة العراقية الداخلية التي تفتح ابواب التحديات الامنية والسياسية المتمثلة بالعمق الامني في الانبار وشكل التركيبة السياسية الجديدة المقبلة.

من هنا كان التقدير الامني يصر على ضرورة الدخول الى الملف العراقي وضمان وجود ورقة اردنية استراتيجية تهدف للابقاء على دور اردني اقليمي يمنع خطر سقوط الاردن في فخ العزلة السياسية وتضمن التعامل مع ملف الامن الاردني بصورة فاعلة.

لكن يبقى امام الاردن تحديات أخرى اهمها طبيعة العلاقة المقبلة مع سورية في ظل التناقضات الحالية بين الحلفاء والاعداء، وطبيعة الاداء الاردني تجاه ملف التطورات العربية العربية الذي يحتاج لكسر نمطية الدبلوماسية الاردنية التي أثبتت عدم قدرتها على بناء اية منظومة تحالف فاعلة، الاهم هو رصد تطورات المشهد الفلسطيني من خطر الفوضى الا شكل التحولات السياسية فيه. خصوصا ان الجميع بدأوا يشعرون برغبة الولايات المتحدة الساعية لتوظيف الاطراف جميعهم من اجل انجاز ملف التسويات العالقة، توظيف حركة حماس بتأزيم اسرائيل واضعافها وجعلها قابلة للتسوية وفي المقابل تأزيم اسرائيل ونتنياهو وجعل خيار العودة للمفاوضات هو الحل الوحيد امام الاسرائيليين.

وهذا ما جاء في التلميح المصري على لسان وزير الخارجية اثناء زيارة جون كيري للقاهرة الذي قال فيه: ان اي اتفاق هدنة لوقف اطلاق النار لا بد ان يأخذ بعين الاعتبار اعادة احياء محادثات السلام. العرب اليوم



تعليقات القراء

ام ادم
فشر كيري ...
27-07-2014 05:38 AM
ابو عمر
دكتور عامر تحياتي انا ممن يتابعون بشغف تحليلاتك الرائعة واتمنى ان تتحدث بالتفصيل عن الدور العربي في الحرب على غزة مع تواتر الانباء وتعارضها وتناقضها احيانا
27-07-2014 06:27 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات