نهاية شعب شجاع!


جراسا -

أمي بكت في وقت الظهيرة بعد أن علمت أن غزة تقصف منذ ما يقارب الثلاثة اسابيع ، ورغم حرصنا على إبقاء شاشة التلفاز على قناة " ناشيونال جيوغرافيك " لأنها وحسب رأي أمي تعرض برامج الحيوانات الذين هم أفهم من بني أدم وأعقل والدليل أن الأسد لايقتل إلا إذا جاع ، والدب رغم ضخافة حجمه وكبر كفيه وقدميه فهو يداعب أبنه بكل لطف وهدوء ، والتمساح دائما ينام كي يوهم فرسيته أنه يغط في نوم عميق ومن ثم ينقض عليها وينهي أمرها بدقائق ، وهي تؤكد دائما على أن الله أعطى الكفار جنة الأرض ونحن لنا جنة السماء كلما شاهدت السهول الخضراء والأنهار والبحار والغابات .

عبرت من أمامها ظهيرة اليوم ما تعرضه إحدى القنوات الفضائية التي وجدت في دم غزة فرصة لها للعودة للحياة الإعلامية العربية ، وبكل قوة تمويل مالكيها وعنجهيتهم وإصرارهم على أن يقنعوا الأمة كاملة أنهم وحدهم من تبقى من شرفائها ، وأنهم وحدهم من يقف مع المقاومة العربية " الإسلامية " وسط خذلان بقية الأنظمة العربية ، كما وقفوا مع مقاومة حزب الله وإنقلب السحر على الساحر بسرعة قتل أول شهيد في سوريا .

أمي وسنين عمرها الثمانين وما تبقى من ذاكرتها التي لعب بها النسيان ولم يبقي لها سوى ذكريات زمان بتفاصيلها كاملة مع أنها تنسى متى نامت ومتى أكلت وإذا ما صلت وهي أحداث الزمن الحاضر، شنت جام غضبها وسخطها على كل الزعماء العرب دون إستثناء ولم تبقي لهم ولم تذر بل وجدت في حديثها جراءة ربما لاأملكها ، وكلما حميت معركة شتمها لهم سحبتها ذاكرتها للوراء ولسنوات تنلقت بها ما بين عمان والقدس وشعفاط واربد والعدسية ونهر الأردن وحكايات عن ما أطلق عليه " كرت المؤن " الذي لاتعلم إلى الأن لماذا سحبوه منها دون غيرها من نساء العائلة وزوجات افراد الجيش العربي بعد عام 67 .

وبعد جهد تمكنت من اقناعها بأن نعود ادراجنا لقناة الحيوانات التي تفهم أكثر من البشر ، وفي أقل من نصف ساعة كانت أمي قد نسيت غزة وشهدائها ودمار بيوتها وخذلان الأمة العربية لأهلها وذهبت في نوم عميق ، وتمنيت في تلك اللحظة أن أمتلك ذاكرتها وقدرتها على طلب النوم متى شاءت وينتهي مسلسل غزة كما شارفت معظم مسلسلات رمضان على النهاية وتكون نهاية شعب شجاع ؟.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات