دروس من الربيع العربي
مفهوم الربيع العربي من المفاهيم الحديثة التي تم استخدامه بعد قيام بعض الثورات الشعبية العربية على أنظمة الحكم في تلك البلدان ، و قد ظهرت هذا الثورات على أنظمة الحكم في تلك البلاد لأسباب عديدة منها ما يتعلق بالحقوق السياسية ، والتعطش للكرامة والحرية ، وممارسة الديمقراطية الحقيقية التي حرموا منها طويلاً ، ومنها ما يتعلق بالمطالب المعيشية الحياتية ومن أبرز الدروس والدلالات المستفادة من الربيع العربي الدروس الآتية :
• إن الشعوب العربية كغيرها من شعوب العالم تتوق إلى الحرية والكرامة ، ولديها الرغبة الأكيدة في ممارسة حقها في اختيار ممثليها بطريقة ديمقراطية وفق المعايير العالمية الشفافة والواضحة .
• ثبت أن الهدف من هذه الثورات هو محاولة الإصلاح الحقيقي، ومحاربة الفساد حيث أن النظم العربية قد عجزت عن تلبية طموح شعوبها ، كما عجزت عن تحقيق النهضة الشاملة لدولها ، وعجزت عن توفير متطلبات العيش الكريم ، ومواكبة التقدم العلمي والحضاري مقارنة مع دول استقلت بعدها وملكت زمام أمرها .
• إن الشعوب العربية لديها الوعي الكافي بحقوقها السياسية والمدنية ، لكن أنظمة الاستبداد تحول بينها وبين حقوقها المشروعة.
• أثبتت الثورات وجود فجوة كبيرة بين الأنظمة الحاكمة في البلاد العربية وبين شعوبها بدليل أن شرارة في بلد عربي واحد حرك بقية الشعوب بصورة تلقائية مما يعني وجود قواسم مشتركة بين هذه الشعوب من حيث واقعها ، ومن حيث معاناتها ، ومن حيث تطلعاتها وآمالها المشتركة .
• أثبتت الثورات بما لا يدع مجالاً للشك دور وسائل الإعلام ، ومواقع التواصل الاجتماعي في تحريك الناس ، وفي صناعة الرأي العام ، وفي توعية الشعوب بحقوقها من جهة ، ومن جهة أخرى أثر وسائل الإعلام في تأجيج الصراعات ، وفي إيقاظ النزعات الطائفية والفتن بين الشعوب فيما بينها عبر التركيز على موضوعات ذات حساسية لدى فئات متعددة من الشعوب العربية .
• أثبتت الثورات أن عناصر الثقافة العربية من الدين واللغة والتاريخ ما زالت حية في نفوس الشعوب رغم سياسيات التجزئة والتفرقة ، ورغم الحدود المصطنعة التي رسمها الاستعمار ، والتي حافظ عليها حماة مصالحة من الطبقات الحاكمة ، ومن النخب التي تدور في فلكه بحكم مصالحها .
• أثبتت الثورات العربية وجود قوى الشد العكسي والثورات المضادة التي لا يعنيها سوى مصالحها ، والتي لا تريد للوطن العربي أن ينهض ، وهي تحاول جاهدة أن يستمر الوضع العربي على ما هو عليه من الهوان والضعف حفاظاً على مكاسبها الشخصية، أو الفئوية، أو الجهوية ، أو الحزبية على حساب نهضة الأوطان وتحررها وكرامتها ، وصناعة مستقبلها .
• أثبتت الثورات العربية أن الإسلام ما زال المحرك الرئيسي لشعوب العالم العربي ، وأنه قوة كامنة في النفوس ، وأنه سر نهضة الشعوب الإسلامية بما لديه من طاقات قادرة على تغيير واقع الشعوب رغم عمليات التغييب، والتشويه، والإقصاء ، والتضييق ، وتجفيف منابعه ، وعدم إعطاء دعاته أية منابر إعلامية أو غيرها لبيانه على صورته الصحيحة .
• أثبتت ثورات الربيع العربي أن لدى دعاة الإسلام السياسي برامج سياسية ورؤية لدولة مدنية حديثة تؤمن بالحوار والانفتاح والتعددية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع رغم ما يقال ويشاع عنهم ، والواقع يجيب على سؤال من الإقصائي ؟ ومن الأكثر قبولاً بالرأي الأخر ؟ ومن يحاول أن يقصي من ؟ .
• أثبتت الثورات وجود أيدلوجيات في الوطن العربي لا يمكن الجمع بينها ، فالخط الإسلامي بمرجعيته الإسلامية لا يلتقي مع المرجعيات العلمانية ، والدليل على ذلك ما يحدث في مصر ، وما يحدث في تونس ، وما يحدث في ليبيا وغيرها من البلدان العربية .
• ثبت من نتائج انتخابات ثورات الربيع الإسلامي أن دعاة الإسلام السياسي قد وقعوا في بعض الأخطاء التي أعطت الفرصة لخصومهم أن يتحالفوا ضدهم ، ومن تلك الأخطاء الاستعجال في الوصول إلى السلطة ، والسماح لخصومهم العمل بحرية تامة ، ومحاولة إعادة هيكلة المؤسسات بطريقة ديمقراطية دون الانتباه إلى وجود جهات داخلية وخارجية تتربص بهم ، وكان الأولى إعطاء التجربة الديمقراطية أن تنضج أكثر لتتهيأ الفرصة أكثر في الوصول إلى دولة مستقرة نسبياً .
• أثبتت الثورات العربية أن الفئات الحاكمة في الوطن العربية والقوى المتحالفة معها من القوى العلمانية واللبرالية لا تؤمن بصناديق الاقتراع ، ولا تؤمن بالرأي الأخر ، وأنها تحاول إقصاء الطرف الأخر مهما كان الثمن ، وأن دعوتها للديمقراطية مجرد إدعاء ، وأن حقوق الإنسان مجرد شعار ، فإذا جاءت صناديق الاقتراع بغيرهم كفروا بها ، وظهرت صورتهم الحقيقية .
• أثبتت ثورات الربيع العربي شدة عداوة العلمانيين واللبراليين العرب للخط الإسلامي ، ويظهر ذلك عبر توظيف الإعلام الذي لا يتحري الحقيقة ، وتوظيف وسائل إعلام معادية لتشويه صورة الإسلاميين دون أية معايير من المهنية أو المصداقية ، كما يظهر ذلك جليا في مقدار الضخ الإعلامي ، وفي نوعية البرامج ، وفي نوعية من يتم استضافتهم في البرامج ممن عرف عنهم العداء الشديد لكل ما هو إسلامي أو لكل ما هو متعارض مع خطهم الفكري .
• أثبتت الثورات العربية نفاق الغرب فيما يسمى بالديمقراطية وحقوق الإنسان ، وأن الغرب لديه معايير مزدوجة في التعامل مع القضايا العربية والإسلامية ، ويتعامل معها وفق مصالحه ، وليس وفق المبادىء التي ينادي بها ، وظهر ذلك عبر مواقفه المتخاذلة المترددة من ثورات الربيع العربي ، فقد وقفت بعض الدول الغربية التي تزعم أنها راعية لحقوق الإنسان موقف المتفرج ، ولم تقم بأي دور في منع انتهاكات حقوق الإنسان التي صدعوا رؤوسنا بها منذ ردح من الزمن ، ولا قيمة لحقوق الإنسان إذا ما تعارضت مع مبادئهم ومصالحهم ، كما أن الأمم المتحدة تقف ذات الموقف الغربي من هذه القضايا.
• ظهر من سياق ثورات الربيع العربي أن الأنظمة العربية والقوى المتحالفة معها لا تؤمن بالحوار ولا تعترف إلا بما يتوافق مع مصالحها ، ويشترط في الحوار أن يكون على مقاسها .
• أظهرت ثورات الربيع العربي أن مصلحة إسرائيل هي المصلحة الأولى لدى الغرب ولدى الأنظمة المتحالفة معه في العالم العربي ، وأنها مقدمة على كل المصالح الأخرى ، كما أنها مقدمة على المبادىء التي ينادون بها " فلا صوت يعلو فوق صوت إسرائيل ، ولا مصالح تعلو فوق مصالح إسرائيل " وقد ثبت ذلك عبر تصريحات العديد من زعماء الدول التي ظهرت فيها الثورات العربية ، وعبر اللقاءات التي تظهر في وسائل الإعلام ، وعبر تطمينات بعض المسؤولين العرب لإسرائيل أن لا خوف على مصالحها في حالة وقوفها في صفه .
• أظهرت ثورات الربيع العربي أن المستفيد الأول من الثورات المعاكسة هي إسرائيل ، وهي توظف نفوذها وإعلامها للتأجيج الصراعات والفتن في الوطن العربي ليستمر في حالة الفوضى التي تخدم مصالح إسرائيل .
• أظهرت ثورات الربيع العربي توظيف الفتاوى الدينية من قبل نظم الحكم في الوطن العربي بطريقة تخدم مصالحها ، وأن بعض المؤسسات الدينية لا تمثل وجهة نظر الإسلام في البعد السياسي بقدر ما تمثل وجهة نظر القائمين عليها ، وأنها لا تعدو أكثر من كونها جهة تابعة للسلطة تبرر لها سلوكها ، وأنها لسيت لديها الاستقلالية في إصدار الفتوى ، وتعد إحدى مؤسسات السلطة القائمة حيث يتم تعيين القائمين عليها حسب معايير السلطة ، وليس بطريقة الانتخاب من بين العلماء الذين يملكون أدوات الاجتهاد ، لذلك يلاحظ وجود تعارض وتضارب في الفتاوى بين الفتاوى التي تمثل الاجتهاد الحر المستقل ، وبين الفتوى التي تمثل وجهة نظر المؤسسة التي تتبع السلطة القائمة في الدولة .
• أظهرت ثورات الربيع العربي ما يسمى بمصطلح "الدولة العميقة " ويراد بها أن السلطات الثلاث : التشريعية ، والتنفيذية ، والقضائية ، هي تدين بالولاء والانتماء لمؤسسة الحكم في تلك الدولة ، وأن عملية تغيير حاكم الدولة لا تعني القدرة على تنفيذ البرامج والإصلاحات المطلوبة باعتبار أن أجهزة الدولة لا تعمل كفريق واحد ، وهي تشكل عبئاً ثقيلاً على أدوات التنفيذ ، وتشكل إعاقة للعمل ، وهذا ما أثبتته التجربة المصرية والتونسية .
• أظهرت ثورات الربيع العربي التحالف الوثيق بين رأس المال " رجال الإعمال " وبين الإعلام من جهة ، ومن جهة أخرى بين رجال الأعمال والإعلام والسلطة مما يشكل خدمة لهذه الفئات الثلاث : السلطة الحاكمة ، رجال الإعمال ، والإعلام ، وقد أدى هذا التحالف بين المكونات إلى صعوبة تغيير الأوضاع القائمة بالصورة التي تريدها الشعوب .
• أظهرت ثورات الربيع العربي أن التعويل على الدعم الخارجي هو رهان خاسر ، وأن العالم الغربي يبحث عن مصالحه مع أي طرف كان ، فالطرف الذي يحقق مصالحه يتحالف معه بغض النظر عن كونه دكتاتوراً أو ديمقراطياً ، فالعبرة بتحقيق المصالح فقط ، ولهذا فالشعوب الحية هي التي تعول على إرادتها من داخلها بالتغيير السلمي الإيجابي الذي يحفظ كرامتها ، ويجنبها ويلات الفتن والحروب الأهلية .
• أثبتت ثورات الربيع العربي الخوف من الإسلام السياسي " فوبيا الإسلام " وهذا بفعل تأثير وسائل الإعلام الغربية والمصادر الإعلامية التي تستند إليه ، وبفعل تأثير اللوبيات العالمية التي تخدم مصالح إسرائيل ومصالح الغرب ، ولهذا نجد أن الغرب يتردد كثيراً في دعم الديمقراطيات الناشئة ، ويتردد في دعم حقوق الإنسان في دول الربيع العربي .
• أظهرت ثورات الربيع العربي أن العالم الاستعماري الغربي قد استطاع أن يغرس بذور التفرقة في العالم العربي والإسلامي عبر تغذية الطائفية ورعايتها ودعمها ودعم الجهات التي تتبناها ، وعبر دعم الجهوية ، والمذهبية ، والنزعات العرقية ، وكل هذه الأمور أصبحت تطل برأسها أكثر من أي وقت مضى .
• أثبتت ثورات الربيع العربي أن الانتخابات التي كانت تجري في الوطن العربي هي انتخابات شكلية لا تمثل إرادة الشعوب في اختيار ممثليها ، ولا إرادة الشعوب في الدفاع عن قضاياها ، وإنما هي واجهة تستخدمها الأنظمة لتزيين صورتها أمام الرأي العام العالمي ، وأن هذه الأنظمة تدافع عن وجودها بشراسة مهما كلفها ذلك من ثمن من موارد الدولة ، ومن دماء شعوبها ما دام أن الثمن هو البقاء في السلطة .
• أثبتت ثورات الربيع العربي أن ثمن التغيير سيكون باهظاً ، وأن التغيير لا يكون إلا عبر التضحيات الجسام ، وأن المواقف لا تكون بلا ثمن ، وقد أثبتت تجارب الشعوب الأخرى أن عمليات التغيير أخذت وقتاً وجهداً وتضحيات جسام حتى وصلوا إلى حالة الاستقرار أولاً ثم النهوض ثانياً .
• ثبت من الثورات المضادة أن الخاسر الأكبر فيما يجري هي الشعوب العربية التي تفاءلت كثيراً في تحقيق بعض طموحاتها ، فقد تركت وحيدة في صراع مع أنظمة الاستبداد والقوى المتحالفة معه .
• ثبت من ثورات الربيع العربي وجود فئات من المجتمع العربي يمكن توظيفها لمن يدفع مثل "ظاهرة الشبيحة في سوريا" والتي تعمل لحساب الفئات الدافعة ، وظاهرة "البلطجية في مصر" ، ويمكن القياس على ذلك وجود فئات من المجتمعات العربية تبيع صوتها لمن يدفع في الانتخابات لحساب الفئات التي تملك المال وهي ما تسمى " بظاهرة المال السياسي " .
• يتضح لدى المراقب والمتابع للشأن العربي بصورة عامة وجود صراع غير معلن بين الدول العربية على ما يسمى " الدولة المحورية " " أو من يتزعم الدول العربية " لذلك تتبنى الدول مواقف من هذا القبيل لتأييد هذا الموقف أو ذاك انطلاقا من هذا المبدأ ، ويتضح هذا عبر تحليل مجريات الأحداث في دول الربيع العربي .
• ويتضح بشكل جلي لدى من لديه أدنى اهتمام بما يجري في الوطن العربي أن المنطقة العربية هي منطقة صراع ونفوذ عالمي بين القوى العالمية المختلفة ، وهو صراع إرادات بين تلك القوى ، لذلك الأصابع الخفية تلعب دورها ، والأصابع المعلنة لها دورها ، والمنطقة مستهدفة يراد أن لا تستقر ، وشعوب المنطقة هي التي تدفع ثمن هذا الصراع .
مفهوم الربيع العربي من المفاهيم الحديثة التي تم استخدامه بعد قيام بعض الثورات الشعبية العربية على أنظمة الحكم في تلك البلدان ، و قد ظهرت هذا الثورات على أنظمة الحكم في تلك البلاد لأسباب عديدة منها ما يتعلق بالحقوق السياسية ، والتعطش للكرامة والحرية ، وممارسة الديمقراطية الحقيقية التي حرموا منها طويلاً ، ومنها ما يتعلق بالمطالب المعيشية الحياتية ومن أبرز الدروس والدلالات المستفادة من الربيع العربي الدروس الآتية :
• إن الشعوب العربية كغيرها من شعوب العالم تتوق إلى الحرية والكرامة ، ولديها الرغبة الأكيدة في ممارسة حقها في اختيار ممثليها بطريقة ديمقراطية وفق المعايير العالمية الشفافة والواضحة .
• ثبت أن الهدف من هذه الثورات هو محاولة الإصلاح الحقيقي، ومحاربة الفساد حيث أن النظم العربية قد عجزت عن تلبية طموح شعوبها ، كما عجزت عن تحقيق النهضة الشاملة لدولها ، وعجزت عن توفير متطلبات العيش الكريم ، ومواكبة التقدم العلمي والحضاري مقارنة مع دول استقلت بعدها وملكت زمام أمرها .
• إن الشعوب العربية لديها الوعي الكافي بحقوقها السياسية والمدنية ، لكن أنظمة الاستبداد تحول بينها وبين حقوقها المشروعة.
• أثبتت الثورات وجود فجوة كبيرة بين الأنظمة الحاكمة في البلاد العربية وبين شعوبها بدليل أن شرارة في بلد عربي واحد حرك بقية الشعوب بصورة تلقائية مما يعني وجود قواسم مشتركة بين هذه الشعوب من حيث واقعها ، ومن حيث معاناتها ، ومن حيث تطلعاتها وآمالها المشتركة .
• أثبتت الثورات بما لا يدع مجالاً للشك دور وسائل الإعلام ، ومواقع التواصل الاجتماعي في تحريك الناس ، وفي صناعة الرأي العام ، وفي توعية الشعوب بحقوقها من جهة ، ومن جهة أخرى أثر وسائل الإعلام في تأجيج الصراعات ، وفي إيقاظ النزعات الطائفية والفتن بين الشعوب فيما بينها عبر التركيز على موضوعات ذات حساسية لدى فئات متعددة من الشعوب العربية .
• أثبتت الثورات أن عناصر الثقافة العربية من الدين واللغة والتاريخ ما زالت حية في نفوس الشعوب رغم سياسيات التجزئة والتفرقة ، ورغم الحدود المصطنعة التي رسمها الاستعمار ، والتي حافظ عليها حماة مصالحة من الطبقات الحاكمة ، ومن النخب التي تدور في فلكه بحكم مصالحها .
• أثبتت الثورات العربية وجود قوى الشد العكسي والثورات المضادة التي لا يعنيها سوى مصالحها ، والتي لا تريد للوطن العربي أن ينهض ، وهي تحاول جاهدة أن يستمر الوضع العربي على ما هو عليه من الهوان والضعف حفاظاً على مكاسبها الشخصية، أو الفئوية، أو الجهوية ، أو الحزبية على حساب نهضة الأوطان وتحررها وكرامتها ، وصناعة مستقبلها .
• أثبتت الثورات العربية أن الإسلام ما زال المحرك الرئيسي لشعوب العالم العربي ، وأنه قوة كامنة في النفوس ، وأنه سر نهضة الشعوب الإسلامية بما لديه من طاقات قادرة على تغيير واقع الشعوب رغم عمليات التغييب، والتشويه، والإقصاء ، والتضييق ، وتجفيف منابعه ، وعدم إعطاء دعاته أية منابر إعلامية أو غيرها لبيانه على صورته الصحيحة .
• أثبتت ثورات الربيع العربي أن لدى دعاة الإسلام السياسي برامج سياسية ورؤية لدولة مدنية حديثة تؤمن بالحوار والانفتاح والتعددية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع رغم ما يقال ويشاع عنهم ، والواقع يجيب على سؤال من الإقصائي ؟ ومن الأكثر قبولاً بالرأي الأخر ؟ ومن يحاول أن يقصي من ؟ .
• أثبتت الثورات وجود أيدلوجيات في الوطن العربي لا يمكن الجمع بينها ، فالخط الإسلامي بمرجعيته الإسلامية لا يلتقي مع المرجعيات العلمانية ، والدليل على ذلك ما يحدث في مصر ، وما يحدث في تونس ، وما يحدث في ليبيا وغيرها من البلدان العربية .
• ثبت من نتائج انتخابات ثورات الربيع الإسلامي أن دعاة الإسلام السياسي قد وقعوا في بعض الأخطاء التي أعطت الفرصة لخصومهم أن يتحالفوا ضدهم ، ومن تلك الأخطاء الاستعجال في الوصول إلى السلطة ، والسماح لخصومهم العمل بحرية تامة ، ومحاولة إعادة هيكلة المؤسسات بطريقة ديمقراطية دون الانتباه إلى وجود جهات داخلية وخارجية تتربص بهم ، وكان الأولى إعطاء التجربة الديمقراطية أن تنضج أكثر لتتهيأ الفرصة أكثر في الوصول إلى دولة مستقرة نسبياً .
• أثبتت الثورات العربية أن الفئات الحاكمة في الوطن العربية والقوى المتحالفة معها من القوى العلمانية واللبرالية لا تؤمن بصناديق الاقتراع ، ولا تؤمن بالرأي الأخر ، وأنها تحاول إقصاء الطرف الأخر مهما كان الثمن ، وأن دعوتها للديمقراطية مجرد إدعاء ، وأن حقوق الإنسان مجرد شعار ، فإذا جاءت صناديق الاقتراع بغيرهم كفروا بها ، وظهرت صورتهم الحقيقية .
• أثبتت ثورات الربيع العربي شدة عداوة العلمانيين واللبراليين العرب للخط الإسلامي ، ويظهر ذلك عبر توظيف الإعلام الذي لا يتحري الحقيقة ، وتوظيف وسائل إعلام معادية لتشويه صورة الإسلاميين دون أية معايير من المهنية أو المصداقية ، كما يظهر ذلك جليا في مقدار الضخ الإعلامي ، وفي نوعية البرامج ، وفي نوعية من يتم استضافتهم في البرامج ممن عرف عنهم العداء الشديد لكل ما هو إسلامي أو لكل ما هو متعارض مع خطهم الفكري .
• أثبتت الثورات العربية نفاق الغرب فيما يسمى بالديمقراطية وحقوق الإنسان ، وأن الغرب لديه معايير مزدوجة في التعامل مع القضايا العربية والإسلامية ، ويتعامل معها وفق مصالحه ، وليس وفق المبادىء التي ينادي بها ، وظهر ذلك عبر مواقفه المتخاذلة المترددة من ثورات الربيع العربي ، فقد وقفت بعض الدول الغربية التي تزعم أنها راعية لحقوق الإنسان موقف المتفرج ، ولم تقم بأي دور في منع انتهاكات حقوق الإنسان التي صدعوا رؤوسنا بها منذ ردح من الزمن ، ولا قيمة لحقوق الإنسان إذا ما تعارضت مع مبادئهم ومصالحهم ، كما أن الأمم المتحدة تقف ذات الموقف الغربي من هذه القضايا.
• ظهر من سياق ثورات الربيع العربي أن الأنظمة العربية والقوى المتحالفة معها لا تؤمن بالحوار ولا تعترف إلا بما يتوافق مع مصالحها ، ويشترط في الحوار أن يكون على مقاسها .
• أظهرت ثورات الربيع العربي أن مصلحة إسرائيل هي المصلحة الأولى لدى الغرب ولدى الأنظمة المتحالفة معه في العالم العربي ، وأنها مقدمة على كل المصالح الأخرى ، كما أنها مقدمة على المبادىء التي ينادون بها " فلا صوت يعلو فوق صوت إسرائيل ، ولا مصالح تعلو فوق مصالح إسرائيل " وقد ثبت ذلك عبر تصريحات العديد من زعماء الدول التي ظهرت فيها الثورات العربية ، وعبر اللقاءات التي تظهر في وسائل الإعلام ، وعبر تطمينات بعض المسؤولين العرب لإسرائيل أن لا خوف على مصالحها في حالة وقوفها في صفه .
• أظهرت ثورات الربيع العربي أن المستفيد الأول من الثورات المعاكسة هي إسرائيل ، وهي توظف نفوذها وإعلامها للتأجيج الصراعات والفتن في الوطن العربي ليستمر في حالة الفوضى التي تخدم مصالح إسرائيل .
• أظهرت ثورات الربيع العربي توظيف الفتاوى الدينية من قبل نظم الحكم في الوطن العربي بطريقة تخدم مصالحها ، وأن بعض المؤسسات الدينية لا تمثل وجهة نظر الإسلام في البعد السياسي بقدر ما تمثل وجهة نظر القائمين عليها ، وأنها لا تعدو أكثر من كونها جهة تابعة للسلطة تبرر لها سلوكها ، وأنها لسيت لديها الاستقلالية في إصدار الفتوى ، وتعد إحدى مؤسسات السلطة القائمة حيث يتم تعيين القائمين عليها حسب معايير السلطة ، وليس بطريقة الانتخاب من بين العلماء الذين يملكون أدوات الاجتهاد ، لذلك يلاحظ وجود تعارض وتضارب في الفتاوى بين الفتاوى التي تمثل الاجتهاد الحر المستقل ، وبين الفتوى التي تمثل وجهة نظر المؤسسة التي تتبع السلطة القائمة في الدولة .
• أظهرت ثورات الربيع العربي ما يسمى بمصطلح "الدولة العميقة " ويراد بها أن السلطات الثلاث : التشريعية ، والتنفيذية ، والقضائية ، هي تدين بالولاء والانتماء لمؤسسة الحكم في تلك الدولة ، وأن عملية تغيير حاكم الدولة لا تعني القدرة على تنفيذ البرامج والإصلاحات المطلوبة باعتبار أن أجهزة الدولة لا تعمل كفريق واحد ، وهي تشكل عبئاً ثقيلاً على أدوات التنفيذ ، وتشكل إعاقة للعمل ، وهذا ما أثبتته التجربة المصرية والتونسية .
• أظهرت ثورات الربيع العربي التحالف الوثيق بين رأس المال " رجال الإعمال " وبين الإعلام من جهة ، ومن جهة أخرى بين رجال الأعمال والإعلام والسلطة مما يشكل خدمة لهذه الفئات الثلاث : السلطة الحاكمة ، رجال الإعمال ، والإعلام ، وقد أدى هذا التحالف بين المكونات إلى صعوبة تغيير الأوضاع القائمة بالصورة التي تريدها الشعوب .
• أظهرت ثورات الربيع العربي أن التعويل على الدعم الخارجي هو رهان خاسر ، وأن العالم الغربي يبحث عن مصالحه مع أي طرف كان ، فالطرف الذي يحقق مصالحه يتحالف معه بغض النظر عن كونه دكتاتوراً أو ديمقراطياً ، فالعبرة بتحقيق المصالح فقط ، ولهذا فالشعوب الحية هي التي تعول على إرادتها من داخلها بالتغيير السلمي الإيجابي الذي يحفظ كرامتها ، ويجنبها ويلات الفتن والحروب الأهلية .
• أثبتت ثورات الربيع العربي الخوف من الإسلام السياسي " فوبيا الإسلام " وهذا بفعل تأثير وسائل الإعلام الغربية والمصادر الإعلامية التي تستند إليه ، وبفعل تأثير اللوبيات العالمية التي تخدم مصالح إسرائيل ومصالح الغرب ، ولهذا نجد أن الغرب يتردد كثيراً في دعم الديمقراطيات الناشئة ، ويتردد في دعم حقوق الإنسان في دول الربيع العربي .
• أظهرت ثورات الربيع العربي أن العالم الاستعماري الغربي قد استطاع أن يغرس بذور التفرقة في العالم العربي والإسلامي عبر تغذية الطائفية ورعايتها ودعمها ودعم الجهات التي تتبناها ، وعبر دعم الجهوية ، والمذهبية ، والنزعات العرقية ، وكل هذه الأمور أصبحت تطل برأسها أكثر من أي وقت مضى .
• أثبتت ثورات الربيع العربي أن الانتخابات التي كانت تجري في الوطن العربي هي انتخابات شكلية لا تمثل إرادة الشعوب في اختيار ممثليها ، ولا إرادة الشعوب في الدفاع عن قضاياها ، وإنما هي واجهة تستخدمها الأنظمة لتزيين صورتها أمام الرأي العام العالمي ، وأن هذه الأنظمة تدافع عن وجودها بشراسة مهما كلفها ذلك من ثمن من موارد الدولة ، ومن دماء شعوبها ما دام أن الثمن هو البقاء في السلطة .
• أثبتت ثورات الربيع العربي أن ثمن التغيير سيكون باهظاً ، وأن التغيير لا يكون إلا عبر التضحيات الجسام ، وأن المواقف لا تكون بلا ثمن ، وقد أثبتت تجارب الشعوب الأخرى أن عمليات التغيير أخذت وقتاً وجهداً وتضحيات جسام حتى وصلوا إلى حالة الاستقرار أولاً ثم النهوض ثانياً .
• ثبت من الثورات المضادة أن الخاسر الأكبر فيما يجري هي الشعوب العربية التي تفاءلت كثيراً في تحقيق بعض طموحاتها ، فقد تركت وحيدة في صراع مع أنظمة الاستبداد والقوى المتحالفة معه .
• ثبت من ثورات الربيع العربي وجود فئات من المجتمع العربي يمكن توظيفها لمن يدفع مثل "ظاهرة الشبيحة في سوريا" والتي تعمل لحساب الفئات الدافعة ، وظاهرة "البلطجية في مصر" ، ويمكن القياس على ذلك وجود فئات من المجتمعات العربية تبيع صوتها لمن يدفع في الانتخابات لحساب الفئات التي تملك المال وهي ما تسمى " بظاهرة المال السياسي " .
• يتضح لدى المراقب والمتابع للشأن العربي بصورة عامة وجود صراع غير معلن بين الدول العربية على ما يسمى " الدولة المحورية " " أو من يتزعم الدول العربية " لذلك تتبنى الدول مواقف من هذا القبيل لتأييد هذا الموقف أو ذاك انطلاقا من هذا المبدأ ، ويتضح هذا عبر تحليل مجريات الأحداث في دول الربيع العربي .
• ويتضح بشكل جلي لدى من لديه أدنى اهتمام بما يجري في الوطن العربي أن المنطقة العربية هي منطقة صراع ونفوذ عالمي بين القوى العالمية المختلفة ، وهو صراع إرادات بين تلك القوى ، لذلك الأصابع الخفية تلعب دورها ، والأصابع المعلنة لها دورها ، والمنطقة مستهدفة يراد أن لا تستقر ، وشعوب المنطقة هي التي تدفع ثمن هذا الصراع .
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |