مرشحوا الفضائيات


 من البديهي والمسلمات العلمية في الاعلام وتكنولوجيا الاتصال ان التلفزيون والانتاج التلفزيوني موجهة بالدرجة الاولى والاخيرة الى الانسان " الروح الانسانية "باعتبارة وسيلة اتصال جماهيرية وجدت لمخاطبة الناس عامة ، فعليه ان تكون هذه الوسيلة الحديثة في عالم الاتصال الجماهيري ذات قيمة عالية وتأثيرية على الجماهير المستهدفة من عملية الانتاج والبث التلفزيوني ، يتميز بالموضوعية ويبتعد عن الذاتية .
ولكن وفي ظل الحمى الانتخابية التي نشهدها اليوم اصبحنا نشاهد بعض المحطات التلفزيونية المحلية تكرس جل اهتمامها وتسخر ساعات عملها لخدمة مرشحين بعينهم ، اما لان المرشح مالك لهذه المحطة او لغايات لا نعلمها ويعرفها القائمون على هذه المحطات ، فلا نشاهد الا الاهازيج والاغاني الاحتفالية التعبوية التي تذكرنا بايام الحروب الغابرة ،اما البرامج التي من المفترض ان تكون جماهيرية ، تخاطب الناس عامة بتنوع مادتها اصبحت معدومة تقريبا امام اصرار االقائمين على هذه المحطات اشباعنا بجولات وصولات بعض المرشحين في القرى والبوادي محمولين على الاكتاف في مشهد يستنكره العقل السليم في ظل وجود ملك وسيد في البلاد وحده الذي يحمله الاردنيون على اكتافهم ، مشاهد ترافق المرشحين في زياراتهم لا يمكن وصفها الا بالاستعراضية لا تقدم للمشاهدين ما ينفعهم او يحرك فيهم رأي وهم احوج ما يكونوا الى خطاب سياسي واضح جريء ، حيث اقتصرت خطابات مرشحي الفضائيات على الوعود التي سئمها الاردنيون ، وتعهدات تسويفية سمعناها كثيرا ولم نر منها شيئا بعد يوم الانتخابات مباشرة. والذي اريد قوله في هذا المقام ان الاعلام ومن ضمنه التلفزيون هو ملك للشعب لان رسالته للشعب ، والاثير والفضاء للجميع ولا يجوز احتكاره من فئة امتلكت المال واشترت المحطات لتفرض علينا رحلاتها ولقاءتها وخطابها الانتخابي الممزوج بالدعاية وكأن هذا المرشح هو المنقذ والقادر على تخليص البلاد والعباد من كل المشاكل التي تواجه الاردن والاردنيين، ليتهم ابتعدوا عن الاستعراض امام الكاميرات التي ترافقهم من السيارة الى السيارة في مشهد استعلائي ممجوج ومرفوض على الصعيد المهني ليرونا بعض افعالهم ومساهماتهم في مسيرة البناء والاصلاح الوطني ، يتحدثون عن المال السياسي والتحذير من استخدامه في الانتخابات لما له من عواقب وخيمة على مستقبل الاردنيين، وليتهم يوضحون اسباب ثرواتهم وامكاناتهم في امتلاك هذه الفضائيات والافصاح عن حساباتهم الحقيقية وسنوات عملهم في الاردن ومشاريعهم التي تدر عليهم مثل هذه الارباح المليونية . اعود بالسؤال الى هؤلاء البعض المترشحين هل تعرفون رسالة الاعلام اولا؟ وهل تطبقون معايير الشفافية والموضوعية، وقبل كل شيء حق المشاهد وانتم تستعرضون انفسكم امام كاميرات محطاتكم الفضائية؟ نحن نؤمن بان الدعاية الانتخابية مشروعة للجميع واستخدام التلفزيون كوسيلة لذلك مشروعة ايضا ولكن هل ننسى حق المشاهد والجماهير في الحصول على كل ما يريد ويتوقع من وسيلة اعلامية وطنية؟. في التعميم خطأ ونحن لا نعمم ولكن من حقنا ايضا ونحن نشاهد محطاتنا الوطنية ان ندلي برأينا حول ادائها والمأمول منها ونرفع صوتنا كمشاهدين بان ملكيتها المادية لكم ولكن انتاجها ورسالتها ملك للجميع ومن حق الجميع ان يشاهد في هذه المرحلة الساخنة في حياة الوطن والمنطقة المزيد والعديد من البرامج والرسائل المتنوعة والاكثار من القضايا ذات الاهتمام الشعبي وما اكثرها، والاقلال من تضخيم الذات واستغلال الملكية المالية لتحقيق مصالح انتخابية بحتة حتى لا نكون امام مرشحي من نوع جديد " مرشحي الفضائيات" وتكون بادرة غير مسبوقة في صراع السباق الى الكراسي النيابية يسعى من بعد الجميع لامتلاك فضائيات ليتحول اعلامنا التلفزيوني الوطني الى ساحة صراعات مصالح ونبتعد عن هموم الوطن وقضايا الشعب وتندثر رسالة الاعلام ليصبح التلفزيون وسيلة اعلان ودعاية لا وسيلة اعلام وتنوير كما هو مفروض.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات