فاقد الدهشة في زمن العجايب .. ؟


- ويسألونك عن المسجد الأقصى المبارك...!!!

- لم أكد أصحو للوضوء ولصلاة الفجر ، حتى حط فاقد الدهشة على أريكتي ، يهذي ، يبرطم وتجتاحه موجة غضب عاتية ، فراح يخلط بين التسبيح والدعاء وسيل اللعنات على الأمة ويردد ، حقا حقا إنه زمن العجايب.

- هدَّأت من روعه ، فرشت سجادة الصلاة وصليت وإياه جماعة ، أحضرت دلة القهوة وعلبة السجائر ، وتعمدت إعلاء صوتي بالتسبيح والدعاء ، كي أبدد غضبه المشتعل ، وبهدوء سألته ما بك يا صديقي...؟

- تنهد صديقي اللدود بحُرقة ، دمعت عيناه وحاول معالجة الموقف برشف القهوة وحرق السجائر ، وهو يُحملق في وجهي كأنه يتعرف عليّ لأول مرة وعاد للبكاء ، الهذيان والبرطمة ، فلسطين ، يهود ، القدس ، الأقصى ونحن كذابون ، كذابون ، متسرعون ، مهولون ومجرد شُطار وعيارون ، واليهود بنا يتلاعبون .

- ما أن رشف القهوة ومج من السيجارة ، حتى قلت له على هونك يا رجل ، فإن كنت مصابا بالحمى فدعني أطلب لك سيارة الإسعاف ، فقد مضت سويعات وأنت تردد ذات العبارات غير المترابطة ، فماذا بين فلسطين ومقدساتها وما تقول أنه زمن العجايب...؟ ، وإذ به يكاد يسقط أرضا من شدة الضحك...! ومن ثم رماني بتلك الإبتسامة الصفراء ، وقال : لا لوّم عليك فأنت كما البقية ، الذين يريدون تحرير فلسطين بالجعحعة ، وعلى ظهور الخيول الخشبية ، غير مدركين لما هي عليه اليهودية العالمية من ألاعيب ومكائد جهنمية ، فكلما هدأت الأمور في الضفة الغربية ، الشرقية وغزة تخرج علينا اليهودية العالمية بفتنة "كذبة" ، بإرهاصة ، بمسرحية وبجس نبض ، فتارة الوطن البديل ، تجريد الهاشميين من رعاية القدس ومقدساتها ، تهويد المسجد الأقصى ، نشر قوات في الغور الغربي ووووو...!!! ، لنذهب أردنيين ، فلسطينيين ، عرب ومسلمين في موجة عك ورغيّ من أول وجديد.

- قلت : هذا كلام منطقي ، لكن يا صديقي ، ماذا عن زمن العجايب ، وكيف لنا أن نعالج الأمر...؟.

- طلب اللدود إبريق شاي ، علبة سجائر وكوب ماء ، وما أن أحضرتهم وشرب الماء وأشعل سيجارة ورشف الشاي ، إعتدل في جلسته ، تنحنح وقال : سأروي لك الحكاية ، لكن شريطة بدون مقاطعة ، فقلت هاتها يا عبقر زمانك،،،فقال :

- في الموروث الشعبي ، الذي هو تراكم تجارب ومعاناة الشعوب والأمم من آلاف وربما ملايين السنين ، جاء ما يلي : لا بد من يوم ضيق ، لا بد من يوم فرج ، لا بد من يوم تشوف فيه العجايب...!!!

- كي أستفزه ، قلت وما الجديد...؟

- نظر إلي فاقد الدهشة شزرا ، زمّ شفتيه ، كتم غيظه وقال : إسمع يا شاطر ، ليس بمقدور الناس في هذه الأمة العربية ، الإسلامية وحتى الإنسانية من خلاص ، إلا إن أجمعوا على فكرة موضوعية ، عقلانية ذات طابع سلمي وحضاري ، وهو ما يستدعي أن تحضر في المشهد منهاجية العمل التي تتبناها الأميرة بسمة السعودية ، والتي بالضرورة تحتاج إلى توعية الجميع على مضامينها ، لتصبح نبراسا يهتدي به من يؤمنون بالحرية ، العدل والمساواة بين بني البشر عامة.

- وأردف قائلا ، فحين يجد المرء نفسه مؤمنا ، مُلتزما فكريا وأخلاقيا بتبني ويدعم فكرة ما ، يطرحها أحدهم أو إحداهن ، سيناضل من أجلها ويستميت في الدفاع عنها، فهذا ولا شك ما يعبر عن ضميره وضمائر الذين يؤمنون بهذه الفكرة ، وبهذا لا يأبه للظنون الآثمة والشريرة التي تتكتل لإجهاض هذه الفكرة ، وذلك لكونها معادية لقوى الفساد ، هوس المال والإستحواذ عليه وكنزه عبر وسائل خبيثة ، وكثيرا ما يكون هذا المال ملوثا بالدم ، وأحيانا يكون سعيا وراء الجاه أو الوظيفة التي طالما يحصلون عليها بغير حق ، ناهيك عن ضحالة الثقافة ومحدودية الوعي على المعاني السامية ، لتلك الفكرة التي تستحق أن يتبناها العلماء والمفكرون من العرب ، المسلمين ومن شتى أرجاء المعمورة .

- سارعت بسؤال ، أية فكرة هذه...؟ ، وإذ باللعين ينتفض ويصرخ بقوة : ألم أقل أنكم سطحيون ، فلا تقاطع وإستمع وتمعن. ثم قال : قبل هذا تعلم أن فلسطين وصراعها مع أتباع يهوه ، وبدعم الصهيوأمريكي ، تحتاج إلى عمل إستراتيجي وليس للهوبرة والشتائم ، وما الفكرة التي أرى إمكانية الإعتماد عليها ، تطويرها ، دعمها وتبنيها هي ذاتها التي طالما تغنيت بها . يا فصيح .

إنها فكرة مسار القانون الرابع الخلاقة ، التي أنجزتها وأعلنتها سمو الأميرة بنت سعود آل سعود ، التي فاعت عليها أعشاش الدبابير البشرية ، التي تعتاش ، تنمو ، تتكاثر وتكبُر على حساب عامة الناس من الفقراء ، البسطاء والتواقين للعيش بحرية ، بسلام ويمارسون فطريتهم في إعمار الأرض ، يتناغمون مع الطبيعة ويجهدون في سبيل الحفاظ على كرامتهم ،،،ألم يقل الله جل جلاله وقد كرَّمنا بني آدم...؟

- ثم قال : لكن، "إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه" وبالتالي يجدر بنا التوقف عند الذين يجعلون من الإنحياز للأميرة السعودية ، موضع تساؤل وفي ظنهم الآثم أن وراء ذلك مصلحة ، فأقول لهؤلاء ولم لا...؟ وماذا إن تشابكت المصالح بين الخيّرين...؟ الساعين لترسيخ فكرة مسار القانون الرابع ، التي نرى أنها إن تعمقت في الوجدان العربي ، الإسلامي خاصة والبشري عامة ، أو كما أطلقت عليه الأميرة بسمة الخلية الإنسانية . فهذه الفكرة إن وَجَدت من رجال ونساء العرب ، المسلمين وأحرار العالم ، من يُفعِّل ويتفاعل ويُطبق مضامين هذا المسار ، فنكون عندئذ قد كسبنا جميعا ، وحصلنا على أهم وأعظم مصلحة ، فيما يتعلق بسعينا كعرب ومسلمين لتحرير فلسطين.

- قلت بسرعة ، من الفصيح أنا أم أنت...؟ وما علاقة فلسطين بالقانون الرابع...؟؟؟

- تنحنح اللعين ، رشف الشاي ، اشعل سيجارة وتدثر بعباءة الواعظ وقال :

- حين يتأمل المنصفون إصرار الأميرة بسمة السعودية ، على مواجهة قوى الفساد والإفساد الظلامية ، ليس في وطنها الأم المملكة العربية السعودية ، ولا في العالمين العربي والإسلامي فحسب ، ومن ثم تذهب في مسار قانونها الرابع لتطهير الخلية الإنسانية ، من الأدران والأمراض الخبيثة التي علقت في نفوس بعض البشر ، وللقضاء على المثالب التي تكاثرت وتنوعت حتى طالت سمات الطبيعة ، كزواج المثليين ، إنتشار المخدرات ، الإتجار بالبشر وغيرها من الآفات والأمراض، والتي سببت ما نشهده من تغوّل على القيم الإنسانية الفطرية ، التي قوامها الحرية ، المساواة ، العدالة ، الحب ، التعاون والمشاركة .

- وحين تكون غاية الأميرة بسمة بنت سعود هي هذه ، فلا شك أنها تدرك بأن البداية فلسطين والنهاية فلسطين ، وأنه بدون حل لقضية فلسطين ، لا صلاح ولا إصلاح لمسيرة الإنسانية ، لأن ما حدث ويحدث في فلسطين ، هو التحدي القيمي الأكبر لجميع البشر ، وتحديدا للمتشدقين بالحرية ، الديموقراطية وحقوق الإنسان ، وفي ذات اللحظة يدعمون الفصل العنصري الذي يمارسه الصهيوني ضد فلسطين الأرض ، الشعب ، القدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية.

- وفيما أنا أُفكر وأتأمل ما سمعت ، إستمر فاقد الدهشة مزهوا بحديثه وراح يقول :

- في زمن العجايب ، ليس من الغرابة بشيئ أن يخرج علينا المحبطون الذين لا يرون أبعد من أنوفهم ، بتساؤلات متوقعة حول كيفية تحرير فلسطين عبر هذا المسار...!!! ، فمثل هؤلاء لم يدركوا بعد الفرق بين العمل التكتيكي والعمل الإستراتيجي ، وأن عدونا وعدو البشرية عامة، المعروف باليهودية العالمية ، التي تعتبر جميع البشر "جويم" ، أي عبيد وخدم لليهود ، وهذا العدو الذي عمل على مدى ثلاثة آلاف عام ، لتحقيق حلم تلمودي طوطمي ، إستمر خلالها يعزف ليل نهار شُلت يميني إذا نسيتك يا أورشليم ، فما بالنا نحن أصحاب الأرض وحقنا فيها ساطع كالشمس ، نتقافز ونتنابز ووهنت هممنا في قرن من الزمن ، وهو القرن الذي بدأ فيه عدونا يُحقق حلمه على حساب خذلالنا ، هواننا ، تواطؤ بعض حُكامنا ، سوء تدبيرنا ، نفاذ صبرنا وفرقتنا .

- ما أن قلت : كلام جميل ، حتى بدأ فاقد الدهشة يُلملم حاجياته ، ووقف استعدادا للرحيل وهو يقول .
- "زرعوا فأكلنا ، ونزرع فيأكلون" ولست مبالغا إن قلت أن البذرة التي زرعتها بسمة السعودية ، المتمثلة بمسار القانون الرابع ، هي فعلا أهم ما يتوجب فعله لإعادة الحياة لهذه الأمة الموات ، فهذه الغرسة "القانون الرابع" ، إن حظيت بالعناية والرعاية من القوى الحية في هذه الأمة ، فإن الطريق يصبح معبدا لتربية جيل عربي ، إسلامي وإنساني على مبادئ الحرية ، الديموقراطية ، العدل ، المساواة وحقوق الإنسان، ولأن مسار القانون الرابع هو عمل إستراتيجي بإمتياز ، فلا غرو أن نُذكر بوصية لقمان الحكيم ، إذ يقول لإبنه : إن أردت العيش بطمأنينة ، فعليك أن تتعلم،،،من الديك اليقظة،،،من الحمل الوداعة،،،من النمل المُثابرة ومن أيوب الصبر ، فهل نحن فاعلون...؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات