قراءة في مشروع قانون الارهاب : لم يأت بجديد

تعبيرية

جراسا -

خاص - كتب المحرر السياسي - أثار مشروع القانون المعدل لقانون منع الارهاب لعام 2006 الذي قدمته الحكومة الى مجلس الامة ، جدلا واسعا بين النخب السياسية والاعلامية والحقوقية، علما ان القانون وبحسب ما يؤكد مشرعون لم يأت بجديد فيما يتعلق بتعريف الارهاب او حتى الجرائم والعقوبات التي نص عليها مشروع القانون.

ويأتي تعديل القانون في الوقت الذي بواجه فيه الاردن تحديات جسيمة جراء التهديدات الارهابية التي ارتفعت وتيرتها في ظل ما يشهده الاقليم من توترات وازمات وحروب، لاسيما المخاطر القادمة من الجبهة الشمالية المتمثلة بتدفق وتسلل الارهابيين الذين يقاتلون في سوريا، وعمليات تهريب الاسلحة الى الداخل الاردني، وكان اخر ما اعلن عنه قصف سلاح الجوي لآليات حاولت اختراق الحدود الاردنية، ناهيك عن المصالح الاردنية التي باتت عرضة للتهديد، وليس ادل على ذلك من حادثة خطف السفير الاردني في ليبيا فواز العيطان.

ويرى المشرعون ان مشروع القانون يهدف الى توحيد النصوص القانونية المتعلقة بجرائم الارهاب والواردة في قوانين العقوبات العامة ومكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب، وقانون جرائم أنظمة المعلومات الالكترونية وغيرها، في قانون جامع ،وذلك منعا للتضارب او التناقض بين النصوص القانونية وقانون منع الارهاب،دون اضافة اية جرائم او عقوبات جديدة .

وعرف مشروع قانون منع الارهاب العمل الارهابي بأنه كل عمل او امتناع عن عمل او التهديد به ايا كانت بواعثه او اغراضه ووسائله يقع تنفيذا لمشروع اجرامي فردي او جماعي يهدف الى تعريض سلامة المجتمع وامنه للخطر او احداث نزاع او فتنة ان كانت من شأن ذلك الاخلال بالنظام العام او القاء الرعب بين الناس او ترويعهم او تعريض حياتهم للضرر او الحاق الضرر بالبيئة العامة والخاصة او المرافق الدولية او البعثات الدبلوماسية او باحتلال اي منها او الاستيلاء عليها او تعريض الموارد الوطنية والاقتصادية للخطر او ارغام اي حكومة او منظمة اقليمية او دولية على القيام بعمل او الامتناع عنه او تعطيل الدستور او القوانين او الانظمة".

وهو ذات التعريف المنصوص عليه في المادة 147 في قانون العقوبات وقانون منع الارهاب بالاضافة الى الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب التي وقعت في القاهرة عام 1998 والتي تعتبر بمثابة دستور عربي لمكافحة الارهاب، وكذلك الاتفاقية الدولية والتي صادق عليها الاردن واصبحت ملزمة له وجزء من التشريع الاردني، وهو ما دفع الحكومة الى تعديل القانون لينسجم مع الاتفاقيات العربية والدولية، وفق ما افادت به مصادر حكومية متطابقة لـ"جراسا".

وعادة ما يرافق اعداد القوانين المتعلقة بالارهاب، انتقادات وهجوم إستباقي تحت ذرائع عدة من بينها القلق من انتهاك القانون للحريات العامة، ولحقوق الانسان، وان يكون مرتبط بمخطط رسمي لتكميم الافواه، وهو ما ترد عليه مصادر حقوقية باعتبار ان ليس ثمة ما يدعو للقلق على الحريات العامة، فالقانون، والحديث هنا للمصادر، لم يقدم نصوصا جديدة، وانما هو مجرد اعادة ترتيب وتجميع للنصوص الواردة في القوانين المعمول بها ، في قانون واحد، كما ان مشروع القانون لم يدرج جرائم جديدة، ولم يغلظ العقوبات كما تم تداوله اعلاميا.

وتضيف المصادر " بل على العكس تماما، فمشروع القانون خفض الحد الادنى لبعض العقوبات ومن بينها عقوبة الاعمال التي لا تجزها الحكومة ، حيث تم تخفيض الحد الادنى من 5 اعوام الى 3.

وفيما يتعلق بالمخاوف من استهداف القانون الجديد لحرية التعبير ، والنشطاء السياسيين، اوضحت ذات المصادر المشروع حدد تعريف العمل الارهابي ، والضوابط القانونية له ، ومن ضمنها وجوب ان يكون العمل مخطط له من شخص او اكثر ويهدف الى الاخلال بالنظام العام او المساس بالسلم المجتمعي وبث الفزع بين المواطنين، وبالتالي فان اي عمل لا تتوافر فيه الشروط الواردة في تعريف العمل الارهابي يخرج من اطار الملاحقة.

ومن بين النصوص التي اثارت العديد من المخاوف والتساؤلات حول مبررات ادراجها ضمن مشروع القانون ، ما جاء في المادة الثالثة\ فقرة (هـ) والتي تتعلق بالمواقع الالكترونية التي تروج للجماعات الارهابية ولنشاطاتها ، بيد ان اللافت ان هذه المادة منصوص عليها بالاساس في المادة العاشرة من قانون انظمة المعلومات الالكترونية المعمول به ، وفي المادة 143 من قانون العقوبات الواردة في باب الارهاب.

وتشير المصادر الى ان المقصود بالمادة الثالثة هي المواقع الالكترونية المتخصصة وليس المواقع الاخبارية ، فقد دفع التطور السريع للتكنولوجيا وانتشار وسائل التواصل الالكتروني، الجماعات الارهابية لاستخدام تلك الوسائل الحديثة للتواصل والترويج والتنظيم للمخططات الارهابية ، نظرا لانقطاع خطوط الاتصال بينها وصعوبة التواصل في ظل انتشار عناصر الجماعات الارهابية في اكثر من دولة.

وتحظر المادة اعلاه ، على وسائل الاعلام نشر دعوات القتال التي تطلقها الجماعات الارهابية لانصارها ،ضد السلطات الشرعية فقط، ( وليست سلطات الاحتلال) ، وهو ما يضع حدا لما اشيع عن تجريم القانون للمقاومة ، كما ذهب بعض النواب بفهمهم عند مناقشة قانون محكمة امن الدولة، وقدموا قراءة خاطئة للجرائم التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة، حين طالبوا ، عن حسن نية وسوء فهم وتقدير على مايبدو، باستثناء المقاومة من الجرائم التي تختص بها المحكمة، لتصبح مقاومة المحتل بفضل "حنكة النواب" مجرمة في القضاء النظامي.

الحكومة وكعادتها ، فشلت في تسويق مشروع القانون والدفاع عنه، بشكل يضع حدا للمغالطات والفهم الخاطئ لمبرراته واهدافه والغاية منه، ويبدد مخاوف المنظمات الحقوقية والناشطين السياسيين، وحتى الاعلام ويخرجهم من دائرة الاستهداف المفترضة، فعادة ما تكتفي الحكومة بتقديم مشاريع القوانين لمجلس الامة مسببة بعبارة فضفاضة " انسجاما مع الاتفاقيات العربية والدولية التي وقعت عليها الحكومة الاردنية ".

وهنا لا يمكن لوم الحكومة وحدها، فالمنتقدون لمشروع القانون شككوا بنوايا الحكومة قبل ان يطلعوا على بنود المشروع والجرائم والعقوبات الواردة فيه، وذهبوا بعيدا بمخاوفهم من وجود اهداف سياسية وراء تعديل القانون، كتكميم الافواه، وفرض قيود جديدة على الحريات العامة والخاصة والصحفية، وهي مخاوف في غير محلها - لمن يجيد قراءة ما بين السطور -، وقراءة ما وراء الحدود. 



إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات