إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هٌموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا


قبل سنوات كانت تربط الناس والجيران روابط الجيرة والقرابة والمحبة والإخاء ، حيث كان عندما يريد الجيران صيانة بيت الطين القديم ، كانت الجيران ( تفزع ) لبعضها البعض دون أي طلب من صاحب البيت ، كانت النساء عندما تعرف موعد ( تطيين البيت ) ومن صلاة الفجر ، تتجمع النساء ، وتجد كل واحدة تزنرت بزنارها ولفت ( شليلها ) ( عصبتها ) على رأسها ، ويبدأن بالعمل بروح من المحبة والأخوة حتى يكتمل العمل . وعندما كان أحدنا يريد بناء غرفة من أجل أن يزوج أبنه ، كان ( يفزع ) الشباب والجيران والمعارف من أجل ( صبة الغرفة ) ، حيث كانت الفرحة تغمر وجوه الجميع بأن فلان يريد بناء غرفة ، وعندما يبدأ العمل كان صاحب البيت يقوم بإطلاق طلقتين من مسدسه ويبدأ العمل وتبدأ معه الأهازيج والغناء القديم ، وكانت لهذه المناسبات أغانيها المفضلة والتي تحث الجميع على العمل بجد واجتهاد ومن هذه الأغاني ( ولع الباطون ولع ، اشتغل وإلا أتقلع ) ( الباطون – هو الاسمنت ) ( أتقلع – أي اترك العمل ورَوح ) ( ومعلمنا هالملهوف ذابح للصبة خروف ) ( يا إمعلم مبروكه الدار والدخان جولد ستار ) ( ومعلمنا النابلسي جايب للصبة ببسي ) ( راحت على الجبيله ويا امعلم يا هبيله ) . ، وتكون جميعها بروح من المحبة والأخوة ودون أن يكون هناك إزعاج للمجاورين . وعند انتهاء العمل تكون المناسف جاهزة باللحم البلدي والذي غادرنا بغير رجعه بسبب جشع الطامعين .
أما في أيامنا الحالية (أيام الطنطات) وأيام الخصر الماصع وأيام الكريزي ، فقد تحلل البعض من عاداتنا وتقاليدنا الأردنية ، فقد أصبح الأخ لا يساعد أخاه ، والجار لا يعرف جاره ولا يحترمه ولا يقدر ظروفه مهما كانت ، المهم هو أن يقهر جاره وان يقهر ابن بلدته ، وينسى كل القيم والأخلاق التي تربينا عليها . عندما تحصل مناسبة فرح لا تعجبه مفرقعات الصوت البسيطة ، لا يعجبه إلا ( القنابل) صاحبة الهزة الأرضية ، والتي عندما تطلق فإنها لن تترك أحدا نائما ، دون مراعاة لمريض ولا شيخ كبير ولا طفل رضيع ولا طالب علم . تجدهم يتباهون بإطلاق تلك القنابل من أجل أن ( يقهروا ) حسب نظرتهم الضيقة العشيرة الفلانية أو عيلة فلان . ولا يهمهم إن كان الوقت متأخرا بعد منتصف الليل أو في أي وقت .
قبل أيام وقبل أذان الفجر صحوت من النوم مفزوعا بسبب تلك ( القنابل ) وأول كلمة قلتها ( إن شاء الله ما هو مبروك ) لماذا إطلاق المفرقعات والقنابل قبل صلاة الفجر بدقائق ، لماذا الناس ولا أعمم بأنها قد تحللت من الأخلاق والعادات والتقاليد . وكان إطلاق القنابل الصوتية والمفرقعات بسبب عودة أحد الأبطال العائد من تحرير ( سيراليون ) أليس هذا عيب على كل من لا يقدر ظروف الناس ويحترم مشاعرهم . واستمر إطلاق المفرقعات ، حتى قال المؤذن الله اكبر الله اكبر لصلاة الفجر ، واستمر الجهل وقلة الحياء حتى بعد أن نعى المؤذن أحد الموتى . لماذا لا نحترم بعضنا ونقدر مشاعر بعضنا ونكون أسرة واحدة تحب الخير لكل الناس . لماذا كنا في السابق نؤجل أفراحنا عندما يحصل مكروه لأبن قريتنا ، لأن الناس كانوا يتمتعون بالقيم الإنسانية والأخلاق الإسلامية والعربية ونراعي شعور بعضنا البعض والآن أصبح الفرح والترح بجانب بعض . هذا يبكي وهذا يرقص ويطلق قنابل الصوت . دون مراعاة للأخلاق والجيرة . هل الأيام الحلوة ستعود ، أم أنها ذهبت من غير رجعه .

زكي أحمد أبو ضلع



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات