عن الخرزة


قديما كانت العادة أن يتم تعليق خرزة زرقاء في ملابس الطفل الصغير ، لاعتقاد الأهل بأن هذه الخرزة تبعد الأعين والحسد عن الطفل وتحميه . 
أنا مثلا .... كان لدي خرزة زرقاء وكانت أمي تعلقها في ملابسي بدبوس صغير ، ولكون الدبوس كان كثيرا ما " يفلت وينفتح " ، بفعل عبثي به ، ولخوفهم من أن يقوم الدبوس بوخزي ، - أو كما كانوا يقولون "يدقني" - ، فقد تم استبدال الدبوس بسنسال مصنوع من خيط ملاحف وتعليقه في رقبتي .
والظاهر أيضا بأن السنسال لم يفلح بالصمود أمام عبثيتي المفرطة ، لذا كنت أقوم بقطعه في كل مرة ، لتبدأ رحلة البحث عن الخرزة ومن ثم "لظمها" بالخيط من جديد.
للعلم .. كان الجميع - في ذلك الوقت - يستغرب من مكنون قوتي التي تمكنني من قطع خيط الملاحف بهذه السهولة ، في حين كان البعض يوعز ذلك إلى مفعول الخرزة الزرقا التي منحتني القوة أيضا.
كبرت ولا أدري أين ذهبت خرزتي الزرقا ، وأحيانا أتسائل بلهفة عن خرزتي تلك ، كلما تفقدت ألبوم الصور القديم ، فالود ودي أن أجدها "وألظمها" بشرايين القلب وبأورقة الروح وأعلقها في عنق الوطن كلما انتفض ، فالعيون كثيرة والحساد كثيرون ، والجدائل السوسنية مغرية وملفتة ، وقلة من يصلون على النبي .

أمس كنت ومجموعة من الشباب في ضيافة دولة طاهر المصري ، وقبلها بأيام كنت في ضيافة العم محمد داودية ، وقد دار في خلدي أن اسألهم عن خرزاتهم ، ولكني أكتشفت أنهم لم "يلظموا" خرزاتهم في عنق الوطن ، فهم أصلا الخرزات .

سلم الوطن ... وسلمت الخرزات .

المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات