الدعوة الكريمة التي تمت من جماعة الإخوان المسلمين في الأردن للحوار تستحق الوقوف مطولا لما لها من دلالات كثيرة قد تشكل بداية انفراج سياسي على الساحة الأردنية تمهد لمرحلة جديدة ومبشرة ان تم إدارتها(الدعوة) برؤيا قابلة للتطبيق وان توافرت النية الحسنة للطرفين.

من المؤكد ان الحركة استفادت من التجارب في دول الجوار والتي جعلتها تتكيف مع واقع اقل ما يوصف (بالصعب) يتطلب إعادة ترتيب الأولويات من جديد على ان لا تتنافى مع القيم والمبادئ التي طالما تبنتها الحركة بكل جدية وثبات.

لا يعني إعادة التمحور للحركة انهزام او تراجع, ولا بالضرورة التخلي عن بعض من المكتسبات التي طالما حققتها على الساحة الأردنية, فلا احد ينكر الدور المسئول الذي تبنته الحركة ابان ما يسمى الربيع الأردني, ولا احد ينكر دور الحركة في الحفاظ على منجزات الوطن بكل امان, وللأمانة, فقد مارست الحركة أقصى درجات المسئولية, وتعاملت مع الواقع الأردني باحترافية سياسية, وهذا ليس من باب المجاملة, الا انه واقع لا يخفيه كل مظاهر العداء الذي رافقه تجاذب سياسي سيء قادته قوى لا تريد إصلاح سياسي او اقتصادي او حتى اجتماعي.

على الدولة الأردنية الإصغاء للإخوان وتفويت الفرصة على كل المراهنين على استقرار الشارع الأردني, وعلى الحكومة عدم التريث إمام هذه الدعوة والتعامل معها بجدية ووطنية فما يجمع الإخوان مع الدولة الأردنية مصالح واحدة لا ينكرها الطرفان وليس من الضرورة بمكان ان تتطابق الرؤى مائة بالمائة والاكتفاء بالجوامع للانطلاق بها للإمام في سبيل إشراك فعلي وحقيقي لكل القوى على الساحة الأردنية.

يسجل للأردن عدم الإصغاء للدعوات والضغوط من بعض الدول العربية لشيطنة الإخوان, ويسجل للأردن أيضا إبقاء الباب مفتوح للحوار وعدم جر الشارع الى مزيد من التازيم او التخبط.

اكاد اجزم ان الجماعة ستقبل قانون الانتخاب المنوي تقديمه, واكاد اجزم اننا مقبلين على تفاعل حزبي سياسي في المرحلة القادمة قد يقود الى حكومات برلمانية قادرة على قيادة المشهد الاردني بنجاح.