بقعة سوداء


لازال الموقف من قرار الحكومة برفع الدعم عن المحروقات عرضة للجدل بين صواب القرار وحتمية اتخاذه، وبين إمكانية الرجوع عنه تحت ضغط الشعب المدفوع بالعفوية من جهة، وبفعل ضغط التيارات السياسية المعارضة لهذا القرار من جهة أخرى، وفي كل الأحوال يتحمل المواطن الذي اندفع معارضا للقرار بعفوية، نتيجة التخريب الذي لحق بالممتلكات العامة والخاصة، دونا عن الجميع، والسبب في ذلك عدم وجود مرجعية لهؤلاء المواطنون، الذين خرجوا للشارع لتتحدث باسمهم، أو تعرض وتدافع عن وجهة نظرهم المعروفة مسبقا، والتي لا يوجد لديهم شيء يفاوضوا عليه، سوى التراجع الحكومي الفوري عن قرار رفع الدعم، أو لهم الحرية بالبقاء في الشارع، وعلى الدولة أن تتحمل نتائج إصرارها على قراراتها.
أما بالنسبة للتيارات السياسية، فالناطقون باسمها يشجبون أي أعمال تخريبية، ويتمسكون بحقهم في التظاهر والتعبير عن الرأي، وأي استغلال لموقفهم هذا من قبل أي خارجون على القانون لتنفيذ أعمال تخريبية هم ليسو معنيين به، وهذا الموقف أيضا تشاطرهم به نقابة المعلمين، التي سارعت بإعلان الإضراب عن العمل، لحين تراجع الحكومة عن قراراتها برفع الدعم، مع أن القرار ليس له صلة بالعملية التعليمية من بعيد أو قريب، إلا أن شريحة المعلمين سيطالهم ما يطال باقي شرائح المجتمع الأردني، وهذا القرار بدورة أدى إلى إحداث مشكلة اكبر من تلك التي اختلقتها الحكومة.
فإذا كانت الحكومة اضطرت لاتخاذ قرار مصيري حاسم، مدفوعة بضغوط داخلية وخارجية، حتمت عليها الدخول في دائرة التماس المباشر بقوت المواطن، مع الأخذ على عاتقها تحمل مسؤولياتها تجاه المواطنين الأكثر حاجة للدعم، بتقديم دعم مادي يعوض جزئيا فروق الدعم المقدم على المشتقات النفطية، وتحميله جزء من عبء الدعم الحكومي، يصل في نهاية المطاف لتحمل المواطن فرق أسعار عام يقدر بـ 5%، يعتبر مساهمة إجبارية منه مع الحكومة لتجنيبها الوقوع في مشاكل اقتصادية تعجز معها من القيام بالتزاماتها وواجباتها المطلوبة منها، أما المؤسسات الوطنية والشعبية، فقد أدخلت البلاد في دائرة التخريب والفوضى، مع الإصرار على عدم تحمل النتائج أو حتى الاعتراف بالمسؤولية غير المباشرة عنها، على اعتبار أنها من وفر الفرصة المناسبة للمخربين لتحقيق أغراضهم الشخصية، والتي انعكست إلى بقعة سوداء في ثوب هذا الوطن، تمثلت بالقتل، والتخريب، والسرقة، وقطع الطريق.
المسؤولية في الحفاظ على المكتسبات والمقدرات الوطنية هي مسؤولية الجميع بلا استثناء، فحري بنا جميعا المحافظة على الممتلكات، سواء كانت عامة أو خاصة، فهي في النهاية منا جميعا، ولنا جميعا، والانجرار وراء الفوضى نحن جميعا من سيدفع ثمنه، شعب، وحكومة، وملك.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات