زمزم


إذا صحت الإنذارات التي وجهتها جماعة الإخوان المسلمين الأردنية ، للقيادات الإخوانية أصحاب المبادرة الوطنية للبناء ""زمزم"" وأعتقد أنها صحيحة ، بدلالة ما تعكسه قوى الشد العكسي في الجماعة من نزق ، تحكي عنه تصريحات العُصابيين من قادة الصقور في الجماعة ، فإني أرى في مبادرة زمزم مَطّهرا يتوجب على الجماعة أن تغتسل وتتوضأ بمائه ، كي يستقيم الدين الإسلامي الحنيف في الأطر الحزبية ، كحزب الجماعة وفي المعترك السياسي الذي يخوضونه ، كما هي حقيقته ، إسلاما زاهيا بالوسطية والإعتدال ، مفعما بالتفاعل مع متغيرات العصور والأزمان في الميادين العملية ، متطورا ومتسامحا في المقتضيات الروحانية ، بلا تجاوز على النصوص القرئانية ، أو عبث في الأركان الأساسية ، وبغير جمود أو نزوع إلى السلفية ، وبدون ظنٍ أن الناس هم ذاتهم في الأيام الأولى للدعوة المحمدية ، يترنحون بين الإيمان ومخلفات الجاهلية .
- لم يعد التشدد الديني أو السياسي لائقا لإخوان الأردن تحديدا ، وهم على ما هم عليه كقيادات من قدرات علمية وأكاديمية ، ومن تجارب في مختلف مناحي الحياة ، تؤهلهم للوعي على طبيعة المزاج الشعبي الأردني سياسيا ، إجتماعيا وثقافيا ، وتتيح لهم مشاركة الشعب الأردني نزوعه لدولة مدنية ، ديموقراطية يسودها القانون بالحق ، العدل والمساواة ، مشفوعة بالحريات وحقوق الإنسان ، تضمن للمرأة دورا متماثلا مع دور الرجل ، تُعظِّم الإهتمام بالأطفال ومقتضيات رعايتهم ، ضمن إعتبارات ما يشهده الزمن الذي نعيشه من تطورات سريعة ومتلاحقة ، في مختلف ميادين العلم والتقنيات التي لم تعد رفاهية ، بل أضحت بطغيانها إطارا لكل جوانب الحياة ، ليس في الأردن فحسب وإنما للبشرية بأسرها.
- إن ما عبر عنه المتشددون ""الصقور"" في الجماعة من الإستياء إزاء مبادرة زمزم ، وبأشكال متعددة ما هو إلا عملية تحنيط للإسلام الحنيف وسماحته وصلاحيته لكل زمان ومكان ، في الوقت الذي يتداعى فيه تحنيط الإسلام في مصر ، تونس ، اليمن ، السودان وغيرها ، وفيما تألق الإسلام في تركيا ، ماليزيا وأماكن أخرى حين إنفتحت الجماعات الإخوانية في هذه البلدان ،على الإنسانية بكل مشاربها السياسية ، الإقتصادية ، الإجتماعية ، الثقافية ، الفكرية بأديانها ، مذاهبها ، عباداتها ، عاداتها ومفاهيمها للحرية ، في هذا الزمن الذي بات بعيدا عن الجهل والجهالة ما يقرب من 15 قرنا ، بحيث لم يعد هناك من هو غير قادر على التمييز بين الحرام والحلال وما بينهما ، كما لم يعد مقبولا لأي كان أن يفرض وصايته على الناس بإسم الإسلام ، أو أن يحتكر الدين الإسلامي ويحشره في جماعة الإخوان المسلمين ، وينصِّب عليهم مرشدا لا تقل خزعبلاته عن خزعبلات الولي الفقيه ، الذي يوزع على الناس صكوك الغفران ويفرض عليهم أتاوة الخُمس ، ويفعل كل الموبقات تحت عباءَة الدين الإسلامي ، ومن غير المقبول أن يُطلق المُتأسلمون أذرعهم السلفية ، النُصرة ، القاعدية ، الجهادية والإرهابية لتلوغ في دماء المسلمين وغير المسلمين ، كما يحدث في سورية الآن مما بات يحد من تعاطف العالم مع ثورة الشعب السوري المجيدة ضد الطغيان الأسدي.
- لا تربطني أية علاقة من أي نوع بالقائمين على مبادرة زمزم ، لكني كمسلم أبحث عن الخير للمسلمين وغيرهم من البشر ، فإنني أرى في التجربتين التركية والماليزية ، وهما التجربتان اللتان تتقارب معهما مبادرة زمزم ، في البعد الديني ، السياسي ، الإجتماعي والإنساني تجارب تستحق أن تُحتذا، فإنني ومن منطلق أهمية تنزيه الإسلام عن ما يشوه صورته أمام البشرية ، مما يفرض على جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ، وقف عدائهم لمبادرة زمزم وللقائمين عليها ، إن لم أقل أن الأجدى للجماعة بكليتها أن تتبنى هذه المبادرة الرائعة ، والتي ستدفع بأعداد كبيرة من الأردنيين للإنضمام إليها ، ومن كل المشارب السياسية ، الإجتماعية والدينية ، كما أن هذه المبادرة "زمزم" ستكون في حال إستمرت ونضجت البلسم الشافي للأردن والأردنيين ، من كل الأدران والمثالب التي طالما أعاقت مسيرة الإصلاح الشامل في الأردن والذي هو غايتنا ، نعيش فيه ويعيش فينا ونعمل من أجله ، ونريده في مصاف العالم المتحضر قويا منيع ، بهمة أهله.والله من وراء المُبتغى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات