قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ


قالَ اللهُ تعالَى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(183)البقرة
فرضَ اللهُ سُبحانَهُ وَتعَالَى الصومَ علَى عِبادِهِ المُؤمنِينَ ،تهذيبًا وتزكيةً للنفوسِ وتطهيرًا للقلوبِ وصحةً للأبدانِ ؛فقالَ - عليهِ الصلاةُ والسلامُ – فِي الحديثِ القُدسِيِّ (قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ))[ متفق عليه]

يحلّ علينا وبِسَاحتِنا ضيفٌ حبيبٌ ,طالمَا انتظرتْه القلوبُ المؤمنةُ ,وتشوَّقتْ إليهِ النفوسُ الزاكِيَةُ ،ضيفٌ رفعَ اللهُ شأنَه ,وأعلَى مكانَتَهُ وخصّهُ بمزيدٍ مِنَ الفضلِ والكرامةِ , وجعلَهُ موسمًا عظيمًا لفعلِ الخيراتِ والمسابقةِ بينَ المؤمنين في مجالِ الباقياتِ الصالحاتِ - وفي ذلك فليتنافسْ المتنافسون – إنَّه شهرُ رمضانَ الذي أُنزِلَ فيهِ القرانُ هدىً للناسِ وبيّناتٍ مِنَ الهُدى والفرقانِ.

فكيفَ نستقبلُ هذا الشهرَ ونغتنمُ رمضانَ ؟وقبلَ الإجابةِ أسألُ نفسِي وإياكُمْ سؤالاً يقرِّبُ المسألةَ وهذا السؤالُ هو: لو أنَّ لكَ عزيزًا غابَ عنكَ أحدَ عشرَ شهرًا ثمَّ علمتَ بمجيئهَ إليكَ زائرًا عمَّا قريب ماذا آنتَ صانعٌ لملاقاةِ واستضافةِ هذا الضيفِ العزيزِ الغالِي عليكَ ؟

فإذا رُزِقتَ الإجابةَ المُنْصِفَةَ فاسألْ نفسَكَ مَاذَا هوَ الحالُ إذا كانَ هذا الزائرُ هو شهرُ رمضانَ ؟!
إنَّهُ سيدُ الشهورِ وأكرمُها على الدوامِ قالَ رسولُ اللهِ - صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم – : (سيِّدُ الشهورِ رَمضانُ وسيِّدُ الأيامِ يومُ الجُمُعَةِ )

إنَّهُ شهرُ القرانِ والصيامِ والقيامِ ,شهرٌ تُفتَحُ فيهِ أبوابُ الجِنانِ وتُغلَقُ فيهِ أبوابُ النيرانِ وتُصفَّدُ فيهِ الشِياطينُ ومردةُ الجانِّ شهرُ الصبرِ والمواساةِ شهرُ التكافلِ والتراحُمِ , شهرُ الفتوحاتِ والانتصاراتِ ,شهرُ تُرفَعُ فيهِ الدرجَاتُ وتُضاعَفُ فيهِ الحسنَاتُ وتكفَّرُ فيهِ السيئاتُ , شهرٌ فيهِ ليلةٌ واحدةٌ خيرٌ مِنْ ألفِ شهرٍ مِن حُرِمَ خيرُها فهوَ المحرومُ فهنيئًا لكمْ أيُّها المسلمون برمضانَ , السعدُ كلُّ السعدِ لكمْ بِشهرِ الصِيامِ والقيامِ ويا بُشرَى لِمَن جاهدَ نفسَهُ في طاعةِ اللهِ : قالَ تعالَى : ( والذينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُم سُبُلَنَا ) ولقدْ كانَ رسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – يُبشّر أصحابَهُ بقدومِ هذا الشهرِ المبارَكِ ويبيّنَ لهمْ فضائِلَهُ , حتَّى يَتهَيؤا لهُ ويغتنمُوه , فعنْ أبِي هريرةَ – رَضِيَ اللهُ عنْهُ – قالَ : كانَ النبِيُّ – صلَّى اللهُ عليْه وسلَّم – يُبَشِّرُ أصحابَه فيقولُ :(قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا قَدْ حُرِمَ) [رواه أحمد والنسائي].

قالَ بعضُ العلماءِ : هذا أصلٌ فِي تهنئةِ النَّاسِ بعضُهم بعضًا بشهرِ رمضانَ , وكيفَ لا يُبشَّرُ المؤمنُ بفتحِ أبوابِ الجنانِ ؟ وكيفَ لا يُبشّرُ المذنبُ بِغلْقِ أبوابِ النيرانِ ؟وكيفَ لا يُبشّرُ العاقِلُ بوقتٍ يُغلّ فيهِ الشيطانُ ؟ ومِنْ أينَ يُشبِهُ هذا الزمانُ زمان ؟!

و روَى الترمِذيُّ وصححه الألبانِي - رحِمَهُ اللهُ أنَّه - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قالَ: إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ "

لهذا كلِّه ينبَغِي أنْ نستقبِلَ هذا الشهرَ الكريمَ بالعزيمةِ الصادقِةِ على صيامِهِ , وقيامِهِ ,إيمانًا واحتسابًا لا تقليدًا وتبعيةً للآخرين ,وانْ تصومِ جوارحُنا عن الآثامِ مِن الكلامِ المحرَّمِ والبطرِ المحرمِ والاستماعِ المحرَّمِ والأكلِ والشربِ المحرَّمِ .

الَّلهم بلّغنا رمضانَ ،وأهلَّه علينا بالْيُمْنِ والأمانِ والخيرِ والبركاتِ ووفِّقنا لصيامِهِ وقيامِهِ برحمَتِك يا ارحمَ الراحِمين ،وصلَى اللهُ علَى نبيِّنا مُحمَّدٍ وآلِه وأصحابِه أجمَعين.


Montaser1956@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات