أنا معلم بس مش مثالي .. !!!


بعد أن قُرع جرس الحصة السادسة وانتهى دوام الطلبة ، خرجت من حجرة الصف إلى إدارة المدرسة لأوقع بجانب اسمي لانصرف منها ، وبعدها خرجت خارج أسوار المدرسة مودعها ، وأنا أدعو الله أن لا أعود لها معلما ، لأسباب ستعرفونها من خلال المقال .... 

وعندما وقفت بجانب باب المدرسة ، انتظر مجيء الباص لأتوجه إلى حيث منزلي ، وفي أثناء انتظري حدثت مشاجرة بين الطلبة ، وبدؤوا ينهالون على بعضهم بالضرب والشتائم القذرة ، لم أتدخل ، وكأن الأمر لا يعنيني ، وأنا انتظر بفارغ الصبر قدوم الباص لأمتطيه ، فإذا بامرأتان تسيران في الطريق ، وبمحض الصدفة أن إحدى هذه النساء كانت لها معي قصة ، قصة عجيبة ، فابنها طالب عندي ، لا يقرأ ولا يكتب ، ومشاكس أكثر من أي طالب آخر ، تنهال عليه الشكوى من زملائه ، وجهته بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة ، وقدمت له النصيحة أن الشتم ليس من أخلاقنا ولا من ديننا ، وسب الذات الإلهية يؤدي إلى المكوث في النار ، فكن طالبا متميزا لا طالبا مشاغبا ، لكنه لم يستجيب وبقي مصمما على رأيه ، ذات مره ..

وأنا اشرح بالدرس كان يُتمتم فقلت له : اسكت فغيرك جاء إلى هنا للدراسة وليس للصياعة والفياعه ، لكنه لم يسمع لكلامي وبدأ صوته يعلو ، وفجأة شتم الذات الإلهية ، فصُعقت ... فلأول مرة اسمع طالبا لا يتجاوز عمره الثمان سنوات يشتم الذات الإلهية علما بأن الطالب في الصف الثالث الابتدائي ، فلم أتمالك نفسي لأنصحه لان النصيحة لم تعد لها قيمة في نظره ، فأحضرت سوطا وضربته ... فإذا بأمة في اليوم التالي تأتي إلى المدرسة ومعها طرطورها ....

علما أنني قلت للطالب احضر والداك كي أُخبرهم بمستواك وأخلاقك الدنيئة كي أبرئ ذمتي أمام الله ... لكن للأسف جاؤوا مهددين بالشكوى وأنهم سيسجنونني ، فابتسمت وقلت لها : خُذي طرطورك واشتكي وهذه بطاقتي وهذا رقم جوالي ... وأنا في قرارة نفسي أعلم جيدا إذا وصلت إلى المغفر سيأخذ القانون مجراه ، لان القانون بحق المعلم جائر ، ما يعني أنني سأبيت في النظارة ، ثم بعدها اتصل بأهلي وعشيرتي ليكفلونني بعد أن يمسحوا على رأس المرأة وطرطورها لتطلق سراحي ، وكأنني مجرم .. وليست معلم ... لماذا ؟ وكيف ؟ وماذا يعني ذلك ؟ ومن وراء ذلك ؟ وما السبب ؟ ومن المستفيد ؟ وأخيرا من الذي سَيُدمَرُ من التطاول على المعلم ؟

فأنا منذ أن وطئت قدمي وزارة التربية قطعت على نفسي عهدا أنني ساترك هذا المهنة مهنة الأنبياء والرسل ، التي أهانها أصحاب القرار في وطني بالقوانين الجائرة ، إذا وطئت قدماي أرض المغفر بسبب شكوى من ولي أمر ، فلا أعرف كيف يقبل معلما أن يشتكي عليه ولي أمر ثم للمدرسة ثاني يوما يعود فانا لوزارة التربية مودع فانا معلم وليس مجرم كي اسجن أو يُشار إلي بأصابع الاتهام ، ويبقى السؤال هنا ... نفسي أعرف كيف تكون نظرة الطالب للمعلم في الأيام القادمة ؟ هذه المرأة التي جاءت بالصدفة أثناء تشاجر الطلبة ، قالت على مسامعي : شو هالمعلم الذي يسمع الطلاب يسبُّوا ويسكت ، ويتشاجروا ولم يحجز ...

أنت حرام تكون معلم ، وأنت معلم من القلة مش مثالي ، هكذا وصفتني من كادت أن تشتكي علي بالأمس دون أن تضع النقاط على الحروف ، وبدون أن تنظر إلى نفسها قبل أن ينطق فمها ، لأنني عاقبت ابنها ذو اللسان السيء والكلام البذيء ، فانا اليوم لست معلما ولا مربيا أنا موظف فلا تسألونني عن لماذا لم أتدخل ؟ ولا تقولوا لي ما هي أخلاق تلاميذك ؟ ولا تسألونني كيف تؤثر بطلابك ؟ أنا موظف ولست مربي .... ففي المقال القادم أن شاء الله سأقول لكم لماذا أنا موظف .......؟؟؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات