جراسا -

قبل 25 عاماً وفي صباح 17 من نيسان 1989 انطلقت شرارة الاحتجاج الشعبي في مدينة معان، وعمّت كافة مدن الجنوب الاردني وصولاً الى وسطه وغربه وشماله، بحيث اصبحت حركة شعبية عارمة،رافضة النهج السياسي المعادي للحريات العامة وحقوق الانسان في التعبير عن آرائها، حركة شعبية احتجاجية رافضة استمرار النهج الاقتصادي التبعي لوصفات المؤسسات الدولية في مقدمتها صندوق والبنك الدوليين الذين رسما سياسة اقتصادية تجويعية لغالبية فئات شعبنا.

لقد كانت هبة نيسان نقطة تحول كبيرة في تاريخ الاردن، حققت نجاحاً كبيراً في الغاء الاحكام العرفية واعادة الحياة النيابية، ووضعت البلاد على مسار جديد نحو الديمقراطية والتعددية الحزبية واطلاق الحريات العامة والاحتكام الى الدستور فكان العقد الاجتماعي الراعي لذلك المتمثل في الميثاق الوطني باشراك كافة الاطياف السياسية. وتوخت جماهير شعبنا الاستمرار في هذا النهج من اجل اردن وطني ديمقراطي.

تأتي ذكرى نيسان المجيدة في ظل متغيرات كبيرة تتمثل في النكوص والتراجع عن الاصلاحات السياسية والاقتصادية رغم صغر مساحتها تراجع تمثل في رفض الاستجابة الشعبيىة لاقرار مجموعة القوانين الناظمة للحياة السياسية وفي مقدمتها قانون انتخاب ديمقراطي يوصل الى البرلمان ممثلين حقيقيين ومدافعين عن حقوق جماهير شعبنا.

تراجع تمثل في تمسك الحكومات المتعاقبة لسياسة اقتصادية تبعية عمقت الازمة الاقتصادية وزادت من نسبة الفقر والبطالة أزمة اقتصادية وسياسية ألقت تبعاتها في الحالة الاجتماعية التي تتسم بالعنف المجتمعي الواسع.

ان حالة البلاد الان ونحن على ابواب ذكرى هبة نيسان تنذر بالانفجار الاجتماعي والشعبي، فما أشبه اليوم بعشية نيسان المجيدة، فجماهير شعبنا تمتلك الطاقات الكامنة والقادرة على مواجهة هذا النهج الحكومي.

ان رهان الحكومة على حالة الاحباط والسكون رهان في غير محله وعشية نيسان 89 فيها الدروس والعبر. وان ضعف المشاركة الشعبية في الحراك الشعبي الان لا يعني ان المواطنين راضون عن الوضع القائم، سيما وان وعود الحكومات المتعاقبة وعلى الاخص الحالية قد ذهبت ادراج الرياح فجماهير شعبنا ما زالت متمسكة بمطالبها في الاصلاح السياسي والاقتصادي ووقف حالة التردي المجتمعي ومحاربة جادة للفساد الذي استشرى في مؤسسات الدولة.

واننا على ثقة بأن جماهير شعبنا ستعود الى الشارع بزخم للمطالبة بحقوقها ورفض النهج الحكومي السياسي والاقتصادي وتبعاته الاجتماعية.