الملك والشباب والانتخابات


في زيارته الأخيرة للملكة المتحدة واجتماعه في مقر البرلمان البريطاني مع عدد من رؤساء وأعضاء لجان الشؤون الخارجية والدفاع والأمن في مجلسي العموم واللوردات ومن خلال استعراض الجهود الإصلاحية الشاملة التي ينفذها الأردن أكد جلالة الملك عبد الله الثاني على دور الشباب الذين يشكلون الفئة العمرية الأكبر في المجتمع في المساهمة والانخراط في العملية السياسية والانتخابات النيابية التي ستجري في الثالث ة العشرين من الشهر المقبل ليكون لهم صوتهم ورأيهم المؤثر تحت قبة البرلمان من خلال إيصال مرشحين أصحاب برامج واضحة تخدم الوطن وتدعم مسيرة الشباب وتساعدهم حل مشكلاتهم 

يشكل الشباب العمود الفقري للمجتمع وهم نبض وعصب الحياة والقاعدة الرئيسية للنهوض بالتنمية الشاملة باعتبارهم مصدر القوة للبناء وأمل المستقبل في العطاء وتعزز أهمية الشباب الأردني بأنهم يشكلون ربع سكان الوطن في وقت أصبح فيه الاعتماد على تنمية الموارد البشرية أساس في مسيرة البناء والتحديث وان الاستثمار بالرأسمال الشبابي في مجالات التعليم والتدريب والتأهيل وخلق جيل قادر على التفكير والتحليل والتميز هو البديل الوحيد لتعويض ندرة الموارد الطبيعية من مياه وثروات

منذ تسلم جلالة الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية أولى الشباب والشابات جل الرعاية والاهتمام وجعلهم شركاء في رسم ملامح الأردن المزدهر واعتبر قضاياهم أولوية وطنية فهم قادة اليوم ورجالات المستقبل ولا يكاد يخلو خطاب أو حديث لجلالته إلا ويتناول فيه موضوع الشباب ويؤكد على أهمية دورهم في بناء الوطن وتقدم المجتمع كفرسان للتغيير والإصلاح وقد حرص جلالته على المشاركة في مؤتمراتهم وملتقياتهم وتبادل الحديث معهم وزيارتهم في مدارسهم وجامعاتهم ومحاورتهم في مختلف الشؤون المحلية والعربية والعالمية لكسر حاجز الصمت من أمامهم وإطلاق العنان لأفكارهم وتهيئة الفرصة لمشاركتهم في اللقاءات الدولية واطلاعهم على تجارب الدول المتقدمة والاستفادة منها وقد تعددت المبادرات الملكية اتجاه الشباب والتي أساسها المحبة والتواصل وعمادها الحاضر والمستقبل

فمن تأسيس هيئة شباب كلنا الأردن إلى برلمان الشباب والمشاركات في مؤتمري دافوس والبتراء واصطحاب جلالته الشباب في جولاته الخارجية للاطلاع على تجارب الدول المتقدمة والاستفادة منها مرورا بالجوائز الملكية المحفزة على الإبداع والتميز وبث روح الريادة لدى الشباب وإتاحة المجال لإطلاق أفكارهم الخلاقة كشريك حقيقي ومؤثر في الحياة العامة وتشجيع انخراطهم في العمل السياسي وتدريبهم على العملية الديمقراطية والمشاركة السياسية وإدارة الحوارات والجلسات وتعزز قيم الولاء والانتماء وتحمل المسؤولية وممارسة الحقوق الدستورية ومن هنا جاء قرار تخفيض سن الناخب من 19عاما إلى 18 عام وفق قانون البلديات الجديد انسجاما مع دعوة جلالة الملك في دفع مشاركة الشباب نحو الحياة السياسية للاستفادة من مهاراتهم وقدراتهم ومشاركتهم في صنع القرار ولا يفوتني في هذا المقام أن أنوه إلى أهمية رسالة جلالة الملك تلك القلادة الهاشمية لشباب الوطن بمناسبة اليوم العالمي للشباب والتي تضمنت المعاني السامية والمدلولات العميقة والتي شكلت نهجا صحيحا وخطة عمل ناجحة لكل شاب وشابة بما تضمنته من دعم ملكي غير محدود يستنهض كل فارس من فرسان التغيير ليكونوا على قدر المسؤولية والأمل متسلحين بالعلم والمعرفة لنهضة الأردن الحديث ورفعته 0

ومن هنا وبعد هذا الاهتمام اللافت من لدن سيد البلاد الذي لم يأل جهدا في تقديم كل إشكال الدعم للشباب وإتاحة فرص متعددة لهم ما كانت لتحقق إلا في ظل قيادة هاشمية حكيمة ورؤية ثاقبة لقائد نذر نفسه لخدمة شعبه وقضايا أمته يؤمن إيمانا مطلقا بأهمية الشباب ودورهم في بناء مستقبل مشرق للوطن
علي الشباب والشابات اليوم أن يكونوا عند حسن ظن قائدهم بهم يسخرون كل طاقاتهم وقصارى جهدهم ليكونوا على قدر الثقة التي حملهم إياها جلالته للمضي قدما في مسيرة الخير التي اختطها لهم بترجمة توجيهاته واهتماماته إلى نجاحات وانجازات تتفاعل في وجدان الشباب في مختلف المجالات والتخصصات لبناء الحاضر واستشراف المستقبل

ومع اقتراب موعد انطلاق صفارة الانتخابات النيابية ينظر جلالته إلى الشباب بتفاؤل وأمل ان يكونوا هم القوة الحقيقة التي تسيير بالوطن نحو التطور والنماء وهم مدعوين اليوم لممارسة دور فاعل وايجابي في صنع التغيير على كافة المجالات والتعبير عن طموحاتهم وتطلعاتهم لمستقبل الوطن

وان تركيز جلالة الملك على دور الشباب المستمر نابع من إيمان جلالته بضرورة مشاركتهم في صناعة القرار ورسم السياسات العامة وان مشاركتهم في الانتخابات النيابية المقبلة تشكل فرصة لتجديد الحياة السياسية وهي محطة ضرورية للنهوض بالحياة الديمقراطية التي تعد أهم مرتكزات الوطن وان ممارسة الشباب لحقوقهم الدستورية وواجبهم الوطني من خلال انتخاب المرشح أو المرشحة القادر على تحمل مسؤوليات وطنه وتقدير حجم التحديات التي تواجهه لتحقيق مسيرة الإصلاح الشامل وتجذ ير دولة المؤسسات والقانون

مع التأكيد على أن المشاركة في الانتخابات النيابية تعتبر واجب وطني ( مع كل الاحترام لحق ورأي وقناعة المقاطعين للمشاركة ) وهي الضمانة لتفعيل النهج الديمقراطي لتكون التفاعلات الإصلاحية المطلوبة مستقبلا بشكل اكبر وأعمق من خلال البرلمان المنتظر وداخل الأروقة التشريعية

المهم في هذه المرحلة أن يعي المواطن الأردني دوره وان يفعل خياره بشكل دقيق في ظل التزام ملكي وحكومي بعدم التدخل في الانتخابات بأي شكل والتأكيد على مسألة النزاهة والحيادية والشفافية التي غابت طويلا عن المشهد الانتخابي الوطني " وخلافا لما كان يجري في الماضي البعيد والقريب من تزوير مفضوح وتدخل سافر " فهل نستطيع فرز مجلس نواب قادر على تحمل مسؤوليته الوطنية وتجسيد تطلعات الأردنيين وتمثيلهم بقوة ويستطيع أداء دوره في الرقابة والتشريع وأن يساهم مع السلطة التنفيذية في حل المشكلات وتقديم الأفضل للمواطن وليعلم الجميع أن وجود مجلس نيابي أفضل بكثير من غيابه من اجل مصلحة الوطن والمواطن

الانتخابات القادمة تحتاج إلى كل الأردنيين للتعبير عن وعيهم الوطني الصادق وإدراكهم العميق لمعاني وقيم المشاركة ولا بد وبشكل عاجل من كسر جميع الحواجز النفسية والإجرائية وتعزيز الثقة ومحو سيئات الماضي التي تحول دون صحوة ونهضة الأغلبية الصامتة التي يعتمد عليها في توسيع المشاركة الشعبية في هذه التظاهرة الوطنية الديمقراطية والتي سيشهدها العالم

وما أود الإشارة إليه أخيرا أن قانون الصوت الواحد المرفوض شعبيا وحزبيا والذي لا يلبي طموحات الشارع والرأي العام لا يشكل الأهمية الرئيسية في العملية الانتخابية بقدر ضمان نزاهة الانتخابات وعدم حدوث تزوير يعيد قناعات الشباب والمجتمع إلى المربع الأول ردة ومقاطعة وهو المأمول بالهيئة المستقلة للانتخابات التي تمارس أول تجربة أردنية تحت المجهر سوف يؤسس عليها مستقبلا سلبا أو إيجابا

وما يتبع ذلك من ضرورة قصوى لتطبيق حازم وصارم للقانون بحق أي مخالفات تتعلق بسير العملية الانتخابية وفي مقدمتها المال البشع ( وليس المال السياسي ) الذي يقوم على المتاجرة بالضمائر والنفوس من خلال فرق المزايدة والتجار والمقاولين لكل مرشح ومرشحة

ولا يخفي على الجميع الدور القذر الذي لعبه هذا المال في انتخابات عام 2007 و 2010 التي أفرزت مجلس 111 المزور الذي كان هم أعضائه الأول والأخير التسابق على تحقيق المكاسب والمنافع والامتيازات الشخصية والإساءة لأبسط قواعد الأمانة الشعبية والمسوؤلية العامة والعمل التشريعي والرقابي

لنتذكر جيدا ونحن على عتبات الانتخابات القادمة بعد أيام معدودات أن النائب هو من سيقوم بسن القوانين ومراقبة الحكومة والهيئات التنفيذية فليكن خيارنا وصوتنا هذه المرة لمن سيمثلنا بشكل صحيح من اجل الوطن والتغيير واستكمال مسيرة الإصلاح إذا أيها الشباب صوتكم هو الحاسم
mahdmublat@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات