المصالح الضيقة العفنة


يعتقد الكثير من الناس الذين يسعون خلف الشهرة والسلطة والنفوذ بأن الوصول إلى المراكز الدنيوية العليا في كافة مناحي الحياة هي الهدف الإستراتيجي الأول في الحياة، الذين يدافعون من أجله ليكبرون في أعين الناس ويفرضون المهابة والسيطرة عليهم.
وبأن أموالهم وقصورهم وأولادهم ومركباتهم ذات الوحات الحمراء والبيضاء والصفراء ، سوف تجلب لهم الراحة والسعادة في الحياة الدنيا وتفرض على الأمة هيبتهم ووقارهم ، وبأن الأخلاق والمعاملة الطيبة الصادقة النابعة من القلب سوف تفقدهم ود الناس وتنزع المهابة والوقار من صدورهم ، بل سوف تفقدهم البرستيج والبرتكول الشخصي الذي يعتبر خط أحمر بينهم وبين العامة من الناس.
ومن يمتلك حفنة النقود والذهب يسعى إلى زيادتها ليبقى عبداً لدرهم والدينار وينسى وعد الحق في لحظة الموت ، وينسون بأن الدنيا زائلة وفانية ومن عليها وبأن العمر قصير وما الحياة الدنيا إلا متاع (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ) الحديد 20
و يطغى بسلطانه صاحب السلطان، و يتكبر و يتجبر يحسب أنها تدوم له؟ يغتر الغني بغناه ، و بقوته القوي، وبشبابه الشاب، و بصحته الصحيح، يظن أن ذلك يبقى له ولكن... هيهات.
إن البناء العظيم يأتي عليه يوم ينهار ، و يرجع تراباً، و الدوحة الباسقة يأتي عليها يوماً تيبس فيه، و تعود حطباً، و الأسد الكاسر يأتي عليه يوم يأكل لحمه الكلاب ، وكم من صحيح مات بدون علة وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر .
إننا نعاني اليوم وكل يوم من أزمة الغرور والتجبر والاستبداد وسطوة المتجبرين والمتكبرين ونلهث خلف العشيرة والقبيلة في حل قضيانا الاجتماعية من خلال الواسطة والمحسوبية ، لنلهث خلف وظيفة أو دراهم معدودة لنتنازل بها عن كرامتنا ونعلن الولاء والسمع والطاعة للأسياد وكاننا عبيد لهم ولآبائهم وكأن الوطن مزرعة .
وننسى بل نتناسى بأن العمر قليل وبأن الذٌل والإنحناء لغير الله كُفر ، فلقد ولى زمن الإستعباد والعبودية منذ أن بُعث محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل والأنبياء .
إن المناصب الدنيووية تغير الكثير من القيم والمبادء في النفوس المريضة، من خلال المفاهيم الإجتماعية فمن عٌرض عليه لقب دولة أو معالي أو عطوفة ، ينسى التاريخ وينسى البشر والحجر وينسى المبادء التي جُبل عليها وناضل من أجلها وكان معارضاً لكل السياسات اللئيمة التي من شئنها التعدي على حق من حقوق العباد وينقلب إلى جلاد يجلد الشعب والأمة ، من أجل الكرسي والشهرة ويبيع الأخرة ليشتري الدنيا بزخارفها وبهارجها ، ويوسس له ابليس بسوء عمله بأنه المكلف به وهو واجب وطني وبأنه منقذ الوطن وينسى الشعب والرعية المحروقين فقراً وقهراً على كل شيء ، ينسى المبادئ التي عارض من أجلها حتى غدا في عيون الشعب القائد المناضل الذي سيقف في وجه ريح الفساد العاتية ، ويسترد الحقوق المسلوبة من الزبانية وأسيادهم واتباعهم .
ومتى سيتحرر الأردن من أيدي السفهاء الجبناء الذين باعوا الوطن وعرقلو مسيرة الإصلاح وما زالوا يخطبون بنا على المنابر ، فتعساً لهم ولمن يتحيز لهم، وسوف يأتيهم اليوم الذي لا يملكون من آمرهم شيئاً ، ولن تغنيهم آموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات