خطورة المد السياسي الايراني على المشهد الاردني


على اثر ما يمر به الاردن من صعوبات اقتصادية وتداعيات في المجال الاقتصادي المتأزم ، وتأثيراته على الوضع السياسي والاجتماعي ، بدأنا نسمع من بعض الاطراف ونقرأ لبعض الكتاب عن ضرورة توجيه الانظار نحو البوابة الشرقية للاردن وبالأخص ايران ، من خلال توطيد العلاقات الرسمية مع الجانب الايراني وفتح الباب امام الجانب الايراني في عدد من المجالات منها الاقتصادية والسياسية والدينية ( السياحة الدينية ) ، بغية الخروج من المأزق الاقتصادي وتداعياته على البنية السياسية والاجتماعية داخل الاردن ، ظنا منهم ان هذه الامر سيرفد الاردن بدعم ودخل جديد يخرجه من تداعيات الضائقة الاقتصادية ، على اثر ما يتعرض له الاردن من ضغوط سياسية من بعض الاطراف في المنطقة ومن الخارج ،
مما دعى بعض دول الخليج وربما ايضا بعض دول الغرب الى تقليص حجم المساعدات للاردن ، باستثناء بعض الودائع المشروطة بمشاريع تنموية معينة ، بحيث لا يستفاد من هذه الودائع في تغطية ولو جزء يسير من نفقات وعجز الموازنة , وربما غض النظر ولو بشكل جزئي عن معاناة النظام والحكومة الاردنية في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها الاردن وتزامنها مع الربيع العربي وما يرافقه من رياح التغيير للانظمة والحكومات المستبده في المنطقة
وان مثل هذا الطرح قد يجد قبول من الطرف الايراني ويصب في مصلحته التي تتمثل في توسيع مده السياسي في المنطقة ولاسباب عدة منها على سبيل المثال لا الحصر :-
قرب انهيار نظام الممانعة الوهمي في سوريا الذي كان يؤمن الحدود للكيان الصهيوني منذ أكثر من اربعين عام لم تطلق خلالها طلقة واحدة باتجاه الكيان الصهيوني ، رغم اغارة طائرات الكيان الصهيوني على بعض المواقع السورية مرات عديدة خلال تلك السنين
مخرجات الثورة العربية وتأثيرها على اسرائيل نتيجة لتنامي دور الاسلاميين السنة في المنطقة وتغيير الوضع على الساحة في غزة وتنامي القدرة العسكرية في غزة وامتلاكها لاسلحة متطورة وصناعتها لصواريخ جديدة يصل مداها لتل ابيب والقدس الغربية ، حيث ان غزة اليوم هي غير غزة عام 2008 وأكد ذلك عدوان اختبار القوة الاخير للكيان الصهيوني على غزة وما تمخض عنه من اتفاق هدنه بعد ثمانية ايام من بدء العدوان
سيطرة الاسلاميون السنة المتوقع على المشهد السوري وردود فعلهم المتوقعة تجاه ايران ونصر الله ، وحاجة ايران لتعديل الخلل الذي سيحدث في موازين القوة في سوريا ولبنان وعلى نفوذها السياسي بعد القضاء على النظام السوري بسبب مواقف ايران وحزب الله من الثورة السورية ودعمهم لنظام الاسد ،
التلميح لدول الخليج العربي بأن دورهم في المنطقة لن يتلاشى بسقوط نظام الاسد لاقترابهم أكثر من الحدود الشمالية الغربية ، حيث انهم بذلك يحيطون بالخليج من خلال الحدود العراقية والاردنية ، اضافة لوجودهم على الارض اليمنية من خلال الحوثيين وفي البحرين وبعض دول الخليج وان كان بنسب لا تكاد تذكر بالنسبة لعدد السكان في تلك الدول ، رغم علمهم بأن حكومة الاردن ملتزمة بمعاهدة السلام مع العدو الصهيوني ، كما هو حال نظام الممانعة السوري الوهمي بالرغم من اختلاف مواقف الدولتين وفقا لمبدء الشفافية الذي يفتقره النظام السوري بهذا الخصوص وسياسة استغفال الشعوب واللعب على وتر القضية الفلسطينية ، وكما هي ايران ايضا في اتفاقياتها السرية مع الامريكان ومع اسرائيل من خلال الامريكان ، حيث يعلم الجميع ان ايران ليس لها ناقة ولاجمل في فلسطين وكل ما يهمهما هو زيادة نفوذها ومدها السياسي في الوطن العربي وبالاخص دول الخليج العربي
ومع كل ما ذكر نقول بأن علاقة الدولة الاردنية مع دول الخليج العربي هي علاقة مقدسة ولها ما لها من الخصوصية التاريخية والدينية والسياسية ، وان من يلعب على وتر المد الشيعي السياسي ، واستبداله بالدور الخليجي في المنطقة لاعتبارات اقتصادية انما يلعب على وتر خاسر لن يجلب للمنطقة الا الويل والدمار رغم قساوة المشهد الاقتصادي الحالي في الاردن وعلى رأي المثل ( بتهرب من تحت الدلف بتقع تحت المزراب )
ونقول للاعبين على وترالمد الشيعي الايراني ان الاردن ورغم ما يمر به من صعوبات اقتصادية نتيجة لقلة الموارد وزيادة النفقات ونتيجة لتخبط الحكومات السابقة وعدم قدرتها على محاسبة الفاسدين الذين عاثوا في البلد الفساد حتى وصلت البلد الى ما وصلت اليه ، الا اننا لن نفرط بعلاقتنا التاريخية المقدسة مع دول الخليج العربي لا على المستوى الدولي ولا على مستوى الحكومات ولا على مستوى الشعوب ، ولن نسمح لانفسنا ان نسيء لدول الخليج التي كان لها ما كان من الفضل على شقيقتهم الاردن في سنين عجاف خلت وان الخير بعد الله ما زال معقود فيهم ، كيف لا وهم يحتضنون ما يزيد عن 450 الف عامل اردني عندهم ، يقدمون لاشقائهم في الخليج كل جهدهم وخبرتهم ليبقى الخليج عامرا بتقدمه وازدهاره وليبقى سندا لامته في كل المواقف والضائقات ، ويجب أن لا ننسى ان ابناءنا هؤلاء يرفدون الاردن بما لا يقل عن 2,5 مليار دينار اردني سنويا ، وان عائداتهم هذه تعادل ثلث موازنة الدولة الاردنية السنوية ان لم تكن أكثر
واقول لكل من يدق على هذا الوتر اتقوا الله في امتكم وفي بلدكم ويكفينا ما نحن فيه من خيبات أمل ، في ظل حكومات متعاقبة متهالكة متخبطة لا تقدر على تسيير اعمال الدولة في الظروف العادية ، فكيف بها ان تديرها في ظل ازمات اقتصادية خانقة تعود لاسباب داخلية وخارجية واحيانا لاسباب لا تقدر كثير من الدول الغربية المتقدمة على مواجهتها
فمن باب اولى ان تبدأ الحكومة الاردنية بتشخيص الاسباب الحقيقية التي ادت الى هذا الوضع الاقتصادي المتأزم ومن خلال مشاركة حقيقية مع كل أصحاب الخبرة المتخصصة في المجال الاقتصادي ، اضافة للقوة السياسية والاجتماعية الفاعلة والحريصة على مصلحة الاردن واستقراره ، للوصول الى انجع الحلول واسرعها في التعامل ولو على الاقل مع الاسباب الداخلية التي اوصلتنا الى ما نحن فيه ، ومن ثم يمكن تكثيف الجهود الداخلية والخارجية للتعامل مع الاسباب الخارجية ، ولكن بعد بناء جسور الثقة بين الحكومة الاردنية والحكومات الصديقة وبالاخص حكومات الدول الخليجية المؤثرة في المنطقة ، واقناعهم بنجاعة الخطط والبرامج الموضوعة لدفع عجلة الانتاج وكذلك لضبط كل اشكال الفساد المستشري في القطاع العام والخاص ومحاسبة الفاسدين ، عندها فأن الواجب الديني والتاريخي والاخلاقي وحقوق حسن الجوار وحسن انتماء دول الخليج لامتهم الاسلامية والعربية سيلزمهم بأن يقدموا كل ما هو مطلوب وضروري لمساعدة الاردن للخروج من عنق الزجاجة وبدون شروط او قيود ، ولعلمهم ايضا بأن الدعم الذي سيقدم للاردن بعد الاجراءات التصحيحية سيذهب لمكانه الصحيح وليس لجيوب المتنفذين من اللصوص والسماسرة

Smadi.mohd@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات