الانتخابات بين رسائل الخارج والداخل


عين الوجوه، وبتالي عين النهج، لم ولن تختلف الصورة !
لعلها الانتخابات الأكثر دراماتيكية في تاريخ الأردن، جراء ما رافقها من ترويج وتجييش وتوقعات واعتراضات وتنبؤات ، لكن هذه لا تشكل الا نقطة في يم النتائج التي خلطت الاوراق، وعقدت المشهد الداخلي، وجعلته قابلا للانفجار في أي لحظة.
عام 2010 حملت الانتخابات مجلسا معاقا، أسهم إلى حد بعيد في تأزيم الداخل، اوصله إلى أستار الانفجار، أحد أهم الاسباب التي عملت على ذلك حملها قانون الانتخابات آنذاك الذي ارتكز على الدوائر الوهمية.
في عام 2013 تكرر عين المشهد، في ظل قانون انتخاب قيل أنه جديد، لم يستفد من التجارب السابقة، استبدلت الدوائر الوهمية بالقوائم الوطنية، حضر الشكل وغاب المضمون، فكانت النتيجة استنساخ انموذج شبيه بمجلس 2010 !
التجربتين بحد ذاتهما عملتا على تأزيم المشهد، الخاضع أصلا للترقب كما الحذر من الدخول في أتون الفوضى التي ينتظرها البعض بفارغ الصبر.
الرسائل التي أراد النظام ايصالها من صندوق الانتخابات قامت اساسا على بث تطمينات للخارج – أوروبا، الولايات المتحدة الامريكية، الخليج - تؤكد نجاح التجربة الأردنية، هذا ما جعل النظام يركز اهتماماته على " نسبة المشاركة " دون الالتفات إلى الداخل و" النتائج "، اللهم الا باعتباره – أي الداخل - وسيلة لغاية تقوم على اعادة اقناع الخارج بضرورة دعم النظام، طبعا هذا يمكن تسميته فشلا ذريعا، شكل معضلة كبرى سياسية واخلاقية لا يمكن لاحد أن يتنبأ بنتائجها.
هنا، يمكن استخلاص النتيجة التالية من الانتخابات: مادامت عين النظام مصوبة باتجاه الخارج مع عدم الاكتراث بالداخل، فأن مشاكل النظام لن تراوح مكانها بل ستتطور.
في عين السياق جاءت تجربة القوائم الوطنية، غاية في الكارثية، جرت البلد لمنحدرات ومستنقعات الاضطراب، اسقطت النخب التي شاركت فيها كما اسقطت الأحزاب، مقابل هوامير المال وعين الوجوه الذين حملتهم المجالس السابقة، سيما وانها قامت اساسا على منع تشكيل قوة دفع مؤثرة في المجلس، هذا ظهر جليا بعد اعلان النتائج مباشرة.
خطوة الحكومة، فيما سمى قوائم وطنية فشلت شعبيا جيرت لحساب العشائرية، ورأسمال، وفدائية، تحارب من أجل ايصال رأسها، ولا ضير من سقوط اتباعه، لكنها حتما نجت بالنسبة للنظام والحكومة !
حجمت الاحزاب جميعها، حتى تلك التي حصلت على مقاعد لها في المجلس، الامر الذي جعل فتح المجال لأسئلة من وزن هل يوجد فعليا في الأردن احزابا يمكن الاتكال عليها في تشكيل ملامح المرحلة القادمة؟ هل يعقل مثلا أن يأخذ تيارا اسلاميا واحدا له امتداد كما تقول الحكومة الأردنية على 3 مقاعد؟ هل يعقل أن يفوز حزب التيار الوطني بقيادته على مقعد واحد فقط؟ هل يعقل أن يفوز اليسار الأردني على مقعد واحد ؟
فهل يوجد أحزاب فعالة في الأردن ؟
الا يصح القول أن الذي جلبته القوائم الوطنية لا صلة له بالأحزاب، ولا علاقة له بالعمل الحزبي، ومن يراهن على ذلك فأن الفكرة قد انطلت عليه.
يا اللهي أقوى القوائم الوطنية فازت بـ 3 مقاعد !!!
في عين السياق، تجئ الخطورة الأكبر بعد اعلان النتائج من التفكير الجدي لقادة القوائم الوطنية بتشكيل كتل نيابية، من خلال عقد اتفاقات مع نواب أخرين فازوا وفق القوائم المحلية، لننظر مثلا إلى تيار الوسط الاسلامي الذي يمتلك تفاهمات مع 13 نائبا، كذبة كبرى بحاجة إلى تفسير، فالقوائم الوطنية لهم لم تنتج الا 3 مقاعد للتيار، فكيف 13 أخرين أن ينضموا لها لم يكونوا ضمن لوائحها بالأصل !
عين الأمر ينطبق على البقية، هل يصح للتيار الوطني الذي فاز بمقعد واحد، أن يشكل تكتلا يضمن 30 نائبا فازوا بمقاعدهم وفق القوائم المحلية، كيف يستقيم الأمر، الا يعد هذا اسقاطا لأهداف الملك، هل هنا ستكون الحكومة حزبية أو برلمانية، أم حكومة عادية يتم تعينها من قبل الملك، وتأتي إلى البرلمان من أجل الفوز بثقة النواب الشكلية بالأصل.
السؤال الأهم من كل هذا، هل تشكيل الحكومة البرلمانية التي يروج لها الان، سيخضع للقيادة القوائم الوطنية، أم القوائم المحلية، أم كلاهما ؟
في سياق اخر أكثر الامور التراجيدية يلفت الأنظار يقوم على انتقال كل من لم يحالفه الحظ إلى اتجاه المعارضة، عدد كبير منهم محسوبين على النظام، لكن النظام عمل على اسقاطهم " كما يقولون " لانهم قاموا بانتقاده، وانتقاد بعض رجالاته !
لا علينا، فالهيئة، لن تتراجع عن اخطاءها ابدا، لان القول بهذا يعني الاعتراف بفشلها في إدارة الانتخابات، وجل ما ستقوم به هو إعادة فرز الاصوات، لكنها حتما لن تبين ما هي الاسباب التي دعت إلى هذه الاخطاء ومن يقف خلفها ومن المستفيد منها، وهل هي أمورا منظمة أم غير ذلك، خطوة الهيئة من المؤكد انها ستزيد من عوامل التشكيك وعد الثقة.
في عين السياق لابد من القول أن المشروع الاسطوري الذي روج وطبل له النظام بإصراره على إجراء الانتخابات باعتباره استحقاق الدستوري لابد منه اسقطه في شر اعماله، بل وزاد من أزماته، وهذا ما لم يتوقعه، فالهيئة المستقلة للانتخابات كانت كمن يحمل معولا في يمناه وفاسا في يسراه للهدم !
هنا لابد من القول أن مجلس النواب بات أمرا واقعا، والتعامل معه حقيقة، لكن هذا لا يعطينا الحق بالقول بنجاح العملية الانتخابية واحتوائها للغضب الشعبي.
في الختام، نجح النظام في اعادة الحراك الشعبي والمعارضة إلى المربع الأول، الذي سيعود ويجدد مطالبة وعلى رأسها اسقاط مجلس النواب الجديد .

خالد عياصرة
kayasrh@ymail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات