لا يصلح القوم فوضى لا سراة لهم


من المنطقي والطبيعي في الحياة في كل دائرة من دوائرها الصغيرة والكبيرة أن يكون لها قائدها الذي يوجهها نحو غايات المجتمع وأهداف الوطن الذي يعيش فيه، وغايات الأمة التي ينتمي إليها ، ويبدأ الأمر من أصغر حلقة من حلقات المجتمع وهي الأسرة حيث ربها يرعى مصالحها ويشرف عليها " فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " وللعشيرة شيخ ، وللعائلة والحي وجيه ومختار ، وللمحافظة محافظ ، وللبلدية رئيس وللمدرسة مدير ، وللجريدة محرر ومسؤول ، وللفكر منظر ومدافع عنه ، وللعلم أهله وقادته وسادته من العلماء ، وللطريقة شيخ ومريد ، وللمسجد إمام يؤم الناس ، وللجيش قائد، وللجامعة رئيس ، وللمؤسسة مسؤول ، وللدكان صاحب يملك حق التصرف ، وللسيارة سائق مرخص له بالقيادة ، وللحكومة رئيس يدير شؤونها ، وللدولة أمير أو رئيس أو ملك يرأسها أمام الله والناس وأمام التاريخ .
وأمام هذا المنطق الذي به تستقيم الأمور ينبغي أن يكون الجميع في المجتمع يحملون نفس الغاية التي يسعون إليها للوصول بمجتمعهم إلى بر الأمان ، ولا يوجد ما يمنع من تعدد الأساليب والطرق ما دام أنها تسير بنفس الاتجاه ، لكن السؤال الملح حول واقعنا من خلال المعايشة والملاحظة لما يجري في مجتمعنا هل كل الدوائر تحمل نفس الهدف والغاية ؟ وكيف يمكن تفسير الفوضى ذات الأبعاد المتعددة الفكرية والإعلامية والاجتماعية التي نراها ماثلة للعيان ؟ والشواهد على تلك الفوضى كثيرة تبدأ برب الأسرة الذي لم يعد قادرا على تربية أولاده ، ولا يسمع له في كثير من الأحيان ، وكذلك الزوجة التي لم تعد قادرة على حماية أبنائها من خطر وسائل الإعلام ورفاق السوء ، أما شيخ القبيلة وكبير الحي والمختار فلم تعد لهم تلك المكانة من سماع الكلمة ودوره في جمع الكلمة ووحدة الصف ، وإن قالوا لا يسمع لقولهم ، وغالبهم في ظل الفوضى التي نراها فقد حتى أبسط ما تحمل كلمة الوجاهة من رمزية فيسفه رأيهم ممن لا خبرة لهم في الحياة ولا تجربة اجتماعية كانت أو فكرية .
أما العلماء الذين هم منارات الهدى فقد شوهت صورتهم ولم تعد لهم تلك المكانة العالية من الاحترام والتوقير بدليل تطاول أنصاف المتعلمين والرضع في العلم على القامات من العلماء والمفكرين في ظل فوضى الفكر والإعلام وغياب المرجعيات المؤثرة في زمن ذهاب هيبة العلم والعلماء ، أما الفوضى الفكرية والسياسية والإعلامية، فما تعج به الساحة من تناقضات وصراعات تثبت هذه المقولة المؤلمة ، ويحفر الألم عميقاً في نفس الإنسان حين يرى الثوابت الفكرية محل خلاف إلى درجة الفوضى ، فمكانة الإسلام ودوره في الحياة لم يعد محل اتفاق ، ودور القيم في الحياة تغير بفعل الغزو الفكري والإعلامي والتربية المادية ، والنظرة إلى الحرية أصبحت تحكمها معايير المصلحة تتوسع حينا وتضيق أحيانا ، والوحدة العربية لم تعد مطروحة للنقاش ، والإعلام يطرح للناس الغث والسمين دون تثبت أو تمحيص ، وشواهد هذا الحال من الفوضى أكبر من حصرها ، وهذا الحال يتطلب وجود سراة من العلماء والقادة وأصحاب الرأي لقيادة سفينة المجتمع إلى بر النجاة في زمن الفوضى " لا يصلح القوم فوضى لا سَراة لهم ولا سراة لهم إذ جهالهم سادوا " .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات