الوطنية ما بين الأصلية والمقلدة .


تقوم الحكومة والأجهزة الأمني بحملة إعتقالات لمجموعة من الشباب بسبب نشاطهم " الوطني " وحراكهم ضد الفساد وتسلط الأجهزة الأمنية على البلد ، وضد التطرف الحكومي في إتخاذ القرارات التي تصيب رزق وأكل خبز المواطن ومن ثم تقوم نفس الأجهزة الأمنية التي إعتقلتهم بإطلاق سراحهم ويصبحون أبطال الحراك الأردني .
إذا هو زمن صناعة الأبطال وزمن فشل الدولة الأردنية في التعامل مع هذه الحالة من تاريخ الوطن بالعقل وبعيدا عن عقلية ألأجهزة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي والتي ما زال الكثير من رجالات الدولة الأن يتبجحون بأنهم من معتقلي سياسة تلك الفترة ، ورغم أننا نعيش بما يسمى الربيع الأردني الذي تشدقت به الحكومة منذ بدايته بأنه ربيع دائم الخضرة ونقي من الدماء كنقاء الثوب الأبيض من الدنس ، وجميع من اعتقلوا بسبب صراخهم تم إطلاق سراحهم ثاني يوم أو بعد مدة قصيرة عادوا للشارع أصلب من قبل وأقوى يحملون صفة الأبطال في معركتهم مع الدولة التي هي صنعت منهم أبطال نتيجة سوء إدارتها للملف الأمني وسوء المشورة التي قدمت لها ، وفي نفس الوقت نتيجة لطغيان التفكير الأوحد على معالجة هذا الملف .
والشيء الملفت في هذه العقلية أنها لم تفرق بين طفل وعجوز وبين عامل وسياسي ورجل أكاديمي بل جعلتهم جميعا سواء أمام معاداتهم لها ، وأصبحت دولة لا تفرق بين الأزعر والناشط والوطني في نفس الوقت وأقدمت نفس الدولة وأجهزتها الأمنية على صناعة وطنية مقنعة تعاكس هؤلاء بمائة وثمانون درجة من خلال إخراج طبقة من المواطنين تمارس مفهوم ولائها وانتمائها من خلال مواكب ومسيرات تتم تحت حراسة رجال الأمن وبمشاركتهم ( نموذج على ذلك ما نشر على مواقع اليوتيوب لمسيرة ولاء في اربد شارك بها رجال السير وبمركباتهم ) .
ومما سبق نتج لدينا في هذا الوطن نوعان من الوطنية وطنية خلقت بالفطرة ونتيجة لحجم عدم المساواة والعدل في الوطن ووطنية صنعت صنعا وكأنها علبة شوكولاته ويمكن من خلال الحملات الإعلامية الرسمية أن يتم تسويقها بأنها هي الأفضل من الوطنية الأخرى ، ويكون سؤالنا المطروح هنا .. ما هو الفرق بين ما نشاهده عبر الفضائيات لمظاهرات الولاء والانتماء في بقية دول الربيع العربي وبين ما يتم نشره وتسويقه من قبل هذه الأجهزة الأمنية والحكومية من مظاهر ولاء وانتماء ؟ ، فكلا الحالتين يتم تسويقهما كنقيض للطرف الأخر الذي يمثل الوطنية الفطرية وإن اختلفت الجغرافيا ... وهذا هو زمن صناعة الوطنية إما صناعة ذات جودة عالية وأصلية أو مواطنة ذات صناعة سيئة ومقلدة ، إذا أيهم سيقوى على الصمود أثناء استهلاكه في عمر الوطن ؟.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات