الزحف الى قصر مرسي ..


في مجتمع غالبيته من المسلمين ، ويعاني 40 % من مجمل سكانه من ظاهرة الأُمية ، وفي ظل برنامج انتخابي سيق للناس على أساس مشابه لبرامج الخلفاء الراشدين وعهد عمر بن عبد العزيز في العدالة والتسامح والشورى واحترام الأقليات والاتجاهات ! فاز محمد مرسي برئاسة جمهورية مصر العربية وبنسبة ال 52 % فقط من الأصوات ،فيما احتل منافسه المحافظ احمد شفيق 48 % من الأصوات بالرغم من قربه للنظام السابق وعلاقته بالجيش وتوليه حكومة انقاذ سرعان ما اسقطها ميدان التحرير في مشهد اعتقد فيه الاسلاميون انهم سيحصدون ما لايقل عن 80 % من الأصوات ،ولم تأخذ الجماعة الاسلامية بتلك المفارقة ، ولم تقف عندها ، ولم تتدارسها مطلقا واقصد حصولهم على نصف الأصوات تقريبا ، بل اعلنت أن فوزها " الكبير " هذا انتصارا لمنهجها ! و يمثل اشارة قوية يمنح المرشد العام للجماعة نفوذا وقوة تماثل قوة المرشد خامينئي في ايران الداعم للرئيس احمدي نجاد ، فانتقلت ولاية الفقيه من ايران الى مصر ولكن باطار سياسي واجتماعي رفضه حتى الذين منحوا مرسي أصواتهم ، وذلك بفعل الأخطاء التي يمارسها الاخوان ورئيس الدولة والمرشد العام ، الذي يصر على رفض " فطم " مرسي واطلاق سراحه ومنحه الاستقلالية باعتباره رئيسا للجميع ..
دعوة القوى الوطنية والحركات الثورية والأحزاب المعتصمة بميدان التحرير في القاهرة الى مسيرة الانذار الأخير امس الثلاثاء والتوجه الى قصر الاتحادية حيث مقر الرئيس مرسي و وبدعم من القضاة والمحايون والإعلاميون والعمال والأحزاب وكافة القوى الوطنية في مصر ، إشارة واضحة الى رفض شعبي كبير للاعلان الدستوري الذي نادى به مرسي ، والى رفض مسودة الدستور الذي وصف بغير الشرعي ، لأنه لايمثل كافة الأطياف الاجتماعية في مصر ، ولرفضهم منذ البداية تشكيلة تلك اللجنة، وان ما حدث في التصويت على مواد الدستور خلال 18 ساعة يشير الى فرض الهيمنة والتسرع في تنفيذ تلك الاجراءات وتمرير مواد قانونية اختلفت عليها الغالبية السياسية وانسحبت من اللجنة على إثرها دون اتخاذ اي اجراء يقلل من شأن الأزمة الجارية ، وتحمل هذه الازمة في طياتها كذلك منعطفا تاريخيا وخطرا في حياة مصر والمنطقة ككل ، فالاستقالات التي تلت الاعلان الدستوري واثارت حفيظة حتى اقرب مستشاريه وغادروا القصر كانت مؤشرا على تفرد الرجل ، وأكدوا انه لم يطلعهم على ذلك الاعلان ولا علم لهم به ،في اشارة الى أنه اُعد في مقرات المرشد العام للجماعة ، ولم يراعى فيه ظروف البلاد سواء اكانت الأزمات الاقتصادية التي تواجه مصر و عكست نفسها على انخفاض مستوى التداول في بورصة مصر الى حد الانهيار ، او حتى القضايا الأمنية الخطيرة التي لم تعالج بعد، مما يزيد تلك الحالة الأمنيةالصعبة اتساعا وخطورة ، لكن يبدو أن الجماعة الاسلامية مصرة على تنفيذ تلك الخطوات حتى لو بلغت حد المواجهة مع غالبية تطالب بالغاء اجراءات مرسي الأخيرة ، فمواجهة الشارع وصلت حدها الاعلى في مليونات معارضة ومؤيدة للاعلان الدستوري والدستور المقترح ، و قد تؤدي الى مزيد من المواجهات والمصادمات و الدماء ،وكان على مرسي تعليق الاعلان حال وفاة اثنان من الشباب المعارضين للاعلان الدستوري بداية الاحتجاج ،لكنه أصر على موقفه واعتبر ان الخارجين عليهم هو جماعة " الردة " التي يجب مواجهتها ، وستعيش مصر أزمة حادة لن تتوقف عند الاستفتاء العام حتى لو حصل لرفض تلك القوى الاعتراف به ، فهل ستعيش مصر طوال الاربع سنوات من حكم مرسي في دوامة أزمات مستمره بين مؤيديه ومعارضيه في كل خطوة تفردية يقوم بها الرئيس ، أم انه سيعيد النظر بكل قراراته ويمنح الشعب و "الثوار " حقهم المسلوب في المشاركة الحقيقية في بناء مصدر الجديده !
نحن كمسلمين وعرب كنا نتمنى لو أن الجماعة الاسلامية في مصر لم تتخذ تلك الخطوات التفردية والتصعيدية والرغبة في التفرد في الحكم ، وكنا نتمنى لو انهم قدموا النموذج الاسلامي الرفيع الذي يحترم رأي 48 %من المواطنين ممن عارضو انتخاب مرسي وما يمثله ،وما اضيف اليهم من قواعد شعبية واسعة بعد سلسلة قرارات وسلوك غير شعبي ولا ديموقراطي بعد أقل من 4 شهور على حكمه ، وكنا نراهن كما شعب مصر على ان النموذج المصري سيتعدى بقوته ورقيه النموذج التركي الاسلامي في التعاطي مع مسئولية ادارة الدولة بشكل ديموقراطي وحضاري يحترم الجميع ولا يسعى للتفرد والهيمنة كما كانوا يشيّعون ويعلنون قبل توليهم الحكم ، لكن ما حدث أحبط الجميع ، ومنح المعارضين للحكم الاسلامي فرصة تضييق الخناق على فكرة حكم الاسلاميين في البلاد العربية ، فتقليل حجم الحراسات و سيارات المرافقة ومنح أسر الشهداء مزيدا من الدعم المالي وإقالة النائب العام لم تكن ابدا برنامجا سياسيا وشعبيا يدغدغ عواطف الناس إلا القلة منهم ممنن انبهر بتلك الاجراءات الشكلية التي يراد منها مواجهة الخصوم واضعافهم اواقناع الرأي العام بنزاهة الحكم ، فإصدار اعلان دستوري مطلق بيد الرئيس حتى لو كان مؤقتا لم يكن بالأمر الحسن ، وان الدستور المؤقت الذي تم " طبخه " في 18 ساعه بغياب غالبية الاطياف والمنظمات والفعاليات الحزبية والسياسية والشعبية التي انسحبت من الهيئة لم يكن بالقرار الصائب ، ويبدو أن الجماعة تسعى ومن خلال سطوتها على القرار في " قصر الاتحادية " الى اعادة انتاج نظام مستبد ، ولكن بنكهة الصناديق الانتخابية التي لم يراع فيه اتجاهات الشعب المصري ولا حتى اطيافه السياسية التي كانت العامل الأساس في تغيير الحكم في مصر .
المعركة في مصر ليست معركة الاعلان الدستوري ، بل في الدستور نفسه الذي أعدته نخبة سياسية بلون واحد وبغياب كل الاطياف والاتجاهات الاخرى في الدولة المصرية التي انسحبت من الهيئة احتجاجا على اقرار مواد اعتبروها تشويها للثورة والحرية والعدالة والمساواة وخروجا على اهداف الثورة و" خيانة " لشهدائها ، فالاعلان الدستوري الذي أصدرة مرسي منفردا كان بمثابة قنبلة دخان لاقيمة لها، كان الهدف منه صرف الانتباه عن الدستور الجديد المليء بالالغام التي قد تعصف بهوية الدولة المصرية نحو النموذج الوهابي ،وهو الأمر الذي رفضه غالبية المثقفين والاعلاميين والساسة ، ونددوا كذلك بما اسموه محاولات مرسي إضافة " الصبغة الدينية " الى كل قرار عرفي وتفردي يتخذه بغية كسب ود الشارع المصري المتعطش للحكم الاسلامي العادل ، والذي اكتشف فيه شعب مصر وفي اقل من اربعة شهور من حكم مرسي ، ان كل ما قيل واشيع من عدالة وحرية وتسامح ووحدة وطنية وانفراج اقتصادي وأمني كانت ماكياج الجماعة للوصول الى الحكم ،وأن ما ينفذه مرسي والجماعة لايمت ابدا لأهداف الثورة وطموحاتها في مصر جديده عنوانها الحرية والعدالة والمساواة والحرية ..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات