أبوهلالة والسيلاوي قدما ما عليهما تجاه الوطن ، وكان دورهما الإعلامي في استنطاق التاريخ ليشهد على سلامة المواقف الأردنية القومية جيدا إلى حدّ ما ، وهما بالرغم من كونهما مراسلين لفضائيتين ليستا أردنيتين ، إلا أنهما غلّبا الجانب الوطني في عملهما ، وعكسا انتماء رائعا له يسجّل لهما.

   التلفزيون الأردني لسان الوطن وحارسه الإعلامي الرسمي ، ما يزال هو هو ، متخلفا عن أداء دوره الوطني ، ومتراجعا عن أشباهه في الوطن العربي ، كنا نؤمّل ولو بعد حين أن يخرج علينا ببرنامج حواري وثائقي ، يقرر في أذهان الناس القيم السياسية والقومية التي ارتكز عليها هذا البلد في تعاطيه مع مختلف القضايا، ويرد الأباطيل التي يروج لها البعض ، للانتقاص من دور الشعب الأردني الأبيّ ، وقيادته الملهمة في الدفاع عن قضايا أمته ، ويشعل حراكا وطنيا محموماً ، يستنهض فيه ذكريات رجاله الأول ، ويجلي معهم الحقائق ، غير أن أياما مضت ،وأحداثا انقضت ،غاب عنها  تلفزيوننا واندثر ، وخيّب القائمون عليه رجاءنا ، حتى صرنا نعوّل على فضائيات الخارج ، لتميط اللثام عن جوانب مهمة في تاريخنا النضالي ولو على استحياء ، ما يدلل على عجز التلفزيون الأردني عن مواكبة التطور الإعلامي، والانفتاح السياسي ،واكتفائه بإشغال ساعات بث لبرامج غير،  يدفعنا إلى التساؤل:

   إلى متى تبقى التعيينات في  وسائل إعلامنا للمناصب الإدارية مبنية على نفوذ زيد أوعبيد ؟ وإلى متى سيبقى وطننا يدفع ثمن التجريح والافتراء،  دون أن يكون هناك مؤسسة إعلامية قادرة على استلهام تاريخه ومرجعياته ، وتبني أطروحاته  بوعي واقتدار، وإحساس بالمسؤولية ؟ ولمصلحة منْ إفقار التلفزيون من الكفاءات المخلصة؟

    إن رفد الإعلام الأردني بكوادر منتمية للوطن ، تدافع عن حماه ، وتسعى لخيره وأمته ، صار واجبا مقدّسا ، لا يقلّ أهمية عن تسليح الجيوش وإعدادها ، فالحروب تبدأ بالإعلام وتنتهي به، ونحن بحاجة إلى إعلام استراتيجيّ الفكر والمنطق ، لا إعلاما قائما على ردّات الفعل فحسب! 

 ورحم الله أيام كان تلفزيوننا يشعّ ألقاً وعطاء وانتماء، رغم شحّ الإمكانات وضعف الموارد ، بوجود جهابذة كبار ، من أمثال : محمد أمين ، وجبر حجات ، وعدنان الزعبي ، وسوسن تفاحة ، وإبراهيم شاهزاده ، وعفاف قضماني ، وغالب الحديدي ،وآخرين لهم كلّ التقدير ،فكلّ واحد فيهم  كان يساوي جيشا بأكمله  ، يدفعهم بذلك الإيمان والإخلاص  وسلامة المنهح ، رحم الله الميت منهم ، وعافى الحيّ منهم

Kh.darabseh@hotmail.com