تحليل منطقي لحل حزب التيار الوطني


اذا كان المفكر الاسلامي جمال الدين الافغاني قد قال : " بالضغط والتضييق تلتحم الاجزاء المبعثرة والازمة تلد الهمة" , فإني اقول بأن ما فعله الامين العام للتيار الوطني المهندس عبد الهادي المجالي عندما قرر شخصياً الانسحاب من التيار الوطني وسحب القائمة الوطنية التي خاضت الانتخابات بأسمه نهائياً واغلاق فروعه في المحافظات كافة احتجاجا على نتائج الانتخابات كما يدعي هو الخير بعينه , متسائلاً اذا كان هذا هو سبب حل التيار الوطني الظاهر للعيان ؟, فيا ترى :ما هي الاسباب الحقيقية التي دفعت المجالي لاتخاذ مثل هذا القرار السياسي الهام وفي ظل ظروف حرجة يمر بها الاردن , وهو السياسي والبرلماني المخضرم والمقرب من دائرة نفوذ صنع القرار الاردني؟.
لا يستطيع احد أياً كان ومهما ادعى الوطنية أن يزاود على وطنية رجل بمواصفات عبد الهادي المجالي , ولكننا مضطرون لاقتحام عالم قراره الاخير لمناقشة الاحتمالات التي دفعت به لاعلان مثل هذا القرار الهام في ظل ظروف سياسية هامة تجتاح المنطقة .
فانا لم اقتنع بان الاستقالة وسحب القائمة الوطنية التي خاضت الانتخابات وحل التيار الوطني واستقالة اعضاءه المستقّلين من الذين حالفهم الحظ بالفوز في البرلمان السابع عشر, قد جاء كاعتراض على نتائج الانتخابات وما رافقها من بعض عمليات التزوير كما جاء في تصريح الاب الروحي للتيار الوطني, وانما هناك اسباب اخرى خفية سنغوص فيها لعلنا نصل الى نتيجة حقيقية ومنطقية يقبل بها العقل .
فمن عمل بالانتخابات الماضية وخاصة في المجلسين اتلخامس والسادس عشر يدرك بأن انتخابات المجلس النيابي السابع عشر هي الاكثر نزاهة والاعلى شفافية في كل شيء رغم بعض الاخطاء التي اعتبرها من وجهة نظري انها مقصودة وعبثية لايجاد مبررات لتعليق الفشل عليها ليس إلا , وهذا الامر يدفعني للقول , بأن على غالبية النواب في المجلسين السابقين أن يتذكروا جيداً كيف دخلوا البرلمان وجلسوا تحت قبته شهور وسنوات يشرعوا لنا ويتمتعوا بامتيازات ليست حقاً لهم , متسائلين : لماذا لم يتحدث هولاء النواب عن عمليات تزوير وإساءة تصرف عندما نجحوا في المجلسين السابقين وهم يعلموا بأن نجاحهم كان يلفه الغموض؟؟؟؟؟؟؟؟.
الملفت للنظر ان هناك اعضاء في التيار الوطني قدموا استقالاتهم من التيار الوطني احتجاجاً على الانسحاب , رافضين قرار الحزب, ليترك هذا الرفض اكثر من علامة استفهام حول استمرارية الحزب او محاولات الصمود في وجه التيار الجارف الظاهر على السطح هذه الايام.
اقول بكل موضوعية ان التيار الوطني الذي كان يعُتقد فيما مضى بانه الاكثر قوة وجلب على الساحة الاردنية يتراجع الى الخلف خطوات ليست بالهينة , وهو امر ما كنا نتمناه في الاردن الساعي الى تطوير الغعمل الحزبي تمهيداً للوصول الى حكومات برلمانية منتخبة بصلاحيات واسعة .
اقول بكل صراحة إن ما فعله عبد الهادي المجالي بحله للتيار الوطني واغلاق فروعه في المملكة, يدل دلالة اكيدة على مرحلة متقدمة من الاستياء الذي قد يكون بعض اعضاء قائمة التيار الوطني قد ابدوه , لانهم تم التغرير بهم بخوض الانتخابات بالقائمة الوطنية والتي لم يختلف على تسيدها المشهد الانتخابي اثنان في الاردن , فمن غير المنطق ان يكون التيار الوطني الذي راهن الكثيرون على حصد ما لا يقل عن ثلاثين مقعداً ما بين قوائم ومستقلين, أن يجد نفسه في البرلمان بعدد من المقاعد لا تؤمن له كتلة يستطيع ان يناور بها تحت قبة البرلمان , فالرقم الذي حصده التيار الوطني جاء مخيباً للامال , ولم يرضي في ظني طموح المجالي صاحب التاريخ السياسي والبرلماني الطويل.
في الختام لا اعتقد ان سبب حل التيار الوطني جاء كردة فعل على بعض العبثية التي شابت عملية الانتخاب, ولو كان ذلك صحيحاً, فالى ماذا نعزو دعوة المجالي لاجتماع في المدينة ضم قرابة 45 نائبا سابقا ًوجديداً ؟ فهل كانت نتيجة الاجتماع غير المشجعة احد الاسباب الرئيسة التي دفعت بالمجالي لاتخاذ قرار حل الحزب واغلاق فروعه في المملكة والانسحاب من المجلس؟ .
اعتقد جازماً ان حل التيار الوطني واستقالة رئيسه لم تكن على خلفيات تزوير النتائج ولكنها جاءت بعد قراءة متآنية وعميقة للمشهد البرلماني الذي لن يكون فيه للتيار أي ثقل لقلب الموازين , والامر الثاني قد يكون محاولة ايجاد ضغوطات على صانع القرار السياسي في الاردن كخطوة يسعى المجالي من خلفها استعادة التوازن للحصول لترأس الحكومة البرلمانية القادمة بعد ان تلاشى امل التيار بالحصول على رئاسة المجلس.
على العموم وأياً كان سبب استقالة المجالي وحل التيار الوطني, فإن المجالي يبقى من رجالات الوطن الذين سرعان ما يغلبوا مصلحة الوطن ويقدمونها على كل اعتبار ومصلحة ونفوذ, ومرجع من مراجع الوطن , فهل طالع المجالي عبارة الافغاني التي تقدمت المقالة فصنع ازمة قد تفضي الى خلق همة جديدة ؟؟ .
وقفة للتأمل :" حال الاحزاب السياسية في الاردن كحَال الماء المالح لا يروي عطشان ".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات