الجيش الاردني ليس هو المسؤول عن فقدان فلسطين


 طالعت بمزيد من الالم والحسرة تصريح لأحد الاخوة الفلسطينيين يتهم فيه الاردن اتهام مباشر انه السبب الرئيس لضياع فلسطين , ويطالبه باعادتها له ومن ثم طرده من الاردن, فهل يعرف صاحب التصريح شيئاً عن تاريخ هذا الجيش ليتهمه ولكي يتحدث بهذا الموضوع الخطير والذي يحتاج الى جلاء الشبهات عنه ؟.
فصاحب التصريح الذي يريد عودة فلسطين حرة , وقع في خطئ قاتل بعلم مقصود ومبرمج وممنهج, فالتصريح في هذا الوقت الحساس يصّب في صالح اسرائيل وهو ترويج مباشر لقبول واقع الوطن البديل , ويمثل في الوقت نفسه تحديا صارخا للشعب الاردني باتهامه بأنه السبب في ضياع فلسطين ,إدراكه كغيره من المروجين لمثل تلك التصريحات الخبيثة أن اسرائيل لا تبني مخططاتها التوسعية واستراتيجياتها الامنية إلا وفق هذا النهج الفكري المتدني للمواطن العربي.
فالكل يعلم في زمن الوضوح وتكشف الحقائق ونشر الوثائق وفضحها , بأن الاردن كان واحداًً من مجموعة بلدان عربية فرُضت عليه الحروب تلو الاخرى , فانهزم مع غيره من العرب رغم استبساله, فلماذا يتم تحميله نتيجة حرب اقحمه فيها العرب, ليس لاسترداد فلسطين بل لتنفيذ رؤى وتطلعات بني صهيون في ان يكون الاردن وطناً بديلاً بامتياز .
فاذا كان الاخ الفلسطيني يريد وطنا له , فها هو وطنه قد اعيد اليه في جزئيه الضفة الغربية وغزة يستطيع الذهاب الى أي جزء يشاء جهارا نهارا , ويتنازل عن الجنسية الاردنية اذا ما اراد أن يقدم خدمة للمشروع الفلسطيني ويحطم الاحلام الصهيونية التي تمني النفس اليوم قبل غداً لرؤية مشروعها الازلي الوطن البديل وقد تحقق على ارض الواقع.
فلغة الابتزاز التي تطل برأسها علينا بين الفينة والاخرى , مُحملة الشعب الاردني وجيشه تبعات المراهقات السياسية لتجار القومية الذين اضاعوا فلسطين لم تعد مقبولة, ففلسطين اضاعها جمال عبد الناصر وقادته , في الوقت الذي لا زال الفلسطينيون والعرب يصفقوا له ويعتبرونه المثل والقدوة في الكفاح والنضال.
مستحلفكم بالله يا مَن تدعون بعلم ممنهج او بجهل مقصود ان الاردن هو سبب ضياع فلسطين : كم كان عدد افراد الجيش الاردني في حرب 1967 اذا ما قورن بالجيشين المصري والسوري؟, وما هي الاسلحة التي كانت تحت بحوزة افراده لتقف حائلا دون ضياع فلسطين وهزيمة الاردنيين؟, وكم كان عدد افراد الجيش العربي من ابناء فلسطين في تلك الحرب ؟.
اجيب, فأقول ان الجيش الاردني لم يتققهر في تلك الحرب بل خذلته القيادة المصرية للجيش آنذاك حين اصدر عبد الحكيم عامر قائد القوات العربية امراً عسكريا يقضي بوقف اطلاق النار في الوقت الذي كان يشهد انتصارا وتقدما للجيشين الاردني والعراقي على الارض , فوصلا الى جنين وبالتحديد الى منطقة عرّابه ,حتى جاءهم أمر الانسحاب من القيادة العليا للجيوش العربية والتي كان يمثلها عامر الذي اعتلت سيرته لاحقا العديد من علامات الاستفهام, وما مقبرة الجيشين العراقي والاردني في قلب جنين إلا اشارة جريئة لبطولات هاذين الجيشين.
كثيرون هُم الشطار الذين امتهنوا لعبة التطاول على الاردن وجيشه وشعبه , وتم وصفهم بصفات الخيانة نظراً لما جرى في حرب 1967 دون علم في او دراية في التاريح واحداث المعركة, مستغربا ومستهجنا : لماذا لم يوجه من وجه الاتهام للجيش الاردني بضياع فلسطين الاتهام ذاته لجمال عبد الناصر الذي ارسل خيرة جيشه للحرب في اليمن تاركا حدوده مع اسرائيل تلعب فيها الكلاب والذئاب, حتى عاد الجيش الى ارض المعركة مرهق الجسد وفاقد المعنوية.
فالاردن كان ولا يزال يملك جيشا صادقا ومخلصا ومدربا تدريبا جيداً , رغم قلة العدد والعتاد , ولكنه للاسف الشديد في حرب 1967م خضع لرغبات قادة جيوش في سوريا ومصر كانوا يستمعون لام كلثوم , في الوقت الذي دكت به الطائرات اليهودية مطاراتهم العسكرية , فجردتهم من سلاح الحسم حتى ضاعت سيناء والجولان وفقد الجيش الاردني الضفة الغربية الوديعة التي كانت بحوزته بموجب قرار الجامعة العربية عام 1949, ولكنه حين تسلم زمام قيادته ضباطه المخلصين فإن ذات الجيش الذي هُزم عام 1967 هَزم الجيش الاسرائيلي في معركة الكرامة عام 1968.
وقفة للتأمل :" آن الاوان ان يعلم الجميع ان الجيش الاردني الذي حارب عام 1967 وانهزم في الحرب كان اكثر من 70% من افراده وضباطه وقادته من ابناء الضفة الغربية , الذين كانوا يسمون آنذاك (الحرس الوطني) , فلماذا يبقى الجندي الاردني من اصول شرقية يتحمل تبعات معركة خسرها الاردن كما خسرها العرب وابن القضية؟؟؟؟".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات