نبش قبر عرفات الصحوة الكذّابة


منذ أن استشهد المجاهد الفلسطيني الكبير عبد القادر الحسيني عام 1948 في معركة القسطل , لم يقتحم الذاكرة الفلسطينية قائد أخر سوى ياسر عرفات , الذي اشغل الرأي العام بحركاته وتحركاته وسياساته في حياته ومماته.
فلقد تضاربت الإشاعات كثيرا حول وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، فمنهم من رأى انه قتل بالتسمم , ومنهم من قال انه قتل نتيجة مرض غامض جاء له كمضاعفات عقب إصابته في الدماغ بعد تحطم طائرته في صحراء ليبيا قبل عشرات السنيين.
فالأطباء الفرنسيين الذين عالجوا عرفات في مستشفى بيرسي في فرنسا أكدوا أن لا وجود لأعرض التسمسم في دمه , في حين أكد بعض الأطباء التونسيين المختصين بأمراض الدم , في فحوصاتهم لعرفات بأنه مصاب بمرض تفكك صفائح الدم , وهو ما قد يكون ناجم عن تسمم دخل جسمه إما عن طريق الغاز المنبعث من الشمعة التي كان يوقدها في المقاطعة أثناء الحصار, أو نتيجة لتناول بعض الأطعمة .
فإذا كان كل الشعب الفلسطيني والكادر الطبي الذي كان يعالجه مقتنع بأن ياسر عرفات قد مات مسموما, وان وفاته لم تكن مفاجأة لهم, فلماذا إذاً يثار موضوع مقتل أبو عمار هذه الأيام ؟, ولماذا سمحت زوجته سها عرفات بنبش قبره رغم أنها هي المخولة الوحيدة حسب القانون الفرنسي بالإفصاح عن المعلومات الطبية حول وفاة زوجها والتي رفضت البوح بها الى الان ؟؟ .ولماذا لم يتم التحقيق في مقتل عرفات في حينها ؟؟؟.
لا استغرب هذا التوقيت المعلن لنبش قبر عرفات والذي يمثل نبشه اهانة عظمى له ولتاريخه الكبير وللشعب الفلسطيني بأسره , لأنه يحمل علامات خطيرة ستضع جميع القيادات حوله في موضع شك واتهام بالخيانة والعمالة للمستفيد الاوحد من مقتل اسرائيل , وهو ما تريده إسرائيل والمتحالفين معها من القيادات الفلسطينية والعربية هذه الأيام ولعدة أسباب :
أولاً : إفساد اسرائيل لفرحة الشعب الفلسطيني بما يسمونه انتصار غزة بإلهائهم في قضية مقتل زعيمهم الغامضة وزرع الشك في قلوبهم , واشعال نار الحقد فيما بينهم, فاختارت قضية نبش قبر عرفات في توقيت مهم لإغراق القيادات الفلسطينية واشغالها بتوجيه التهم لبعضها, تمهيداً لضربهم بالشعب الذي احب رئيسه حب الجنون , مما سيفقدهم هيبتهم أمام الرأي العام العالمي والفلسطيني, وايصال رسالة في الوقت ذاته لكل مكونات الشعب الفلسطيني في أن يد اسرائيل تستطيع الوصول الى اكثر الاماكن سرية وتحصناً , وهو ما اظهرته الحقائق حين اكدت اسرائيل نبأ وفاة عرفات سريرياً عبر تلفزيونها الرسمي بتاريخ 4/10/2004 , والذي نفته السلطة الوطنية الفلسطينية قبل ان تؤكده بإعلان وفاته رسمياً بتاريخ 11/10/2004.
ثانياً: أن نبش القبر قد جاء بعد التصريح الخطير لوزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني , والذي اتهمت فيه اثنان من كبار القيادات الفلسطينية المقربين لياسر عرفات صائب عريقات وياسر عبد ربه بأنهما مارسا الجنس معها عدة مرات, وقد فعلت ذلك خدمة لإسرائيل بعد أن اجاز لها كبير حاخامات اليهود هذه الفِعلة.
ثالثاً: جاء توقيت نبش القبر متزامنا مع وقف إطلاق النار بين حماس واسرائيل , الامر الذي سيعطي الرأي العام الاسرائيلي اشارة مهمة في ان جيشهم لم يهزم بل هو تكتيكي لمصلحة اسرائيل, وإن وقف اطلاق النار وعدم اجتياح غزة برياً جاء كمبادرة منها لاظهار حماس كقوة ضاربة في الارض الفلسطينية, تمهيداً لضربها بقيادات فتح في الضفة الغربية والتي ترى إسرائيل بأنها باتت هذه الايام قيادات منتهية الصلاحية , بدليل أنها بادرت لفضحها أمام الشعب الفلسطيني بقضية ليفني الجنسية والمتهم به كلا من صائب عريقات وياسر عبد ربه.
فلنحترم تاريخ الرئيس ابو عمار النضالي سواء اتفقنا معه ام اختلفنا,فلسنا الان في صدد مناقشة هذا التاريخ ,بقدر ما يجب ان نمنع القيادات المستهترة من نبش قبر زعيم تاريخي للشعب الفلسطيني للبحث عن نتائج معروفة لديهم سلفاً.
وقفة للتأمل :" لقد اصبحت القيادات الفلسطينية بموافقتها على نبش قبر ابو عمار كمَثل الدب الذي رأى ذبابة على انف صاحبه , فألقى صخرة كبيرة عليه ليقتل الذبابة , فطارت الذبابة وهوت الصخرة على رأس صاحبه فمات".



تعليقات القراء

عيد المعاني
نعتذر عن نشر التعليق
25-02-2013 08:55 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات