عَبَاْءَةُ الْمَلِكِ لَا يَلُوْذُ بِهَا إِلَّا شُرَفَاءِ اْلوَطَنِ وَأَحْرَاْرُهُ


يُحكَى أنَّ ذُبابةً وقفَتْ على نخلةٍ عملاقةٍ ،فلمّا همَّتْ بالانصرافِ ،قالتْ باستعلاءٍ:أيّتها النخلةُ تماسكِي ،فإَّنِي راحلةٌ عنكِ ،فقالتْ النخلةُ العملاقةُ:انصرِفِي أيّتها الذبابَةُ ،فهلْ شعرتِ بكِ حينما سقطتِ علَيَّ لأستعدَّ لكِ وأنتِ راحلةٌ عنِّي؟

هذهِ القصّة ذاتِ المعانِي الكبيرةِ ،تَحكِي حالَ مِنْ يظنُّ أنَّهُ وحيدُ زمانِهِ وأنَّ الزمنَ لنْ يلدَ أو يُنجِبَ واحدًا بمواصفاتِهِ ؛مِمّن غلبتْ عليهِ شِقوَتهُ ،فَضَلَّ عنْ عِلمٍ ،وهلكَ عنْ بيَّنةٍ ، ،فأخذَهُ الغرورُ ،بالتطاولِ على القِممِ الشامِخةِ والهاماتِ العاليةِ ،مِن المُدافعِين عنْ الوحدةِ الوطنيّةِ ونبذِ فِكرةِ الوطنِ البديلِ والتوطينِ والداعِين إلى مُعاقبةِ كلِّ مِن يروِّجُ لها ،وعلى الذين يُظِهرونَ خَلَلَ أصحابِ الأهواءِ والبدعِ ويكشفون فسادَ مناهجِهم وانحرافِ طرقِهم ومقاصِدِهم والتواءِ ألسنتِهم واعوجاجِ سُبلِهم ؛رغمَ ما يتشدقونَ بهِ مِن الوطنيّةِ وقبولِ الرأي والرأي الآخرِ! وهو في الحقيقةِ قزمٌ لا يتعدّى أخمصَ أقدامِهم .

وبما أنّنِي مِمَّن لا يُداهِنُ ولا يُساومُ ولا يقبلُ التنازلَ أو التهاونَ ،مثلي مثل أغلبِ الوطنين الأحرارِ ،الذين قاموا لنصرةِ وطنِهم ومَلكِهم ،فإنّ كلماتِي تبقى أشدُّ عليهم مِن السهامِ والنِصالِ والحِرابِ يومَ النزالِ ،فَحَقّ فيه ما قاله رسولُ اللهِ – صلّى الله عليه وسلّم - لفاروقِ هذهِ الأمّةِ عمرَ بنِ الخطابِ - رضِي اللهُ عنهُ - حينَ اعترضَ على شعرِ عبدِ اللهِ بنِ رواحةَ عندَما قالَ: يا ابنَ رواحةَ أفي حَرَمِ اللهِ وبينَ يدَيّ رسولِ اللهِ؟! فقالَ النبِيّ – صلّى الله عليه وسلّم - :(خلِّ عنهُ فو الذِي نفسِي بيدِهِ لَكَلامُهُ أشدُّ عليهمْ مِنْ وَقْعِ النِبالِ) (صحيح سنن النسائي للألباني(

لهذا وجدتُ مِن الواجبِ عليّ أن ألقم هؤلاء أحجار الرد وقذائف النقد التي تحرق قلوبهم وتشعل غيظها ؛كونها معبرة عن مرارة وألم وغيظ ووجع ،فهي ترسم الأمل فتشعل في قلب الغيورين على هذا الوطن ،الغيرة الممزوجة بالحسرة.

فهؤلاء لا يقبلون إلا من أيد أهواءهم ،ووافق مناهجهم ،وطبل وزمر لهم ،أما إذا ما أتى على خلاف ما يشتهون ،ولو كان حكمه هو الحق المبين ،فإنك تراهم يصرخون ،ويولولون، ويتهموننا بأننا لسنا وطنيين ،وخونة ،ومرتزقة ،وأننا نحتمي بعباءة الملك.

فماذا تتوقعون من بعوضة تربت في المياه الآسنة أن يخرج منها ؟ سوى السموم ،الذي كلما اشتد جناحها وأحست بأنه صار لها كيان ،تستطيع أن تلسع من تشاء ،دون خوف أو حياء من أي رادع يردعها ،بحجة الديمقراطية وحقوق الإنسان والشفافية الزائفة .

هؤلاء هم من يمارس البلطجة الفكرية ،وعقوبة الإعدام على مخالفي الرأي ،وهم الأخطر على الوطن والمجتمع ،الذين لا يقبلون النقد أو الرأي الآخر.

إنهم يبذلون كل ما في وسعهم ،لتثبيت أركان هذه الظاهرة، وتدعيم جذورها، لتترسخ في المجتمع، وإظهار الأمر على أنهم وحدهم العالمون ببواطن الأمور، الفاهمون لكل ما يدور حولهم ،المستشرفون لآفاق المستقبل عبر التنبؤ بما هو كائن وما سيكون!!

فلم يعد هناك حوار سوى من طرف واحد فقط ،يقول (لا أريكم إلا ما أرى) كما لا يتوانى هؤلاء عن استخدام أساليب متعددة، تحوي اتهام الفكر المخالف "عمدًا" بأخطاء لم يرتكبها، تتسم بلغة الردح والشتم واغتيال الشخصية ، والردح والشتم ليس حجة تفكك فيها فكرة الآخر ،ومما يلاحظ على هؤلاء ،أنهم لا يقبلون بالحجة ولا بالمنطق ولا بالمبدأ ويرفضون المسلمات ولا يعرفون القراءة ولا يجيدون الحوار ولا يقبلون الرأى الآخر ؛فهم يمثلون ديكتاتورية الأقلية ،عن طريق الصراخ والشكوى والنواح والنباح ،لحرمان الأغلبية من حقها المشروع في إبداء الرأي ،نحن نقول إن الكلمة اخطر من الرصاصة ،وكل من يساهم بالتحريض ،إنما يزرع بذور الفتنة ونشر ثقافة الكراهية ،ورفض الأخر ،التي باتت تهدد نسيج مجتمعنا ،ووضعه في أتون فتنة تقود إلى تدمير بلادنا لا قدر الله ،حيث لن تجد الأجيال القادمة ،إلا الخراب والدمار و،كل ذلك بالطبع خدمة مجانية لأعداء بلادنا ،وفي مقدمتهم إسرائيل ،وسندفع جميعا ثمنه وأولادنا وأحفادنا.

إننا نطالب بالعمل على تعميق ثقافة التسامح وقبول الآخر لان ذلك من شأنه تقوية مجتمعاتنا وبلادنا.

أما نترك الحبل على غاربه لأصحاب البلطجة الفكرية أن يمارسوا بلطجتهم من خلال إقامة حواجز نفسية وفكرية، لا يجوز لأحد الاقتراب منها أو تخطِّيها فهذا هو الخطر بعينه الذي يهدد الأمن القومي والسلم الاجتماعي، وربما الوجود المادي للدولة ذاتها .ولذلك فإننا نعتقد بأنه من الضرورى أن يتم "اجتثاث" هؤلاء، حتى يتعافى المجتمع، ويسترد وعيه من جديد. والله أسأل أن يحفظ بلادنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يؤلف بين أبناء وطننا ، وأن يجعلنا إخوة متلاحمين.



تعليقات القراء

الدومري
كيف يمكن التمييز بين شرفاء الوطن و احراره وبين الفاسدين و المنافقين و النهابين الجميع يدعي انه من شرفاء الوطن واحراره

اسوأ انواع الفساد هو الفساد الذي يرتدي ثوب الفضيله
15-03-2014 03:44 PM
ملاذ
فعلا صح لسانك يا زعبي العباءة لا يلوذ بها الا شرفاء الوطن و احراره ......
17-03-2014 05:44 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات