الزعبي يكتب: ألم يأن للمرجفين أن يخرسوا؟


إنَّ الهويّة والوحدةَ الوطنيةَ في الأردنِّ خطٌّ أحمر ،وإنَّ فكرةَ الوطنِ البديلِ وهمٌ غيرُ موجودةٍ إلا في عقولِ ضِعافِ النفوسِ ،الذي يقولُ عن الوطنِ البديلِ ،لازم أنْ نقولَ لهُ أنتَ مجنونٌ ،هلْ يجوزُ أنْ نقولَ : وطنٌ بديلٌ , ونبقى قاعدين ؟! نحنُ بحاجةٍ إلى رجالٍ - يا لَها مِنْ أمنيةٍ غاليةٍ !

بهذهِ الكلماتِ ،وأمامَ ثلةٍ من المثقفين الأردنيين ،فَضَحَ الملكُ وعرّى كل الذين يتطاولون على موائدِ اللئامِ ،برقابِهم القصيرةِ وقاماتِهم القميئةِ ورؤوسِهم الفارغةِ على الأردنِّ وأهلِهِ ،أؤلئكَ الأقزامُ مِن ذوي الأقلامِ ،الذين لا يريدون بالأردنّ وأهلِهِ إلا الشرَّ ،هذهِ الحفنةِ المارقةِ ،مِن العادِين على بلدِ الحشدِ والرباطِ ،الذين أدمنوا الحياة بين نتنِ الجِيفِ وعفنِ الأقذارِ ،ففقدوا الإحساسَ بالنتنِ والعفنِ ،وظنّوا أنَّ النتنَ قد زالَ وهو باقٍ .

إنّنا قرأنا وسمعنا لأناسٍ كتبوا ونشروا وأذاعوا مقالاتٍ تُضَارُّ الأردنَّ وأهلَهَ ،قطرتْ أقلامُهم وألسنتُهم بما انطوتْ عليه قلوبُهم مِن العداءِ للوطنِ وأهلهِ،وكراهيةِ هذا البلدِ .

تأملّنا كتاباتِهم وتأملّنا كلامَهم ،واستمعنا إلى ما أذاعوا ونشروا ,وقد زرعوا الخوفَ والهلعَ في أوساطِ شعبِنا بعدَ ما سمّموا أجواءَنا بأجِنْدَاتِهم الخاصّة ،التي كادتْ أنْ تسبِبَ شرخاً غائراً في نسيجنا الاجتماعيّ.

إنّهم يتحدثون بلْ يراهنون على فرقةِ هذا الشعبِ ,وعلى تمزيقهِ ,وتحطيمِ نسيجِهِ الاجتماعِيِّ ،إنّهم اِلأبواقُ الناعقةُ باسمِ يهودِ الرجسِ ،إنّهم يتحدثون عن بدعةٍ يُسمونها الوطنَ البديلَ وعن التوطين ،وعن أطروحاتٍ غربيةٍ بائسةٍ تتناقضُ معَ ثوابِتِنا الوطنيّة وقيَمنا وفضائِلنا وأخلاقِنا التي شرّفنا الله بها ،وبذلك يتبنون أجندةَ حكومةِ يمينيةِ إسرائيلية متطرفةٍ ،تسعى إلى تصديرِ أزْماتِها إلى وطنِنا .

لقدْ جاءَت كلماتُ الملكِ عبدِ اللهِ الثانِي ،كالبلسمِ الشافِي لكلِ غيورٍ على هذا البلدِ الطاهرِ الطهورِ بعدما أخذَ على عاتِقهِ فضحِ هؤلاءِ بأسمائِهم وعلى رؤوسِ الأشهادِ إنْ لمْ يخرَسوا.

أقولُ لهؤلاءِ : ما قالهُ الملكُ ،إنّ الوطنّ البديلّ حلمٌ زائفٌ ،لا وجودَ له إلا في أدمغةٍ عشّش فيها الخرابُ والكوابيسُ المريضةُ ،وهو مخططٌ صهيوني خبيثٌ لن يرى النور بعون الله ،ما دامَ فينا عين تطرف وعرق ينبض .

وليعلمْ القاصي والداني ،أنّ الأردنّ هو الأردنّ ،وفلسطينَ هي فلسطينً ،والأقصى سيبقى كما كانَ وأكثر في أغلي جزءٍ من أفئدتِنا ،إنّه مِن مكوناتِ عقيدتِنا .

فالأردنّ الأقربُ إلى فلسطينَ ،وواجبُهُ أنْ يحميَها ،ويحمِيَ شعبَها ،لا أنْ يتآمرَ عليها وعلَى شعبِها فهمْ الأهلُ والأحبةُ والعشيرةُ .

فأردُننا ارضُ الحشدِ والرباطِ ،تعطّرت جباهنُا بثراه الغالِي ،الذي يقولُ بحقّهِ الحبيبُ المصطفى – صلّى الله عليه وسلّم - : ( تقاتلون اليهودَ أنتم شرقيّ النهر وهم غربيّه . فقال احد الصحابة في حديث صحيح : أيُّ نهرٍ يا رسولَ اللهِ ،قالَ : نهرُ الأردنّ ،يقولُ الصحابيُّ : واللهِ ما كنتُ أعرِفُ أنّ في الأرضِ نهراً يسمّى الأردنّ . (

إنّ صالوناتِ النميمةِ السياسيّةِ ،التِي تقتاتُ على الكذبِ والتضليلِ ،مِنَ المتردّية والنطيحة والموقوذة , والتي تنتشرُ في طولِ عمّانَ وعَرضِها ,انتشارِ النارِ في الهشيمِ ,هي صاحبةُ هذهِ الأفكارِ الخبيثةِ ,وما هي إلا مواخيرُ لممارسةِ الدعارةِ السياسيّةِ ,وهي في حقيقتِها لا تعبِّر إلا عن أصحابِها الموتورين ,وما يعتلجُ في عقولهم الخبيثةِ مِن أوهامٍ ,جعلتهم جَسورين على ثوابتِ هذا الوطنِ ومبادئِهِ ,وقيمهِ وفضائِله ومحاسنِه ,وكأنّهم جنودٌ مجندةٌ مِن أعداءِ الوطنِ , لهدمِ استقرارهِ , وأمنهِ ,واقتلاعِه مِن قلوبِ أهلهِ.

فحالُ هؤلاءِ ,كحالِ أصحابِ مسجدِ الضِّرارِ ,الذين ادّعَوا أنّهم بنَوا مسجِداً لِذي العِلّةِ والحاجةِ والليلةِ المطيرةِ ,وإنّما بنَوه مِن اجلِ حَبْكِ المؤامراتِ ,والكيدِ للمسلمينِ ,فطلبوا مِن رسولِ اللهِ – صلّى الله عليهِ وسلّم – أن يصليَّ بهم فيه ,وكانَ على عجَلةٍ مِن أمرهِ ,لأنّه كان قد تجهّزَ لغزوةِ تبوك ,فلمّا عادَ مِن تبوكَ ونزلَ بذي أوان ,أتاه خبرُ المسجدِ مِن السماءِ ,فدعا رسولُ اللهِ - صلّى الله عليهِ وسلّم – اثنين مِن الصحابةِ هما : عاصِم بنْ عَدِيّ العجلاني و مالك بن الدخشم السالِمي – رضِي الله عنهما – فقالَ لهما : ( انطلِقا إلى هذا المسجدِ الظالمِ أهلُه فاهدمَاه ثمَّ حَرِّقاه ) فأخذا سعْفاً مِن النخلِ ، فأشعلا فيهِ ناراً ، ثم خرجا يشتدّان حتّى دخلاه وفيهِ أهلَه ، فحرَّقاهُ وهدمَاهُ ، وتفرّقوا عنه ، ونزلَ فيهم مِن القرآنِ ما نزلَ : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )

آنَ الأوانُ يا مولاي ،لتقولَ للمخلصين من أبناءِ شعبِك ,انطلقوا إلى هذهِ الصالوناتِ الظالمِ أهلُها ,فاهدموها ثم حرّقوها على رؤوسِ أصحابِها أسوة برسولِ اللهِ – صلّى الله عليه وسلّم - .

آنَ الأوانُ يا مولاي ,لتعودَ لسعاتِ دبابيرِ الظلامِ وخفافيشهِ ,إلى جحورهِا مدحورةً بإذنِ اللهِ , لِأنّ لا مزايدات بعدَ اليومِ .

رسولُنا محمدٌ – صلّى الله عليه وسلّم – يضربُ لنا أيضًا مثلاً رائعًا لأولئكَ (الذينَ طَغَوا فِي البلادِ فأكثروا فيها الفسَادِ) أنْ لا نتركَهم يسرحونَ ويمرحونَ ويفعلونَ ما يحلو لهم , دونَ أنْ نمنَعَهم مِن اقترافِ جريمتِهم , قال – صلَّى الله عليهِ وسلّم - : (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ، مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا) .

اللهمْ مَن أرادَ بهذا الوطنِ سوءًا فاجعلْ دائرةَ السوءِ عليهِ ,ومَن كادَ لهُ فردَّ كيدَهُ في نحرهِ ,إنّك وليُّ ذلكَ والقادرُ عليهِ .



إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات