الشعانين فراق حزين وأمل باللقاء


غاب السيد المسيح عليه السلام بعد مؤامرة الصهاينة، فحزن الناس وبكوا غيبته حتى خرجت العواتق من خدورهن، وقلن رحماك ربي، عُد لنا يا حبيبنا المخلص فكان وعد الرب.

في صبيحة أليوم التالي ذهبت أحدى النساء المؤمنات الحزينات لتحضر البيض من قن الدجاج وغطت سلة ألبيض بمنديل!...وعادت تحمل السلة على كفها فوق كتفها، فلقيتها ألجارة تسألها: هل صحيح أن المسيح سيعود؟ فتقول التي تحمل السلة ولعلها ميثا من الكرك؟! وقد فعل الحزن فعله في قلبها، وافقدها الأمل وكما نحن في أوطاننا اليوم بلا أمل....تقول: والله لو كان البيض ملوناً في هذه السلة وليس أبيضا لآمنت فقط بعودته، ورفعت القماش عن السلة لتؤكد لجارتها أن البيض لا يمكن أن يكون إلا ابيضاً فتنظرا إليه وإذا به ملون، وقد صارت عادة واحتفاءً يذكر بعودة المسيح مُخَلصاً وها نحن ننتظره!.

أما قبل هذا فلقد اختار السيد المسيح مواجهة القدر بجرأة، وكانت الطريق إلى القدس غير سالكه، فاجتمع محبيه حوله وهو يركب أتانه، وحينما اقترب نزل عنها وقال أأتوني بابن ألأتانه، فركبه رغم أنه - كر غر جحش - لا يعرف الطريق.

يضرب السيد المسيح عليه السلام مثلا بالتواضع والشجاعة والإيمان، فيركب الجحش رغم انه صاحب رسالة وقد أحيا الله على يديه الموتى.

كان بإمكانه أن يركب فرسا مطهمة أو يستدعي البراق المربوط إلى حائط البراق ينتظر أمراً، لكن المسيح عليه السلام عرف ساعة النهاية، ساعة الخلاص، عرف أن ما يُحاك له ولمدينة السلام قد آن، فأشار على أتباعه أن يتوجهوا معه إلى القدس، راكبا أتانً يباريه جحش، حتى إذا اقترب من المدينة ترجل عن أتانه وركب الجحش، لمعرفة هذا الجحش بالطريق إلى القدس التي لم يعرفها ولا يريد أن يعرفها سلاطين العرب وعُرّابهم....الجحش ابن الأتان وعلى صِغر سنه وعديم خبرته يُرشد المسيح والمؤمنين الطريق إلى زهرة المدائن وليثبت لأبناء صهيون وأتباعهم وأعوانهم أن الجحش ورغم حكمة حكمائهم يستشرف التاريخ ويعرف ما لم يدر في خلد أذكيائهم.

لقد سار المسيح بين محبيه بتواضع وشجاعة مُخَلص، والمؤمنون من حوله يرفعون لا سيوفا وإنما أغصان الزيتون والرياحين وأعساف النخيل - السباسب- فكان العرب يسمونه بيوم السباسب أي أحد الشعانين.
وطالما الحزن بالحزن يُستدعى، وطالما هي ملحمة هكذا رويت من مصادرها وصغنا كلماتها، فاستدعى القول أن هذا اليوم كان عيدا يَحتفي به العرب قبل الإسلام وعلى الخصوص الغساسنه في بلاد الشام وباديتها كونهم اعتنقوا النصرانية، فيذكر هذا أشعر الناس - ألنابغة الذبياني: "

وصـــدر أراح الـلـيـل عـــازب هــمــه تضاعف فيـه الحـزن مـن كـل جانـب
تطـاول حتـى قلـت لـيـس بمنـقـض وليـس الـذي يرعـى النـجـوم بـآيـب
لهم شيمـة لـم يعطهـا الله غيرهـم مــن الـجـود والأحــلام غـيـر عــوازب
مـحـلـتـهـم ذات الإلـــــه وديــنــهــم قـويـم فـمـا يـرجـون غـيـر الـعـواقـب
رقـــاق الـنـعـال طـيــب حـجـزاتـهـم يحـيـون بالريـحـان يــوم السبـاسـب
تحيـيـهـم بــيــض الــولائــد بـيـنـهـم وأكيسـة الإضريـج فـوق المشاجـب
يصـونـون أجـسـادا قـديـمـا نعيـمـهـا بخـالـصـة الأردان خـضــر الـمـنـاكـب
ولا يحسـبـون الخـيـر لا شــر بـعـده ولا يحـسـبـون الـشــر ضــربــة لازب
حبـوت بهـا غسـان إذ كـنـت لاحـقـا بقومـي وإذ أعيـت عـلـي مذاهـب
وهكذا يعود النابغة الذبياني إلى وطنه رغم أنه امتدح فرسان الغساسنة ووصف رقة وتنعم صباياهم النصرانيات الجميلات، فيتركهم ويتركهن، فساعة ألرحيل قد أزفت و\"الدار طلبت أهلها\" بعد أن عفا عنه النعمان بن المنذر عن قوله غزلا بزوجته.

موضوعيا، جاءت رسالة المسيح عليه السلام في ظروف مشابه جدا لظروفنا اليوم، حيث طغت ثقافة الصهاينة والمادية وتقديس المادة وجمع المال بشتى الطرق، وعدم الاهتمام بالروح ومعنوية الحياة، فكانت رسالته عليه السلام تفيض بالروحانيات والتسامح والرحمة ردا على ثقافة الصهاينة وثقافة هذا العصر، فكم هي الظروف الآن مواتية لعودته وليته يعود على الأقل ليحقن الدماء ويكون فينا إماما يُطهر الأردن وما حول الأردن بلدا ونهرا من دهاقنة الفساد \"هوشعنا باليونانية القديمة- يا مخلصنا بالعربي\"!.

لم يعايش الناس المسيح عليه السلام كهلا فلقد فارقهم شابا ولكن ألله يخاطبه بقوله تعالى: (إذ أيدتك بروح القدس تُكلم الناس في المهد وكهلا) ، ففي هذا عودة فانتظروه عائدا وانتظروه حين يعبر للكهولة والله سبحانه أعلم، وهنا كنه فلسفة القيامة - اللقاء من جديد!.

لا يسعنا إلا التمني للإخوان المسيحيين بالعيد السعيد فهم أهل عهد وحجة لنا على الصهيونية والصليبية كنهج استعمار، ألسيد المسيح وتلاميذه الحقيقيون بريئون منه سوى الأسخريوطي الذي وشى بالمسيح وأتباع هذا الواشي في كل مكان وبين ظهرانينا وكل عام والناس بخير.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات