استقالات النواب والانتخابات النيابية


أعلن النائب عبدالهادي المجالي الذي فاز عن قائمة التيار الوطني بالانتخابات النيابية بأنه سيقدم استقالته من مجلس النواب, كما أن القائمة المذكورة التي ترأسها ستتقدم بطلب لإعفاء أي من مرشحيها للحلول محله في مقعده النيابي وقد أثار هذا الإعلان تساؤلات قانونية من حيث الجهة التي يتوجب تقديم طلب الاستقالة إليها وآثارها القانونية وقد وجدت أن هذا الموضوع يستحق تناوله من الناحية القانونية وهذا ما دفعني إلى ذلك, وبداية لا بدَّ من التذكير أن الاستقالة لا تقدم إلا من عضو مجلس النواب الذي أعلن فوزه من مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخابات والنشر في الجريدة الرسمية ولا يجوز للنائب مباشرة عمله إلا بعد أداء اليمين القانونية, وأود أن أبين أن دور الهيئة المستقلة للانتخابات النيابية ينتهي بمصادقتها على نتائج الانتخبات الأولية وأن النائب الذي ينوي الاستقالة, فعليه أن يقدمها لرئيس مجلس النواب الذي يعرضها على المجلس للموافقة عليها من عدمه والذي يتوجب للبت فيها حضور الأغلبية المطلقة للأعضاء وهي (76) نائباً وأن يتم التصويت عليها ويتعين في هذه الحالة الحصول على أكثرية أصوات الحاضرين للموافقة على قبولها, وفي حال قبولها فإن مقعد النائب المذكور يصبح شاغراً, وإن الحق في إشغال هذا المقعد ينتقل للمرشح الذي يليه وهكذا في ترتيب القائمة وإذا رفض جميع المرشحين قبول هذا المقعد ينتقل هذا الحق للقائمة التي تليها مباشرة وحددها قانون الانتخاب بالمادة (58/أ/2).
لقد اجتهد الكثيرون بخصوص أحقية القائمة التي ستحصل على المقعد النيابي سالف الذكر, واعتبرها البعض القائمة التي تليها بالتسلسل مباشرة, وإنني أختلف مع هذا الرأي وأرى أن نصوص القانون لا تفسر بحرفيتها بل لا بدَّ من الأخذ بروح القانون ومنطقيته وبالمعاني وليست بلألفاظ والمباني وهذا يعني أن يصبح هذا المقعد من حق القائمة التي جاءت بعد آخر قائمة من القوائم التي فازت وحصلت على مقعد أو مقاعد بالمجلس والقول بعكس ذلك يعني أن القائمة التي تلي القائمة التي استقال مرشحها من عضوية المجلس لها الحق في هذا المقعد مهما كان عدد الأصوات التي حصلت عليها ولو كانت قليلة ويوجد فارق كبير بينها وبين عدد الأصوات التي حصلت عليها القائمة التي فازت بالمقعد رقم (27) من مقاعد القائمة الوطنية وهذا لم يقصده المشرع ولا يستقيم مع العقل والمنطق, مع الإشارة إلى أن توزيع الهيئة للمقاعد على القوائم بالشكل الذي تم فيه فقد أثيرت عليه تساؤلات قانونية وجيهة ومنطقية لا حصر لها عليها وإنني أؤيدها, وعلاوة على ذلك فإن عيب الصياغة القانونية الذي شاب المادة (58/أ/2) من قانون الانتخاب هو الذي أثار اللبس والغموض والاجتهادات المختلفة وهذا يستدعي تعديل المادة المذكورة بصيغة تتضمن أن مقعد الدائرة الانتخابية العامة الشاغر ينتقل للقائمة التي تلي بالترتيب القائمة الأخيرة أو فازت بالانتخابات مراعاة ذلك ووضع نص يتضمن منع هؤلاء الأشخاص الذين أصبحوا نواباً ونسب إليهم القضاء جرائم قبل أن يفوزا بالانتخابات, وأضيف أن هذه الواقعة وغيرها والتي نجمت عن الانتخابات النيابية كشفت العيوب التشريعية, ومن بينها أن الدستور يفتقر لنص واضح يعالج استقالة النائب الذي يصر عليها بعد رفضها من المجلس بحيث يتوجب اعتبارها مقبولة في حال إصراره, وبعكس ذلك يعتبر النائب الذي قدم استقالته عضواً بالمجلس طيلة مدة المجلس وهذا غير مقبول, مما يجعلنا نفتقد إلى مشاركة عضو في أعمال المجلس, كما أن الدستور لم يعالج وضع الأشخاص الذين أحيلو للقضاء بجرائم مختلفة قبل يوم الانتخاب بنصوص واضحة, في حين أنه عالج وضع النواب الذين يتم الطعن بصحة عضويتهم أمام القضاء واعتبار أعمالهم النيابية التي قاموا بها صحيحة, إذا ما قررت المحكمة إبطال عضويتهم وكان يتوجب عليه أن ينص على منع الشخص المذكور من أداء اليمين القانونية إلى حين صدور قرار قضائي قطعي ببراءته أو منع محاكمته, ولا يرد القول أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته أمام النص الدستوري الذي اعتبر أعمال النائب الذي طعن بعضويته وتم إبطالها صحيحة والتي لا تتجاوز مدة الأعمال التي قام أو سيقوم بها عن (45) يوماً ولا تتعدى انتخاب مكتب المجلس ولجانه فقط, لكون الطعن يقدم خلال (15) يوماً من تاريخ نشر نتائج الانتخابات في الجريدة الرسمية وعلى المحكمة أن تفصل بالطعن خلال مدة (30) يوماً, في حين أن السماح للنواب المحالين للقضاء قبل أن يصبحوا نواباً والتي محاكمتهم ستستغرق لإصدار حكم قضائي قطعي بها مدة لا تقل عن سنة, سيقومون خلال هذه المدة بأعمال عديدة تشريعية ورقابية واستحقاقات دستورية مختلفة والتي ستكون محل شبهات وتساؤلات واجتهادات قانونية بعدم صحتها وبطلانها وذلك في حال إدانة النائب والتي تسقط عضويته تلقائياً من المجلس وأمام هذا الفراغ الدستوري, يتعين على أعضاء مجلس النواب والذين لم يتم إحالة أي منهم للقضاء أن يبتدعوا حلاً من خلال التصويت بمعزل عن النواب المحالين للقضاء ليقرروا من خلاله السماح للمذكورين بممارسة أعمالهم من عدمه وذلك حتى تكون بداية عمل المجلس هي بداية سليمة وقانونية لا تخالف الدستور والقانون, لاسيما وأن الإحالة للمحكمة الدستورية لا جدوى منه في هذا الوقت, نظراً لأن قرارها التفسيري يتوجب أن ينشر في الجريدة الرسمية وأن الجلسة غير العادية لمجلس الأمة ستنعقد يوم 10/2/2013 وهذه المدة القصيرة لا تساعد على إحالة هذا الموضوع للمحكمة.
وأخيراً فإن ما أوردته أعلاه هو موضوع مستجد وحديث ومركب ولا يمكن أن نتناوله بشكل أصولي دون الرجوع لأحكام الدستور وقانون الانتخاب وقانون الهيئة المستقلة للانتخابات النيابية ومخرجاتها والتطرق للنقص التشريعي ذات الصلة في هذا الموضوع وكيفية معالجته.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات