لماذا صمدت مؤسسة العرش الهاشمي بوجه الاعاصير الى الان ؟


من يطالع بعين ثاقبة ويحلل بفكر واسع وموضوعي ما يجري حولنا من احداث دامية في البلاد العربية المجاورة والبعيدة, لا بد وأن يعترف بأن قبعة العام سام قد اجادت باحتراف رسم سيناريو الربيع الصهيوني , فاستبدلت انظمة سيئة بانظمة سيئة اخرى تحت عباءة الديمقراطية والبحث عن الحرية, والشعب يرقص طربا وفرحا بانجازات اثبتت بطلانها بعد اقل من عدة اشهر على خروجها للحياة .
وللامانة الموضوعية فإن الوضع في الاردن يختلف تماما عما هو في الدول التي أهلكت وخربّت ودمّرت مقدراتها بأيدي ابنائها الذين أطلق عليهم جزافاً ثواراً , فالشعب الاردني راشد مدى حياته , لذلك راقب جيداً وبوعي كبيرالمشهد العربي بما يحوي من احداث مؤلمة وقاسية , فحّكم عقله ولم ينجر وراء عواطفه , فاستفاد من مشاهدة المآسي التي تحصل لغيره, بمنعها من الوصول لارضه , فعزم بتصميم ابعاد شبحها عن اهله وذويه ونجح الى حد بعيد في تجاوز ازمة خانقة كانت ستحصد الاخضر واليابس لولا الوعي الجماهيري الذي حال دون خراب الاردن الذي بني بعرق اجدادهم وابائهم .
فالاردن كان منذ تأسيسه يسبح في بحر الاعتدال , لا يعادي ولا يقاتل فكسب الاحترام لدى الصديق والشقيق معاً , حتى بات شوكة في حلق اعدائه الذين احتاروا في كا ازمة كيف ينجو منها , وكيف يحول المآسي الى انجازات تدعمه وتقويه على الساحتين العربية والدولية , فالشعب الاردني بالفطرة يمتلك طبيعة خيرة, فهو لا يناكف جاراً ولا يعادي عدواً , الا بمقدار الدفاع عن ارضه وعرضه .
ندرك جيداً ان رأس الهرم في الاردن متهم من قبل البعض بالعمالة , ولكن الشعب الاردني يدرك تمام الادراك أن الربيع الصهيوني يريد رأس الهرم في الاردن لانه يمثل عائقاً امام تنفيذ المخططات الصهيونية, وهذا لم يعد خافياً على الاردنيين, لذلك وجدنا انه كلما تفاقمت الاحداث واشتدت الاعاصير في الاردن وحوله , التف الشعب بصورة فطرية حول معصم قيادته, فأفشلوا مشاريع ومخططات مخرجي وكاتبي سيناريوهات الربيع الصهيوني بامتياز.
نتساءل ببراءة الاردني الحر والشريف ,النقي العذب الطاهر : لماذا صمدت مؤسسة العرش الهاشمي في مواجهة الاعاصير الممنهجة صناعياً الى الان ؟.
سؤال يبدو للغريب عن طبيعة الشعب الاردني بن الاجابة عليه صعبة جداً , ولكن الذين يعرفون فطرة الاردني وغريزته لن يجد صعوبة في الاجابة عليه, فالربيع الصهيوني ليس جدياً على الشعب الاردني الذي مرّ باكثر من ربيع فيما مضى من الزمن وتجاوزها جميعا باقتدار , اقتدار يميز الاردنيين فقط امام الملمات والازمات , فالشعب الاردني يعلم جيداً ان جلالة الملك يمثل له مصدر ضمان وحافظ امن وأمان , سواء اختلف بعض الاردنيين معه ام اتفقوا, وهذا الشأن لا يمتاز به حكم في الوطن العربي سوى الاردن, الامر الذي جعل منه جدارا عاليا ليس من السهل اختراقه .
فالفوضى الخلاقة والشرق الاوسط جديد مصطلحات وعبارات ادركها الشعب الاردني بعد ان رأى معانيها وفهم مغازيها من خلال مشاهداته للشعوب العربية المتصارعة على الكرسي, فمن يرفع شعار اسقاط النظام في الاردن فهو لا يفكر بذلك حماية لمقدرات الشعب الاردني , بل لانه يدرك ان جلالة الملك يمثل الضمانة الاكيدة للشعب الاردني بعد الله جلّ في علاه , وهو يعي كذلك أن خارطة الطريق وانجازات ونجاح الربيع الصهيوني يتطلبان التخلص من الضمانة الحقيقية لثبات الاردن لتنفيذ اجندات صهيونية لطالما نادت أمريكا حماية لإسرائيل ومشاريعها , وما خارطة الشرق الاوسط الجديد الامريكية إلا خطوة هامة لاستبدال انمظمة خدمت اسرائيل بأنظمة اخرى ستخدمها بطريقة غير معتادة ستوصلها لاحقاً الى تحقيق المصلحة العليا لاسرائيل.
فمن يتمعن بالمشهد السياسي العربي يلحظ تمام الوضوح , كيف ارادت الدول العربية الداعمة للاردن وضعه في زاوية ضيقة بتشديد الخناق الاقتصادي عليه تمهيداً لتوجيه الضربة القاضية له .
فالاردني يدرك بحكم ثقافته ان ما يجري على الساحة الاردنية تساهم فيه اموال بعض الدول العربية , ولاجل ذلك ضيقوا الخناق عليه اقتصاديا وقطعوا امدادات النفط علنه, ودمروا خطوط نقل الغاز الى اراضية , ليتركوا الساحة الاردنية خصبة للمظاهرات لعلها تأتي بالثمار التي اوجدها منفذ سيناريو الربيع الصهيوني في دول الجوار.
وللحقيقة التاريخية نقول أن السعودية وقطر ارادتا تصفية الخلاف بينهما مع حزب الله والنظام السوري على ظهر المواطن والجندي الاردني , وبعد رفض الاردن خوض الحرب بالوكالة تحت المغريات المادية حاولو لف الحبل على رقبته لخندقه . متناسين هولاء ان الاردن لم يرسل بحياته جنديا اردنيا للقتال بارض عربية سوى في حالات الدفاع وطرد المتمردين كما حدث في السعودية عندما تمكنت قواتنا الخاصة تحرير الحرم المكي في مطلع الثمانينات, وكما فعلت قواتنا الخاصة في معارك ظفار بانقاذ قابوس من الفتنة وكما حصل في البحرين عندما قاب الشيعة قوسين او ادنى من احتلال القصر الملكي .
فهل لعبت الحكومات الاردنية بورقة الامن والامان لحدود الدول العربية , لكي تعرف هذه الدول ان مساعداتها للاردن وشعبه ما كانت يوماً منة منها ,بل هي حق معلوم لنا في ثرواتها لاننا نشكل لها مصدر امن وامان ؟, فعلى الدول العربية ان لا تحملنا جميلة ولا منة في مساعدتها فالمساعدات العربية لنا هي في الحقيقة ثمن لحماية حدودها , واذا ما انهار الاردن لا قدر الله فانها لن تستطيع حماية محافظة واحدة في بلادها .
فالاردنيين جميعا يرفضون حل القضية السورية على اكتاف ابنائهم, ولا يقبلون مهما وصل الجوع الى ساحتهم ,أن تكون حدوده ثمنا لانتقام البعض من غيره, فالاردني الصادق لا ولن يقبل تحت أي ذريعة هدم مسكنه الذي بناه بعرقه لبناء بيت جديد عليه , لا نعرف المواد التي بُني بها وما هو حجم الغش في محيطه .
وقفة للتأمل :" ايها لاردنيون تمسكوا بمليككم , وعضّو عليه بالنواجذ , فكل الذين يضحكون في وجوهكم على شاشات الفضائيات , يحملون في داخلهم لكم حقداً اعمى وسماً قاتل ويتمنوا لو طالعوا فجر اليوم التالي لدعمكم دون ان يروكم, فهنا نعيش وهنا نموت , ولا عاش من يفرض على الاردني مهما ادعى القوة حاكما او زعيماً , فنحن من اتى بالهاشميين حكاماً, ونموت دونهم صادقين, والتجربة اكبر برهان لمن يحمل بداخله ذرة شك على ما نقول ".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات