نعم لمخالفة الدستور ؟ !


لا احد يستطيع أن يتنبأ بما ستنتج عنه عملية الاحتقان ( والهدوء الحذر ) الذي يلف المشهد السياسي والاقتصادي في المملكة والذي انعكس بكل سلبياته وأبجدياته ومعادلاته المتعثرة على السِلم الاجتماعي الذي بدأ يتأثر من خلال بعض الأصوات التي تتعالى رفضاً لسياسات الدولة التي ترى في المواطن الأردني ( البقرة الحلوب ) فكلما تعثرت الحكومات في احد ملفاتها الاقتصادية ، تتجه بوصلتها نحو المواطن الذي أصبح لا يثق بما تقوله الحكومة بل حتى وصل الأمر إلى الانتقاد المباشر للنظام وبشكل علني ، مما ينذر باتساع الفجوة بين النظام والمواطن الأردني الذي كان قبل ما يسمى بالربيع العربي يرفض رفضاً قاطعاً المساس بهيبة النظام ، إلا أن هذه الثقة أصبحت تتراجع شيئاً فشيئاً إلى أن كان القرار الأخير برفع الدعم عن المشتقات النفطية والذي أطلق الحناجر وخرج منها ما لم يرغب النظام الأردني ولا السواد الأعظم بسماعه .

فعندما نتكلم عن الدولة الأردنية فإننا نتكلم عن دولة عمرها 100 عام تقريباً ، ومنذ تأسيسها وهي تعيش على المساعدات الخارجية من جهة وعلى القروض من ( صندوق العهر الدولي ) والذي انعكس بشكل واضح للعيان على السياسة الخارجية ( الميتة ) للدولة الأردنية التي أصبحت ( لا تسمن ولا تغني من جوع ) بعد أن كانت السياسية الخارجية الأردنية لاعب مهم في العملية السياسية العربية و الإقليمية ، حتى وصل الأمر إلى مصادرة القرار السياسي للدولة عبر التهديد بقطع المساعدات إذا لم ترضخ عمان لشروط تلك الدول ، ولا عجب أن نستمع إلى السفير الإيراني الذي أبدى رغبة إيران في مساعدة المملكة على تجاوز محنته الاقتصادية عبر تقديم النفط مجاناً أو بأسعار زهيدة مقابل استمالة الأردن وإبعاده عن دول الخليج العربي وإيجاد موطئ قدم ( للثورة الإيرانية ) على الأراضي الأردنية رغم التعارض والتناقض العجيب بين المشروع الخميني ( الشيعي ) وبين المشروع الهاشمي الذي ابتعد عن إيران منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979 ، والسؤال الذي يطرح نفسه : هل وصل الأمر بالأردن لأن يصبح قراره السياسي يباع ويشترى بهذه الطريقة المذلة ؟ ! .

وللخروج من تلك الأزمات الحقيقية ينبغي اتخاذ قرارات حقيقية وجريئة ، بوقت بالغ الحساسية على الأقل لنضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح للإصلاح الذي ينادي به الأردنيين ، ولتفويت الفرصة أمام بعض ( المتأصلحين ) والذين لا يردون الخير للوطن بقدر ما يردونه لأنفسهم وذلك تحقيقاً لتطلعاتهم السلطوية والحزبية الضيقة ، فلا فرق بينهم وبين من عاثوا في البلاد وأكلوا قوت العباد ، فربما يتكلمون حق ولكنهم يردون به باطل مما جعلهم يتخبطون تماماً كالحكومات التي أوصلتنا إلى ما نحن به الأن .
وهنا لا بد للإشارة إلى أن ملك البلاد يعرف تماماً بأن الشعب الأردني تحمل ما لا طاقة له به وليس له في ذلك ناقة ولا جمل ، وبأن الأردنيين الذين خرجوا وهتفوا ( بإسقاط النظام ) عبروا عن اختناقهم وحسرتهم رغم أنهم لا يريدون ذلك ، بل إن من خرجوا وعبروا عن امتعاضهم وسخطهم بشكل سلمي من الحراكات الشعبية وعلى مدار العامين المنصرمين هم الموالين الحقيقيين من أبناء الجنوب والوسط والشمال ، ذنبهم أنهم كانوا ضحية لمن تلوثت أيدهم بالمال العام وحكموا على الشعب الأردني بعقوبات الفقر الجماعية والغلاء الفاحش الذي ما انزل الله به من سلطان ، الأردنيين الذين أمسوا على وطن واستيقظوا على برنامج التحول الاقتصادي الذي تم من خلاله بيع مقدرات الوطن وبطريقة التفافية على الدستور ، بحيث أن المواطن الأردني رح ( ينجلط ) لأنه لا يستطيع تقديم إثبات واحد يدين فساد باسم عوض الله وزمرته الذين ( حبكوها صح ) وكأنهم يقولون للشعب الأردني ( أثبت أنني فاسد ) وإذا لم تستطيع الإثبات ( طق راسك بالحيط ) وسنلاحقك قانونياً إذا تجرأت على احد منا ، كل ذلك اخرج المواطن الأردني عن صبره وصمته وجعله يتكلم بما لا يحب ولا يرضى .

ولأننا أمام استحقاق دستوري وديمقراطي ، فإنني أتمنى على صاحب القرار ( تأجيلها ) وإعادة النظر في القانون الانتخابي الذي ربما يرضيني لكنه لا يرضي طيف من القوى السياسية التي أعلنت مقاطعتها الانتخابات مما سينتج مجلس نواب ( قليل الدسم ) حتى لو كانت الانتخابات نزيهة ، وبهذا سنعود حتماً إلى المربع الأول عبر خروج القوى السياسية والحزبية والشعبية المقاطعة لتلك الانتخابات وستطالب لاحقاً بحل مجلس النواب ، ولأن الوطن أكبر من الجميع ولأنه فوق كل الاعتبارات والأحزاب والحكومات ، فهنا يجب أن نضع المصلحة الوطنية العليا أمامنا ونحن مقبلين على استحقاق أما أن يخرج البلاد من أزمته أو أن يزيد ( الطين بله ) ولهذا أقول : نعم لمخالفة الدستور ، إذا كان في مخالفة الدستور استقرار البلاد ، نعم لمخالفة الدستور إذا لم يعد بالاستطاعة إعادة المجلس المنحل لدورة استثنائية غير عادية ، وذلك لتعديل قانون الانتخاب كخطوة مبدئية ستعيد ترتيب البيت الأردني من جديد ، وبحيث لا يصبح للمقاطعين أي حجة لمقاطعة الانتخابات النيابية القادمة ، فالدستور تم وضعه من اجل استقرار البلاد ، فإذا كان الدستور سيحول دون ذلك ، فنعم لمخالفته من اجل الغاية التي وضع من اجلها الدستور . وربما لو استُفتي الشعب لبارك مخالفة الدستور من اجل الحيلولة من ظلام قادم قاتم ، فتوكلوا على الله وخالفوا الدستور بمباركة شعبية .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات