وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد


جراسا -

كتب الدكتور فايز ابو درويش

( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) ، يقول تعالى : وجاءت - أيها الإنسان - سكرة الموت بالحق ، أي : كشفت لك عن اليقين الذي كنت تمتري فيه ، ( ذلك ما كنت منه تحيد ) أي : هذا هو الذي كنت تفر منه قد جاءك ، فلا محيد ولا مناص ، ولا فكاك ولا خلاص .

وقد اختلف المفسرون في المخاطب بقوله : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) ، فالصحيح أن المخاطب بذلك الإنسان من حيث هو . وقيل : الكافر ، وقيل غير ذلك .

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا إبراهيم بن زياد - سبلان - أخبرنا عباد بن عباد عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص أن عائشة رضي الله عنها ، قالت : حضرت أبي وهو يموت ، وأنا جالسة عند رأسه ، فأخذته غشية فتمثلت ببيت من الشعر :

من لا يزال دمعه مقنعا فإنه لا بد مرة مدقوق

قالت : فرفع رأسه فقال : يا بنية ، ليس كذلك ولكن كما قال تعالى : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) .

وحدثنا خلف بن هشام ; حدثنا أبو شهاب [ الخياط ] ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن البهي قال :

لما أن ثقل أبو بكر رضي الله عنه ، جاءت عائشة رضي الله عنها ، فتمثلت بهذا البيت :

لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

فكشف عن وجهه وقال : ليس كذلك ، ولكن قولي : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) وقد أوردت لهذا الأثر طرقا [ كثيرة ] في سيرة الصديق عند ذكر وفاته رضي الله عنه .

وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما تغشاه الموت جعل يمسح العرق عن وجهه ويقول : " سبحان الله ! إن للموت لسكرات " . وفي قوله : ( ذلك ما كنت منه تحيد ) قولان :
أحدهما : أن " ما " هاهنا موصولة ، أي : الذي كنت منه تحيد - بمعنى : تبتعد وتنأى وتفر - قد حل بك ونزل بساحتك .

والقول الثاني : أن " ما " نافية بمعنى : ذلك ما كنت تقدر على الفرار منه ولا الحيد عنه .

وقد قال الطبراني في المعجم الكبير : حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي ، حدثنا حفص بن عمر الحدي ، حدثنا معاذ بن محمد الهذلي ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن سمرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل الذي يفر من الموت مثل الثعلب ، تطلبه الأرض بدين ، فجاء يسعى حتى إذا أعيى وأسهر دخل جحره ، فقالت له الأرض : يا ثعلب ديني . فخرج وله حصاص ، فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه ومات " .

ومضمون هذا المثل : كما لا انفكاك له ولا محيد عن الأرض كذلك الإنسان لا محيد له عن الموت .تفاسير القران



تعليقات القراء

جوهرة جراساااا
اللهم ثبتنا على دينك ....اللهم نسألك حسن الخاتمه
13-03-2014 10:54 AM
رانيا الشمايله
اللهم هون علينا سكرات الموت وارحم من مرت بهم سكرات الموت ولم يعد لهم حيله الا غفرانك يا الله
رد بواسطة مواطنة
آمين يا رب العالمين
16-03-2014 11:31 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات