المواطنة صورة راقية وقيم وسلوك ومثل عليا للحضارة


لعل الهاجس الأكبر للفيلسوف الألماني يورغن هابرماس هو إعادة بناء نسق الحقوق ومنظومة المواطنة المعاصرة بحيث يخلصها من القيمة الإستعمالية ويمنحها قيمة تداولية ويتجاوز الهوة التي تفصل الملكية الخاصة مع حرية المجتمعات ويتخطى التوتر القائم بين حقوق الإنسان وسيادة الشعوب.هذا يتطلب أن تحدد قيمة المواطنة الشروط الأنثربولوجية للحياة السياسية الديمقراطية .
انطلاقا من تعريف المواطنة على أنها مجموعة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحريات المدنية التي يكتسبها الفرد قانونيا وفعليا من خلال عضويته في المجتمع . لذلك علينا . إكساب المواطنة وقيمها للفرد لتثبيت قيم والسلوك المدني في المجتمع . إذا لا بد من البدء معه من التنشئة الأسرية من خلال تثقيف الوالدين . والتربوية في المدارس والجامعات ليكون عضو فعالا في المجتمع الذي سيعيش فيه.لان العدل والمساواة لا يتحقق إلا من خلال التربية المواطنية . حتى لا يكون المواطن تابعا بل شريكا في جميع المجالات. هذا سيؤدي إلى الزيادة في استغلال الطاقة والزيادة في الإنتاج الوطني الذي بدورة سوف ينعكس على المواطن . وتكون لدية القدرة الكافية على معرفة الواجبات التي يجب أن يقوم بها . ومعرفة حقوقه التي أقرتها له القوانين والأنظمة والتعليمات .( الصدق في القول والعمل ) لان المواطنة ممارسة .


المواطنة تشكل موضوع الساعة والإعلام بما تتضمن من تحديات بين المواطن والدولة أثارها شباب الربيع العربي وبقوة . لان المواطنة فكرة اجتماعية وسياسية وقانونية تسهم في تطوير المجتمع ورقي الحضارة فيه. والرقي بالدولة إلى العدالة والمساواة والإنصاف . والى الديمقراطية والشفافية لان الشعب هو صاحب السيادة وهو الذي يقرر العلاقة بين الفرد والدولة لان الحرية تتأثر بالنضج السياسي والرقي الحضاري والتطورات السياسية والاجتماعية . وترسخ الانتماء للوطن والولاء للمجتمع . وهي انجح السبل للحد من الفتن والصراعات سواء كانت طائفية أو عرقية أو دينية... أو غيرها وتمتين الوحدة الوطنية التي تؤدي بدورها إلى ترابط المجتمع وتماسكه .


لا يحصل ذلك إلا بتكوين الدولة المدنية التي تساوي بين أبناء الوطن في الواجبات والحقوق فمعيار الأفضلية بينهم في المجتمع للكفاءة والنزاهة . هذا سيتطلب المواصلة في الرقي في مجال العلم وتطور الجامعات والمدارس . والقبول بتعدد الآراء والمصالح ويشعر المواطن بحرية الرأي وتقبل الرأي الأخر . والجميع سواسية أمام القانون . ويحق للمواطن مسائلة ومحاسبة المسؤولين قانونيا لان الدولة المدنية جامعة لكل المواطنين . أي أنها تعبر عن إرادة الشعب . يظل مفهوم المواطنة وتطبيقاته بالمعنى الحداثي في بلادنا، مرهوناً بكيفية الالتزام بمضامين الديمقراطية السياسية والاجتماعية وتطبيقاتها، فالديمقراطية بالنسبة لمجتمعنا وشعبنا مطلب حياة وعيش كريم .





ولكن ومع هذا يبقى الانطلاق والتحرر مقرونة بثقافة المجتمع وايدلوجيتة منبثقا أيضا من فكر يحترم الآخرين ويقدرهم سواء اتفقت الأفكار أم اختلفت فحرية الرأي لا تكون بأية حال إساءة إلى دين أو معتقد آخر . وتبقى الحرية حبر على ورق إن لم تخرج من كتب التربية الوطنية إلى نفوس وقلوب أبناء الوطن الواحد .





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات