بصمة على وجه القمر


لو تتبعنا سير الرجال الذين تركوا بصمات خالدة لوطنهم وأمتهم لوجدنا الكثيرين ممن فعلوا ذلك سواء أكان في العصر القديم او الحديث، وفي زمن أوج التقدم في عالمنا العربي والإسلامي قديما كان هناك من لا يشق له غبار في ذلك ممن ترك بصمات لا تمحى كابن سينا، الرازي، ابن حيان ، وغيرهم الكثير وفي مجالات أخرى ومتنوعة ومتعددة ولا مجال للعد والحصر وإنما كمثال .
ما أود الحديث عنه في هذا الموضوع عن رجل ترك بصمة على وجه القمر الا وهو رائد الفضاء الأمريكي نيل أرمسترونغ ، وليس تمجيدا له ، ولكن لمن يرى القمر يتذكر بصمة هذا الرجل وما صنع في مختلف الأزمان والعصور .
رائد الفضاء الراحل نيل أرمسترونغ من مواليد الخامس من أغسطس (آب) 1930 في مدينة واباكونيتا بولاية أوهايو.بدأ مسيرته في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) في عام 1955. وكان منذ طفولته شديد الولع بالطائرات، وتلقى دروسا في الطيران وهو في الخامسة عشرة من عمره، ليحصل على شهادة في الطيران بعد ذلك بسنة. ثم أصبح طيارا في قوات الطيران البحري وقام بـ78 مهمة أثناء حرب الكوريتيتن (1950 - 1953). درس هندسة الطيران البحري في جامعة بورديو (ولاية إنديانا شمال الولايات المتحدة)، وحصل على الماجستير في هذا الاختصاص من جامعة ساوث كاليفورنيا. وفي عام 1955 أصبح أرمسترونغ طيار اختبار، وقاد أكثر من خمسين نوعا من الطائرات. وبعد سبع سنوات عينته وكالة الفضاء الأميركية رائد فضاء .
وفي سبتمبر (أيلول) من عام 1966 قام برحلة مع ديفيد سكوت في إطار مهمة «جيميني 8»، حيث التحمت مركبتهما بمركبة أخرى غير مأهولة.. وكان ذلك أول التحام فضائي بين مركبتين فضائيتين .
وبعد ثلاثة أعوام أي في عام1966 دخل أرمسترونغ التاريخ من خلال مهمة «أبوللو 11»،مع زملاء الرحلة مايكل كولينز، وأدوين ألدرين، في عام 2009 ظهر أبطال مهمة «أبوللو 11»، أرمسترونغ وألدرين وكولينز، في لقاء نادر جمعهم في متحف الجو والفضاء في واشنطن لدعم مشاريع رحلات الفضاء المأهولة إلى كوكب المريخ .
وبالنسبة للكثيرين فقد كان أرمسترونغ أكثر من مجرد رائد فضاء، فهو الرجل الأول الذي ترك بصمة قدمه على سطح القمر وأطلق جملته الشهيرة بأنها «خطوة صغيرة للإنسان ووثبة عملاقة للبشرية». أرمسترونغ الذي لم يعبأ كثيرا بالهالة الإعلامية التي أحاطت به بعد إنجازه التاريخي قرر الابتعاد تماما عن الأضواء. ولم يكن رائد الفضاء الذي كرم عدة مرات في الولايات المتحدة وفي 17 دولة أخرى مرتاحا لهذه الشهرة، بل كان على العكس يحاول تجنب الأضواء ما أمكنه، حتى إنه كف عن إعطاء تواقيعه عندما علم أن هذه الأخيرة تباع مقابل مبالغ طائلة.
وترك أرمسترونغ «ناسا» في عام 1971 لينشغل بالتدريس في جامعة أوهايو، ثم انتقل بعد ذلك ليعمل في مجالس إدارة عدد من الشركات. وظل الراحل بعيدا عن الأعين باستثناء ظهوره في بضع مناسبات، مثل الذكرى السنوية للهبوط على القمر، إلى جانب بعض المناسبات النادرة التي دعا فيها إلى استمرار الرحلات المأهولة لاستكشاف الفضاء .
الكثيرون يحملون تساؤلات حول ما دار بخلد أرمسترونغ لدى هبوطه على القمر، فهو لم يعلق كثيرا عن أحاسيس أو أفكار طافت بباله خلال هذه اللحظة التاريخية، ولكنه يشير بكل تواضع إلى أنه كان في مهمة عمل، وأضاف في حديثة الذي نشرته «الغارديان»: اللحظة كانت خاصة جدا وخالدة ولكنها كانت وقتية وكان يجب علينا تخطي ذلك، فلدينا عمل نقوم به. لم نكن هناك لنتأمل. ذهبنا لإنجاز بعض الأمور وقمنا بذلك .
وانأ لي تساؤل عمن يحاول إظهار بطولاته ومعجزاته في ما صنع ممن يحب الظهور بمظهر الرجل الخارق الذي ندر وجود ممن يعيشون بيننا على أنهم الأفذاذ ،فهل المسؤولية هي مكان للتأمل أم للعمل والإنجاز؟.
أما عن رد فعله تجاه كل الشائعات والتشكيك حول هبوط الإنسان على القمر فكان رده بسيطا جدا: «تبدو تلك الشائعات والنظريات جذابة جدا لكني لم أشغل نفسي بها أبدا. كل ما أعرفه هو أنه في يوم من الأيام سيحط على القمر رجل آخر ويستعيد الكاميرا التي تركتها هناك»
حط نيل أرمسترونغ في 20 يوليو (تموز) 1969 (عند الساعة 2,56 بتوقيت غرينيتش في 21 يوليو) على سطح القمر ومعه شريكه في المهمة باز ألدرين، أما زميلهما مايكل كولينز فقد بقي في مقصورة التحكم التي كانت تدور حول القمر. وحجز مكانه في التاريخ ودخل عالم الشهرة من خلال العبارة التي أطلقها لحظة وطئ القمر وهي: إنها خطوة صغيرة للإنسان لكنها قفزة عملاقة للبشرية
وجرت عملية الهبوط على سطح القمر أمام 500 مليون مشاهد راقبوها من خلال بث فضائي مباشر. وقال باز ألدرين البالغ من العمر 82 عاما: تدربنا معا وكنا أيضا من أفضل الأصدقاء، ومهمة (أبوللو 11) جمعتنا إلى الأبد»، مضيفا: سأفتقده .»
أما مايكل كولنز البالغ من العمر 81 عاما فأكد: كان نيل أرمسترونغ من أفضل الناس... ولا شك في أنني سأفتقده كثيرا .
وفي الختام أقول ماذا ترك لنا الكثير من رجالات هذا البلد في هذا الزمن العصيب من بصمات ممن تحملوا مسؤولية عامة سيحاسبون عليها أمام الله إذا لم تتم محاسبتهم من الدولة التي عاثوا فيه إفسادا .إن البصمات التي تركتموها بصمات لا تنسى في حياتنا ولا يمكن تذكرها إلأ بالشؤم والبؤس والشقاء ؟ فهل بصمة رفع الأسعار تنسى؟ وهل رفع الدعم بصمة تنسى ؟ وهل هناك مجال للمقارنة بين بصمة على وجه القمر ، وبين بصمة على رفع الدعم وزيادة الأسعار ؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات