الحل عِند الدُوغري


بتُذكر قهوة السنترال بوسط البلد، سأل جبر، فرديت عليه أكيد وللتأكيد هي القهوة الموجودة أمام مطعم جبري والمُطلة على ساحة فيصل. نعم تلك هيّ وشو رأيك نلتقي اليوم الساعة السابعة مساءاً ... صار رديت وكان اللقاء. وبعد الجلوس إلى النافذه وطلب لوازم القعدة من شاي بالنعنع وأرجيلة تفاحتين، تنهد جبر وقال: بتعرف قصة مردوخ ... قلت لا والله، أحكيلي إياها.

روي عن يهودي إسمه مردوخ ضاقت به الدنيا فذهب إلى كبير الحاخامات ليشكي إليه الحالة المزرية التي وصل اليها لدرجة أنه أصبح يفكر بالإنتحار، وسأل: هل الإنتحار حلال ولا حرام، إفتينا يا شيخنا.
سأله الحاخام عن أوضاعه وماذا يملك من متاع الدنيا، فأجاب مردوخ بأنه يسكن وزوجته وخمسة أولاد وأمه العجوز في بيت من غرفتين ومنافع وحوش ولديه حِمار وبقرة وثلاث عنزات. فقال له الحاخام أريد منك أن تتبع تعليماتي بدقة حتى تتحسن أحوالك فوافق مردوخ على ذلك.

وقال له الحاخام أريد منك أن تُدخل الحمار للبيت وأن تعود لي بعد عشرة أيام. إستجاب مردوخ لأوامر الحاخام، وما أن انقضت المدة المقررة حتى أسرع مردوخ إلى الحاخام شاكياً من تردي أوضاعه، فالحمار كبير وحركته معاقطة وبوله نتن وبرازة خشن. فقال له الحاخام عليك يا مردوخ أن تُدخل العنزات الثلاثة إلى البيت وتعود لي بعد عشرة أيام، فصاح مردوخ: أرجوك، فنحن لا نكاد نجد مكاناً لنا وللحمار في البيت، فكيف سيكون الحال مع العنزات الثلاث. رد الحاخام بحِكمة:

نفذ ما إتفقنا عليه يا مردوخ. وبتثاقل خرج مردوخ ونفذ ما طُلب منه وأصبح يعد الأيام والساعات والدقائق لتنقضي الأيام العشرة ليعود مُسرعاً لشيخه شاكيا باكياً من سوء الوضع الذي هم فيه. طبطب الحاخام على ظهره وقال: عليك أن تُدخل البقرة للبيت وأن تعود لي بعد عشرة أيام أخرى، فكاد أن يفقد مردوخ صوابه وأن يتراجع عن الشكوى إلا أنه إرتضى الإمتثال لطلب الحاخام لعل وعسى أن يجد ضالته في حكمة الحاخام الورع.

وما أن مضت الأيام العشرة بشِق الأنفس والصراخ والعويل حتى هرع مردوخ إلى الحاخام وقد اقترب من الجنون من شدة المعاناة التي مر بها. ولمّا سأله الحاخام عن حالته حتى إنهار أمامه باكيا شاكيا متوسلا ليخرجه من هذه الحالة المُزرية. وهنا أخبره الحاخام بأن يقوم بإخراج البقرة من البيت ويعود له بعد عشرة أيام، فأسرع مردوخ إلى البيت شاحطاً البقرة للخارج، وسرعان من احتل الأطفال مكانها ومدت الختيارة عكازها، وعاد إلى الحاخام بعد إنقضاء المدة وقبل أن يسأله الحاخام ... صاح قائلاً: وين كنّا وين صِرنا يا سيدنا، الوضع أحسن يا شيخ، ولكن ...

وقبل أن يُكمل طلب منه الحاخام أن يذهب ويخرج الحِمار من المنزل وليعود إليه بعد عشرة أيام. فأسرع مردوخ يشد الحِمار من أذنيه والأولاد يدفعون من الخلف والختيارة تنكزه بعكازها، والحمار متشبث بالأرض، إلى أن تمكنوا من جره الى الخارج. تنفس أهل الدار الصعداء وأسرع مُعيلهم إلى الحاخام بعد الأيام العشرة بعد أن سكنوا في المنزل بدون البقرة والحِمار ... وعلى الرغم من وجود الثلاث عنزات في ضيافتهم.

إرتسمت إبتسامة ماكرة على وجهه الحاخام وقبل السؤال عن وضعه، أفاد مردوخ بأن وضعه في تحسن مستمر ... ولكن، بقيت مشكلة العنزات يا سيدنا، وحينها قال الحاخام: عليك إخراج العنزات الثلاثة من المنزل كل واحدة بعد عشرة أيام من الأخرى وأن ترجع إلي بعدها، وقبل أن يكمل الحاخام كلامه أطلق مردوخ رجليه للريح ليشحط العنزة من رقبتها إلى خارج المنزل تلو الأخرى بالفارق الزمني المتفق. وما أن انقضت الثلاثين يوماً حتى عاد إلى الحاخام فرحاً مرحاً راكعاً أمام قدميه ليقبلها شاكراً له لتحسن حالته.

طيب شو جاب هالقصة على بالك يا جبر ... بدك الدُوغري .... لا ياسيدي، ما بدي إياه قلت لجبر. يا إنسان بقصد الحكي الدُوغري مش ... الرئيس الدُوغري، إذا هيك تفضل، قلت لجبر. أنا جبتك لهون حتى تعرف أنه الحل عند الدوغري.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات