صورة .. ومرشح ؟


تسير في الشوارع الأردنية هذه الأيام ويطغى عليها وجوه مبتسمة نظره إلى مقعد البرلمان ناظره ، ويحيط بهذه الوجوه مجموعة من الكلمات والجمل يطغى عليها صيغة الأنا لصاحب الصورة ، ويقوم بعض الأفراد بصياغة تلك الجمل لهم ووضعها في سياقها الشوارعي من منطلق أن المواطن بعد أن ينظر للصورة ويسعده وجه صاحبها سوف يقراء ما كتب تحتها بتمعن ؟ .
وليس بعيدا عن شوارع عمان ولنأخذ مثالا بسيط وهو الانتخابات الامريكية الأخيرة نجد أن الرئيس ومنافسه لم يقوموا بنشر صورهم في الشوارع بل إكتفى الطرفان بوضع صيغ لغوية تمثل شعار حملة كل واحد منهم وبكلمة أو أثنتين فقط ، وبالتالي يترسخ في ذاكرة الجمهور المتابع مفهوم هذه الجمل ويتم محاسبة أصحابها بعد فوزهم على مدى تحقق هذه الجمل على أرض الواقع ، كما حدث مع اوباما بحملة الاولى والتي أخذت شعار التغير لها وتم محاسبته على حجم التغير الذي أحدثة بكافة جوانب حياة المواطن الأمريكي .
وتلك المقارنة وضعت مع ان الفارق كبير بين تلك الحالتين ومن باب محاولة قراء فلسفة وضع الصور للمرشح بحملته الإنتخابية في الأردن ، وفي العودة للقاعدة الأولى في الانتخاب في الحياة السياسية الأردنية والتي لايمكن لأحد أن ينكرها وهي أن العشائرية هي أساس الإقتراع ، ومع وجود حالات تستحق أن تقراء بعيدا عن هذه النظرة مثل قوائم الشباب التي خرجت من الشارع وحققت وجودها داخل قوائم طغى فيها الهم العام على هم العشيرة والمناطقية وحتى على الانتماء الحزبي الفوقي ذو الصفة العشائرية والدينية ، نجد أن وضع الصور للمرشح الذي سيخرج من رحم عشيرته شاء أم أبى ما هي إلا فلسفة النرجسية البحته .
ويحقق هذا المرشح او ذاك من وراء هذه النرجسية حضورا جيد في ذاكرة المواطن الذي لايمكنه أن يقراء ما كتب أسفل الصورة سواء أثناء سيره في الشارع على قدميه أو في المركبة وتبقى الصورة هي الجزء الوحيد والرئيسي المتعلق بذاكرته عن هذا المرشح أو ذاك ، وهنا نعود للمربع الأول في هذه المحاولة للفهم وهي الصورة وقدرة هذا المرشح أو ذاك على أن ترسخ صورته في ذاكرة وذهن المواطن بكل السبل والطرق المتاحة .
ولذلك نجد أن حجم المنافسة على إختيار الاماكن البارزة وحجم الصورة الكبير لهو أكبر دليل على ذلك ، لأنه ما المعنى من وراء وضع لوحة بمساحة واجهة عماره كاملة لايبرز فيها سوى صورة وجه وأكتاف المرشح ورقم دائرة وفي أسفلها وفي مساحة لاتتجاوز 1% من مساحة اللوحة يكتب فيها فلسفة في التغيير أومطالبه وشعاراته ، ومن خلال جولة في شوارع العاصمة عمان يمكننا أن نحفظ معظم وجوه المرشحين ولكن من الصعب تذكر أية جملة مما كتب أسفل صورهم .
ومما سبق نجد أنه من الصعب بعد ترسخ هذه الفلسفة النرجسية لدى المرشح وبالتالي فوزه في الانتخابات أن نعيد ترتيب أولياته الذاتية في المقعد النيابي وتحويلها إلى أولوية عامة تحقق مصلحة الوطن ، لأنه سيبادر للقول أن صورته كانت جميله ومقنعة للناخب وعلى أساسها قام بإعطائه صوته ، وفيما يخص الجمل والشعارات فسيكون جوابه صريح جدا وأنها وضعت كي تكمل ما تبقى من المساحة الفارغة في حجم اللوحة الاعلانية الخاصة به .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات